نص خطاب بوش

TT

«لزمن طويل عاش مواطنو الشرق الاوسط وسط الموت والخوف. كراهية قلة تحتجز آمال الكثرة رهينة. قوى التطرف والارهاب تحاول قتل التقدم والسلام بقتل الابرياء.

وهذا يلقي بظلال قاتمة على منطقة بأسرها. من اجل الانسانية كلها يجب ان تتغير الامور في الشرق الاوسط. يستحيل ان يعيش المواطنون الاسرائيليون في رعب، ويستحيل ان يعيش الفلسطينيون في فساد سياسي واحتلال.

والموقف الراهن لا يبعث امالا بتحسن الحياة. سيظل المواطنون الاسرائيليون يقعون ضحايا للارهابيين ومن ثم فستظل اسرائيل تدافع عن نفسها. وسيزداد وضع الشعب الفلسطيني بؤسا اكثر فأكثر. رؤيتي هي لدولتين تعيشان جنبا الى جنب في سلام وأمن. وليس هناك من سبيل الى تحقيق هذا السلام حتى تكافح كل الاطراف الارهاب. ومع ذلك ففي هذه اللحظة الحرجة اذا تجاوزت كل الاطراف الماضي وانطلقت في طريق جديد فاننا نستطيع التغلب على الظلام بنور الامل. السلام يتطلب قيادة فلسطينية جديدة ومختلفة، حتى يمكن ان تولد دولة فلسطينية. انني ادعو الشعب الفلسطيني الى انتخاب زعماء جدد لا يدمغهم الارهاب. ادعوهم الى بناء ديمقراطية حقيقية تقوم على التسامح والحرية. اذا سعى الشعب الفلسطيني بفاعلية نحو هذه الاهداف فان اميركا والعالم سيساندان جهوده. اذا حقق الشعب الفلسطيني هذه الاهداف فسوف يتمكن من التوصل الى اتفاق مع اسرائيل ومصر والاردن بشأن الأمن وغيره من الترتيبات من اجل الاستقلال.

وحينما تكون هناك قيادات جديدة للشعب الفلسطيني ومؤسسات جديدة وترتيبات امنية جديدة مع جيرانه فان الولايات المتحدة ستؤيد قيام دولة فلسطينية تكون حدودها وجوانب معينة من سيادتها مؤقتة الى حين الاتفاق عليها في اطار تسوية نهائية في الشرق الاوسط.

كلنا علينا مسؤوليات فيما ينتظرنا من عمل. الشعب الفلسطيني موهوب وكفء وانا واثق انهم يستطيعون تحقيق ميلاد جديد لأمتهم.

لن تقوم الدولة الفلسطينية ابدا بالارهاب. سوف تبنى من خلال الاصلاح، ويجب ان يكون الاصلاح اكثر من مجرد تغيير شكلي او محاولة مغلفة للحفاظ على الوضع الراهن. وسوف يتطلب الاصلاح الحق مؤسسات سياسية واقتصادية جديدة تماما تعتمد على الديمقراطية واقتصاديات السوق والتحرك لمكافحة الارهاب.

واليوم المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب ليست له سلطة وتتركز السلطة في ايدي نفر قليل لا يمكن محاسبته. ولا يمكن لدولة فلسطينية ان تخدم مواطنيها الا بدستور جديد يفصل سلطات الحكومة.

ويبنغي ان تكون للبرلمان الفلسطيني السلطة الكاملة لمجلس تشريعي. ويحتاج المسؤولون المحليون ووزراء الحكومة الى سلطة خاصة بهم والاستقلال ليحكموا بكفاءة.

ستعمل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والدول العربية مع الزعماء الفلسطينيين لانشاء اطار دستوري وديمقراطية فاعلة للشعب الفلسطيني. وستعمل الولايات المتحدة الى جانب اخرين في المجتمع الدولي على مساعدة الفلسطينيين في تنظيم ومراقبة انتخابات محلية متعددة الاطراف نزيهة بحلول نهاية العام يتبعها انتخابات عامة.

يعيش الشعب الفلسطيني اليوم في حالة ركود اقتصادي زاده الفساد الرسمي سوءا. وستحتاج الدولة الفلسطينية لاقتصاد نشط يلقى فيه القطاع الخاص النزيه تشجيعا من حكومة نزيهة.

وتقف الولايات المتحدة والجهات الدولية المانحة والبنك الدولي على اهبة الاستعداد للعمل مع الفلسطينيين في مشروع كبير للاصلاح الاقتصادي والتنمية. والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي مستعدون للاشراف على الاصلاحات في الشؤون المالية الفلسطينية وتشجيع الشفافية والتدقيق المستقل. وستزيد الولايات المتحدة وشركاؤنا في العالم المتقدم مساعدتنا الانسانية للتخفيف من المعاناة الفلسطينية.

اليوم يفتقد الشعب الفلسطيني الى المحاكم القانونية الفعالة وليست لديه وسائل للدفاع عن حقوقه والمطالبة بها. ان الدولة الفلسطينية ستحتاج الى نظام عدالة يمكن الاعتماد عليه لمعاقبة الذين يعيشون على دم الابرياء.

ان الولايات المتحدة واعضاء اخرين بالمجتمع الدولي مستعدون للعمل مع زعماء فلسطينيين لاقامة وتمويل ومراقبة نظام قضائي مستقل بحق.

