المؤتمر الصهيوني العالمي يفتتح أعماله في إسرائيل وسط خلافات عميقة حول «من هو اليهودي؟»

قلق من انقراض اليهودية ونقاش حول تشويه «دولة هرتسل»

TT

افتتح في اسرائيل، أمس المؤتمر الصهيوني العالمي، الذي جاء ليعرب عن تضامن يهود العالم مع اسرائيل في حربها الحالية ضد الفلسطينيين، لكنه وجد نفسه غارقاً في خلافات جوهرية حول تحديد «من هو اليهودي» وحول اسباب «تشويه طابع دولة اسرائيل» كما كان ابو الصهيونية، ثيودور هرتسل، قد خطط لها قبل اكثر من قرن.

وكان المبادرون للمؤتمر من قادة الوكالة اليهودية ورؤساء التنظيمات اليهودية اليمنية في الولايات المتحدة وفرنسا وحكومة اسرائيل، قد خططوا لعقد المؤتمر منذ عدة أشهر. وتم تأجيل موعده عدة مرات بسبب الخلافات حول بنود البحث فيه. وتقرر في النهاية ان تطرح كل المواضيع ويكون النقاش حولها مفتوحا. والمتوقع ان يكون هناك اتفاق شامل في التضامن مع اسرائيل في حربها ضد «الارهاب الفلسطيني» من جهة وفي الوقوف ضد اللاسامية والاعتداءات التي يتعرض لها اليهود في اوروبا وكذلك في الدعوة للسلام. لكن الخلافات حول هوية اليهودية ومصير اليهود بات يغطي على الهدف الاصلي من هذا المؤتمر.

وتدور الخلافات بالاساس حول الموقف الاسرائيلي الرسمي من القادمين الجدد الذين يعتبرون انفسهم يهودا، لكن المؤسسة الدينية المدعومة من المؤسسة الرسمية، لا تقبلهم. وتعتبرهم غير يهود. واولئك هم ابناء العائلات المختلطة وكذلك الذين اعتنقوا اليهودية حسب شروط التيار الاصلاحي في الدين اليهودي. يذكر ان التيار الارثوذكسي، المسيطر على المؤسستين الدينية والرسمية في اسرائيل، لا يعترف باليهودي الا اذا كانت امه يهودية. ومن يريد اعتناق اليهودية يجب ان يمر في مسيرة طويلة مليئة بالمعاناة وبالامتحانات القاسية، التي يفشل الكثيرون في عبورها بنجاح. وقد نشرت في اسرائيل، اخيرا، احصاءات عززت موقف هذا التيار. اذ كشفت ان 10% من سكان اسرائيل غير العرب، ليسوا يهودا. وان نسبة اليهود حاليا فقط 72%. وانه خلال ست سنوات فقط سيتساوى عدد اليهود وغير اليهود في فلسطين ما بين البحر والنهر. وبعد سنة 2008 سيبدأ هذا التوازن بالخلل، وسيزيد عدد غير اليهود (من العرب والاجانب) عن عدد اليهود.

ويعتبر هؤلاء غير اليهود ليس فقط العرب وليس فقط المسيحيين الاجانب، بل حوالي 300 الف انسان يعتبرون انفسهم يهودا ويمارسون الطقوس الدينية اليهودية بالكامل ويؤدون الخدمة العسكرية الاجبارية. والكثيرون منهم من اب يهودي او من جد او جدة يهودية.

ويصر التيار الارثوذكسي على رفض يهودية هؤلاء ويطالبون الحكومة بتغيير «قانون العودة»، الذي بموجبه يصل اليهود من الخارج ويحصلون على جنسية اسرائيلية حال صعودهم الى الطائرة في الطريق الى تل ابيب. ويقود هذا الاتجاه في الحكومة وزير الداخلية، ايلي يشاي، زعيم حزب «شاس» (لليهود الشرقيين المتدينين) الذي يشكك في اخلاص حتى الجنود منهم للدولة العبرية. ويسانده تيار واسع من اليمين العنصري وغير الصهيوني.

ومقابل هؤلاء، يقف العلمانيون بمعظم تياراتهم السياسية (من الليكود وحزب العمل فاحزاب اليسار واحزاب المركز والليبراليين) الذين يرون في موقف التيار الارثوذكسي ضربة مدمرة تهدد بانقراض اليهود. ويقول هؤلاء ان نسبة التكاثر الطبيعي لليهود في اسرائيل والعالم لا تزيد عن 1.2%، وهي نسبة منخفضة للغاية. والمفروض ان تكون 2.2% على الاقل من اجل ضمان استمرارية اليهود وزيادة عددهم. فبدلا من ان تعمل اسرائيل، الرسمية والدينية، على تشجيع اليهودية بكل تياراتها وقبول من يعتبر نفسه يهوديا، تعمل على اخراج مجموعة ضخمة من اليهود من صفوف اليهودية.

وبذلك تقلص عددهم اكثر واكثر.

يذكر ان هذا النقاش دائر في اسرائيل منذ تأسيسها، وبسببه لم يقر بعد القانون المعروف باسم «من هو يهودي». ويقول العلمانيون ان اسرائيل التي حلم بها مؤسس الصهيونية هرتسل، باتت مشوهة اليوم، و«لو كان هرتسل يعرف ان دولته ستخضع لسيطرة التيار الديني الارثوذكسي، لكان فضل ان لا يحلم بها».