زعماء الكونغرس يشيدون بخطة بوش للسلام في الشرق الأوسط لكن مسؤولون سابقين يأخذون عليه بقاءه في إطار العموميات

الإعلام الأميركي وصف الخطاب «بخارطة طريق غير مؤكدة» نحو السلام و«خطة بدون خارطة» و«مقاربة من جانب واحد»

TT

أعرب الكونغرس الاميركي عن تأييده لما تضمنه الخطاب الذي القاه الرئيس جورج بوش اول من امس، وطرح فيه رؤيته لاحلال السلام في الشرق الأوسط، لكنه في نفس الوقت اعرب عن الاعتقاد بأن الخطاب والرؤية التي وردت فيه، ليسا الا بداية لعملية صعبة ومعقدة، وربما لا نهاية لها، وانه يجب على كل الاطراف المعنيين بالسلام في الشرق الأوسط، ان يقوموا بما في وسعهم للتوصل الى السلام.

وجاء تأييد الكونغرس في التصريحات التي أدلى بها الزعماء والقادة الجمهوريون والديمقراطيون بعد الخطاب، واشادوا فيها بما أعلنه الرئيس خصوصا في ما يتعلق بضرورة تغيير القيادة الفلسطينية، عبر انتخاب قيادة جديدة، تحل محل قيادة الرئيس ياسر عرفات.

ويعتبر دعم الكونغرس للخطاب غير مفاجئ، خصوصا في هذا الموسم الانتخابي الذي يتنافس فيه الجمهوريون والديمقراطيون على كسب ود وتأييد ودعم جماعات الضغط اليهودية الاميركية، ومؤيدي اسرائيل في الولايات المتحدة.

وقال السناتور جوزيف بايدن (ديمقراطي) رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ «ان الخطة التي اعلنها الرئيس حملت المسؤولية لمن يجب ان تقع عليه، وهم الفلسطينيون لينهوا الارهاب، وليقوموا باصلاح المؤسسات، وانتخاب قيادة جديدة». وحسب بايدن «فان تنفيذ هذه المطالب عاجلا افضل من تنفيذها آجلا، لأن ذلك سيعجل في التوصل الى تسوية سلمية تشمل قيام دولة للفلسطينيين، وتوفر الامن للاسرائيليين».

من جهته، اشاد السناتور توم راشيل، زعيم الاغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، بخطاب الرئيس بوش «والرؤية الواضحة التي جاءت فيه»، وما تضمنه من عناصر اخرى، وقال ان معظم ما جاء في الخطاب «كنا قد دعونا اليه» منذ فترة. واضاف «ان خطة الرئيس بوش، كما ندرك، ليست إلا بداية لعملية صعبة ومعقدة وطويلة، قد لا تكون لها نهاية».

من ناحية ثانية، قال دينيس هاستريت (جمهوري) رئيس مجلس النواب «ان الرئيس بوش في دعوته الى انهاء الارهاب، ووقف الفساد في اجهزة السلطة الفلسطينية، واصلاح تلك الاجهزة وانتخاب قيادة جديدة، ودعوته الى قيام دولة فلسطينية، هي دعوة تمثل المنطق والصواب». من جهته، قال النائب هنري (هايد) رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب «ان الرئيس بوش في خطابه ورؤيته يسعى بحكمة الى تغيير الاشياء في منطقة الشرق الأوسط، ودينامية العنف في الازمة الراهنة من خلال اطار التسوية الذي طرحه في الخطاب». وزاد النائب هايد قائلا «ان بوش يدعو الى تطبيق خطة مارشال معدلة تتلاءم مع منطقه لمعالجة مشكلة الفقر واليأس والحرمان، بعد المآسي الطويلة»، مشيرا الى خطة مارشال التي قادتها الولايات المتحدة لاعادة إعمار اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

أما السناتور ترينت لوت، زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، فقال مؤيدا لخطاب الرئيس، ان الخطاب «كان رسالة واضحة وقوية للفلسطينيين فحواها ان الطريق الى السلام لا يكون عبر الارهاب بل عبر مفاوضات جادة وصادقة، والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود».

