دعوة بوش لإقصاء عرفات لا تلقى استجابة دولية

إجماع على تأكيد حق الفلسطينيين في اختيار زعمائهم وتأييد لإقامة دولة فلسطينية

TT

رحب الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان بتأكيد الرئيس الاميركي جورج بوش على رؤيته لدولة فلسطينية تقوم جنبا الى جنب اسرائيل، لكنه قال ان مسألة اختيار القيادة الفلسطينية شأن يخص الشعب الفلسطيني.

وقال فريد ايكهارد المتحدث باسم أنان «مسألة من ينبغي أن يقود الشعب الفلسطيني مسألة لا يحسمها احد سوى الشعب الفلسطيني». واضاف قوله ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات «لا يزال زعيمهم والفلسطينيون هم الذين سيقررون من خلال الانتخابات الحرة التي اعلن عنها بالفعل من سيقودهم في المستقبل».

وقال ايكهارد ان أنان اشار الى ان الشعب الفلسطيني انتخب عرفات زعيما له بحرية في انتخابات عام 1996 التي «اشاد بها المجتمع الدولي». واضاف ان الامين العام يتطلع الى اجراء محادثات جديدة مع الاطراف والزعماء الاقليميين وما يسمى اللجنة الرباعية للوسطاء في ازمة الشرق الاوسط لتحديد الخطوات التالية نحو تحقيق رؤية بوش «لدولة فلسطينية لها مقومات البقاء ومصداقية.. والامن لاسرائيل».

وفي بيان مقتضب اختيرت فيه الكلمات بكل دقة اعرب انان عن ارتياحه لتأكيد بوش من جديد على «ان تكون نتيجة عملية السلام في الشرق الاوسط قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات مصداقية على اساس القرارين 242 و338 لمجلس الامن الدولي وعلى امن اسرائيل».

ودعا الامين العام «الاسرائيليين والفلسطينيين الى التحلي بالشجاعة السياسية للتوصل الى حل في غضون ثلاثة اعوام» واستبدال اتفاق يسمح للدولتين «بالتعايش جنبا الى جنب في امن وسلام بالاحتلال الإسرائيلي القائم منذ عام 1967».

وفي بروكسل قال أمس خافيير سولانا منسق الشؤون الخارجية للاتحاد الاوروبي ان اختيار القيادة أمر يرجع للفلسطينيين، لكنه تجنب في كلمته الاشارة للرئيس الفلسطيني. فيما اعتبرت المفوضية الاوروبية انه يعود للفلسطينيين ان «يحددوا تمثيلهم على اعلى مستوى»، في حين اعلن الناطق باسم المفوض الاوروبي للشؤون الخارجية كريس باتن خلال مؤتمر صحافي انه «يعود بالطبع للشعب الفلسطيني ان يحدد تمثيله على اعلى مستوى».

ورحب سولانا بالكلمة التي ألقاها بوش بشأن الشرق الاوسط وقال ان الاتحاد الاوروبي يشاركه الرأي فيما يتعلق بضرورة وجود دولتين تعيشان جنبا الى جنب في أمن وسلام.

وبشأن اختيار الزعماء الفلسطينيين قال سولانا ان المسألة ترجع للشعب الفلسطيني نفسه. وقال ان عقد مؤتمر دولي، كما اتفقت هذا العام الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة «ضروري الآن أكثر من أي وقت مضى». ولم يذكر بوش مسألة عقد مؤتمر للسلام في كلمته.

وتابع سولانا ان الاتحاد الاوروبي يشاطر الولايات المتحدة «الهدف الجوهري ذاته» في الشرق الاوسط وهو «رؤية دولتين تعيشان جنبا الى جنب بسلام وامن». واضاف «اننا متفقون على شرطين اساسيين للتوصل الى هذا الهدف هما وضع حد للارهاب وانهاء الاحتلال».

من جانبها أعربت فرنسا أمس عن ارتياحها بشكل عام للخطاب الذي القاه بوش حول الشرق الاوسط ولكنها اعربت في ذات الوقت عن تحفظاتها حول اقصاء عرفات. وقال وزير الخارجية الفرنسي دومينيك فيلبان امام الصحافيين في القدس التي زارها أمس «ان خطاب الرئيس بوش يتطايس بع اهداف فرنسا والاتحاد الاوروبي عندما يتحدث عن دولتين تعيشان جنبا الى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها».

وتابع ان «الاصلاحات ضرورة ايضا. انها نقطة نتفق عليها جميعا وسأقول ذلك للرئيس الفلسطيني».

وكان فيلبان قد التقى رئيس وزراء اسرائيل ارييل شارون ونظيره شيمعون بيريس في القدس المحتلة قبل أن ينتقل إلى رام الله لمقابلة عرفات. وقال الوزير الفرنسي «في هذا الاطار فان الانتخابات الفلسطينية مهمة، لكن الفلسطينيين وحدهم هم من يجب ان يختاروا قياداتهم».

وفي لندن رحبت بريطانيا أمس بكلمة بوش بشأن الشرق الاوسط، لكنها قالت ان الشعب الفلسطيني هو الذي يجب أن يختار زعيمه. وقال الناطق باسم رلال الوزراء توني بلير خلال مؤتمر صحافي «اننا نرحب بخطاب (بوش) وبالالتزام الذي ينم عنه من جانب الادارة الاميركية». وأضاف «نقول دائما ان الشعب الفلسطيني هو الذي يجب أن يختار زعيمه». وذكر الناطق «ان النقطة الاساسية هي في وجود شخص يكون قادرا على تمثيل افكار الرأي العام الفلسطيني، شخص يكون قادرا على دعمها ووضعها موضع التنفيذ».

وفي بكين رحبت الصين بمساعي بوش من اجل الدفع بعلمية السلام في الشرق الاوسط، فيما استمرت في الوقت ذاته في دعم القيادة الفلسطينية بزعامة عرفات.

واعلن الناطق باسم وزارة الخارجية ليو جيانشاو في لقاء مع الصحافيين «ان الصين تأمل وتعتقد ان فلسطين ستتمكن بسرعة من إعادة بنائها وتعرب عن الامل في ان تتمكن الحكومة الفلسطينية الجديدة بقيادة الرئيس عرفات من العمل بفعالية اكبر».

وفي رد على سؤال حول الخطاب الذي القاه بوش قال ليو ان الصين تؤيد فيه الفكرة العامة. واضاف «ان الصين تحيي مساعي الرئيس بوش والحكومة الاميركية من اجل الدفع بعملية السلام». واعرب عن الامل في ان تساهم خطة السلام الجديدة في حل النزاع واستئناف مفاوضات السلام بين الطرفين». واكد ليو «ان الشعب الفلسطيني انتخب الرئيس عرفات واعترفت به الاسرة الدولية».

وفي روما، رأى مسؤول ايطالي أمس ان دعوة بوش لإقصاء عرفات تتضمن «مجازفة كبيرة» لانها تهدد وحدة الاسرة الدولية. واعلن مساعد وزير الدولة للشؤون الخارجية الفريدو مانتيكا «ان خطاب بوش يشكل مجازفة كبيرة لانه قد يعرض للخطر المجموعة الرباعية» التي تضم الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا والامم المتحدة والتي تعمل في سبيل ايجاد حل للازمة في الشرق الاوسط.

واضاف ان «المشكلة هي ان بوش قال بطريقة واضحة ان على عرفات ان يغادر. وهذا ما سيضع بوش في حالة صعبة مع عدد كبير من الحكومات الاوروبية التي لها رأي آخر. نحن الايطاليين بالذات كررنا ان عرفات هو الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وان الشعب الفلسطيني وحده يمكن ان يختار ممثله».

وفي فيينا، اعلن المستشار النمساوي ولفغانغ شويسل أمس انه لا يمكن اختيار قادة الفلسطينيين بالنيابة عن الشعب الفلسطيني. وقال شويسل «ان كل شعب يختار قيادييه بنفسه»، مضيفا «اعتبر انه لا يمكننا ان نختار من الخارج قيادة منتخبة ديمقراطيا».

وفي كوبنهاغن حيا وزير الخارجية الدنماركي بير ستيغ مولر أمس خطاب بوش، معبرا عن «دعم الدنمارك لهذا الالتزام الاميركي الجديد الضروري من اجل المضي قدما نحو حل لنزاع الشرق الاوسط». وقال مولر (محافظ) في تصريح لوكالة الانباء الدنماركية «امر جيد ان تلتزم الولايات المتحدة في المنطقة، ولا سيما من اجل المساعدة على قيام دولة فلسطينية، وحمل عرفات على الوفاء بوعده بالديمقراطية».

وفي استوكهولم، اعتبرت وزيرة الخارجية السويدية آنا ليند أمس ان دعوة بوش لتغيير القادة الفلسطينيين غير مقبولة. وقالت ليند ان الطلب «ليس مقبولا لجهة القانون الدولي ولا حكيما من وجهة نظر سياسية».

وأعلنت موسكو الرسمية عن تأييدها للخطة التي اعلنها الرئيس الاميركي بشأن اقامة الدولة الفلسطينية وانسحاب اسرائيل الى حدود عام 1967. وفي تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» قال الكسندر ياكوفينكو المتحدث الرسمي باسم الخارجية الروسية ان «موسكو تابعت باهتمام شديد تصريحات الرئيس بوش بشأن موضوع الشرق الاوسط ونرى انها حيوية التوقيت ولا سيما في ظل ما يجري من تطورات معقدة في الشرق الاوسط. وسوف ندرس بعناية ما قيل بهذا الشأن وان كانت بعض العناصر التي اشار بوش اليها تتفق مع الموقف الروسي وخاصة بصدد وقف الاحتلال وحركة الاستيطان، وتحقيق التسوية السلمية استناداً الى القرارين 242 و338 ومحاربة الارهاب واصلاح السلطة الوطنية الفلسطينية وهو ما سبق ان أشارت اليه روسيا».

اما عن محاولات اقصاء الرئيس عرفات التي لمح اليها بوش، قال ياكوفينكو: «ان الرئيس لم يشر صراحة الى عرفات بل تحدث عن الانتخابات الديمقراطية. وعلى قدر علمي كان عرفات قد اعرب عن تقديره لتصريحات الرئيس بوش. وعموما فهناك عدد كبير من العناصر التي سيجري بحثها في اطار «الرباعي الدولي» انطلاقاً من البيان المشترك الصادر عن القمة الروسية ـ الاميركية الاخيرة التي جرت في موسكو».

وكان يفجيني بريماكوف رئيس الحكومة الأسبق قد تناول هذه القضايا في حديثه الذي خص به «الشرق الأوسط»، مشيراً الى ان العنصر الأساسي لخطة بوش يكمن في موافقة الولايات المتحدة بل واعلانها لمبدأ اقامة الدولة الفلسطينية. وقال بريماكوف «ان الامور في السابق اتسمت بالكثير من الغموض، وتراوحت التصريحات بين التأييد والمعارضة ولا سيما اذا كان الأمر يرتبط بالسياسة الاسرائيلية والزعم بأن اسرائيل ترد على العمليات الارهابية. لكن وفي واقع الامر كان ذلك حلقة مفرغة ولا يعرف احد من هو الارهابي ومن هو غير الارهابي فيما كانت العمليات الارهابية تصدر عن الجانبين وهو امر لا يخدم القضية».