وقال السناتور الديمقراطي المشهور بتأييده لاسرائيل وهو جوزيف ليبرمان، انه يشعر بالسعادة لعودة الرئيس بوش للمشاركة بفعالية، وطرح رؤية محددة لاحلال السلام. لكن ليبرمان قال ان الخطاب لم يوضح حدود الدولة الفلسطينية الانتقالية، وانه «شعر بخيبة امل لان الرئيس لم يعلن عن ايفاد وزير الخارجية باول الى المنطقة، الامر الذي رد عليه مسؤول في الادارة لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «ان زيارة باول ستتم قريبا، وان اتصالات ومشاورات تجري لاطلاع كل المعنيين و«تبادل الآراء معهم حول ما اعلنه الرئيس».

اما النائب الجمهوري توم ديلاي، وهو من اشد انصار اسرائيل، فقال: ان الرئيس بخطابه «اوضح قيادة وزعامة قوية، بقوله ان الطريق الى السلام لا يمر عبر قيادة الرئيس عرفات». وقال السناتور الديمقراطي جون كيري، الذي قد يخوض انتخابات الرئاسة المقبلة ضد الرئيس بوش، مقللا من اهمية خطاب بوش «ان ما قام به الرئيس هو خطوة من اجل القيام بخطوة فقط». وكان هذا السناتور، المناصر لاسرائيل، الصوت الوحيد الذي شذ عن الاتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين على ما جاء في خطاب الرئيس.

وقال النائب الديمقراطي ريتشارد غيبهارت، زعيم الاقلية الديمقراطية في مجلس النواب، ان خطاب بوش «واضح وجيد، ولكنه يجب على الادارة ان تضاعف وتكثف من مشاركتها في جهود السلام لتغيير الواقع على الارض في منطقة الشرق الأوسط».

اما النائب الديمقراطي توم لانتوس، الذي يزيد ولاؤه لاسرائيل، ربما على ولاء رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون نفسه، فقد قال «ان على الاتحاد الاوروبي والدول العربية ان تنضم الى الولايات المتحدة في تطبيق ما دعا اليه الرئيس بوش وهو المجيء بقيادة فلسطينية جديدة واصلاحات ديمقراطية» في اجهزة السلطة الفلسطينية.

وعلى صعيد آخر، اعرب عدد من المسؤولين الاميركيين في ادارات سابقة، جمهورية وديمقراطية، عن خيبة الامل من الخطاب، لأنه حسب قولهم، لم يتضمن آلية للتنفيذ، وبقي في اطار العموميات، وطلب من طرف (الفلسطينيين) اكثر مما طلب من الطرف الآخر (اسرائيل).

أما على صعيد وسائل الاعلام، فقد قوبل الخطاب بأسلوب يميل الى الانتقاد اكثر منه الى المديح او الاشادة في معظم الصحف الرئيسية الكبرى التي قالت ان ما ورد في الخطاب هو «مقاربة من جانب واحد». ففي افتتاحيتها الرئيسية قالت صحيفة «الواشنطن بوست»، ان الخطاب القوي الذي ألقاه الرئيس حول الشرق الأوسط يتضمن خارطة طريق الى السلام «غير مؤكدة»، وان على الرئيس ان يطرح العديد من الموضوعات، وان يجيب على الكثير من الاسئلة التي لا تزال في حاجة الى الاجابة، خصوصا تلك المتعلقة بالقضايا الرئيسية. وقالت: ان الرئيس اذا لم يعمل لتنفيذ طلبه بشأن تغيير القيادة الفلسطينية، وغير ذلك، فان الخطر سيتفاقم وسيزداد العنف، وسيوضع خطابه في الارشيف.

أما صحيفة «نيويورك تايمز»، فقالت ان ما طرحه الرئيس في خطابه هو «خطة دون خارطة». وقالت: ان الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني في حاجة الى خارطة طريق يبدو فيها ان ما يقدمه اي طرف من تنازلات يقابله تنازل من الطرف الآخر. واضافت ان الخطاب بالنسبة لهذه النقطة لم يقدم الشيء الكثير. وقالت ان الرئيس بوش يبدو وكأنه لا ينتظر شيئا فوريا من الاسرائيليين مستبعدا اي تحسن في احوال الفلسطينيين الحياتية والمعيشية ما دام عرفات في السلطة.

ومن جانبها اعتبرت صحيفة «وول ستريت جورنال» خطاب الرئيس بوش بأنه قفزة قوية للدبلوماسية الاميركية في الشرق الأوسط. وقالت ان الرئيس بوش اذا اراد ان يتحول خطابه الى حقيقة فعلى الولايات المتحدة ان تصر وتلح على اجراء انتخابات حقيقية.