واليوم فان السلطات الفلسطينية تشجع الارهاب ولا تعارضه. وهذا غير مقبول. والولايات المتحدة لن تؤيد قيام دولة فلسطينية ما لم يشن زعماؤها حربا متواصلة على الارهابيين ويدمرون بنيتهم التحتية. وهذا سيستلزم جهدا خاضعا لاشراف خارجي لاعادة بناء واصلاح الاجهزة الامنية الفلسطينية. ولا بد ان تكون للنظام الامني خطوط واضحة للسلطة وقابلية المساءلة وكذلك سلسلة قيادة موحدة.

وتعكف الولايات المتحدة على السعي لتحقيق هذا الاصلاح مع غيرها من الدول الاقليمية الرئيسية. العالم مستعد للمساعدة ولكن هذه الخطوات تجاه الدولة الفلسطينية تعتمد في النهاية على الشعب الفلسطيني وزعمائه. فاذا ساروا بجد في طريق الاصلاح فان المكافأة قد تأتي سريعا. واذا اعتمد الفلسطينيون الديمقراطية وتصدوا للفساد ورفضوا الارهاب بثبات فان بوسعهم الاعتماد على الدعم الاميركي لقيام دولة فلسطينية مؤقتة.

في وجود جهود دؤوبة يمكن ان تنهض هذه الدولة بسرعة وتتفق مع اسرائيل ومصر والاردن في قضايا عملية مثل الامن. وسيتم التفاوض على الحدود النهائية والعاصمة وغير ذلك من جوانب سيادة هذه الدولة بين الاطراف في اطار تسوية نهائية. لقد عرضت الدول العربية تقديم المساعدة. ومساعدتها لازمة.

قلت في الماضي ان الدول اما ان تكون معنا او علينا في الحرب ضد الارهاب. ولكي تحسب الدول الى جانب السلام فان عليها ان تتحرك. وكل زعيم ملتزم فعليا بالسلام يجب ان ينهي التحريض على العنف في الاعلام الرسمي ويدين علنا التفجيرات القاتلة. كل دولة ملتزمة فعليا بالسلام يجب ان توقف تدفق الاموال والمعدات وعمليات التجنيد في الجماعات الارهابية الساعية لتدمير اسرائيل بما في ذلك حماس والجهاد الاسلامي وحزب الله.

ويجب على كل دولة ملتزمة فعلا بالسلام ان تمنع شحن الامدادات الايرانية لهذه الجماعات وان تعارض الانظمة التي تشجع الارهاب مثل العراق.

ويجب على سورية ان تأخذ جانب الحق في الحرب ضد الارهاب بالقيام باغلاق معسكرات الارهابيين وطرد المنظمات الارهابية.

ويجدر بالزعماء الراغبين في ان تشملهم عملية السلام ان يظهروا بافعالهم تأييدهم التام للسلام. ومع تحركنا نحو حل سلمي فمن المتوقع من الدول العربية بناء علاقات اوثق دبلوماسيا وتجاريا مع اسرائيل بما يؤدي الى تطبيع تام للعلاقات بين اسرائيل والعالم العربي بأسره.

وهناك مصلحة كبيرة ايضا لاسرائيل في نجاح قيام دولة فلسطينية ذات طابع ديمقراطي. فدوام الاحتلال يهدد هوية اسرائيل وديمقراطيتها. وقيام دولة فلسطينية مستقرة مسالمة ضروري لتحقيق الامن الذي تتوق اليه اسرائيل. لذا ادعو اسرائيل الى اتخاذ خطوات ملموسة لتأييد قيام دولة فلسطينية لها مقومات البقاء وذات مصداقية.

ومع تقدمنا نحو الأمن يجب على القوات الاسرائيلية الانسحاب الكامل الى مواقعها قبل الثامن والعشرين من سبتمبر عام .2000 ولا بد من وقف انشطة الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي المحتلة بما يتفق مع توصيات لجنة ميتشل. ولا بد ان تتاح للاقتصاد الفلسطيني فرصة النمو. ومع انحسار العنف لا بد من استعادة حرية الحركة والسماح للفلسطينيين الابرياء باستئناف اعمالهم وحياتهم العادية. ولا بد من السماح للمشرعين والمسؤولين الفلسطينيين وعمال الجهود الانسانية الدوليين بأداء مهمتهم في بناء مستقبل افضل. ويجب على اسرائيل الافراج عن العائدات الفلسطينية المجمدة ووضعها في ايد امينة ومسؤولة.

لقد طلبت من الوزير (كولن) باول تكثيف العمل مع زعماء شرق اوسطيين ودوليين لتحقيق رؤية لدولة فلسطينية بالتركيز على خطة شاملة لمساندة اجراء اصلاح وبناء للمؤسسات الفلسطينية.

وفي نهاية المطاف يجب على الاسرائيليين والفلسطينيين تناول القضايا الجوهرية التي تقف حائلا بينهم اذا كان لسلام حقيقي ان يسود وبتسوية كل المطالب وانهاء النزاع فيما بينهم.

وهذا يعني انهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي بدأ عام 1967 من خلال تسوية يتم التفاوض عليها بين الاطراف على اساس قراري الامم المتحدة 242 و338 مع انسحاب اسرائيل الى حدود آمنة ومعترف بها.

علينا ايضا حسم القضايا المتعلقة بالقدس ومحنة اللاجئين الفلسطينيين والتوصل الى سلام نهائي بين اسرائيل ولبنان وبين اسرائيل وسورية يدعم السلام ويكافح الارهاب.

ويدرك كل من هو على دراية بتاريخ الشرق الاوسط ان هذه العملية قد تتعرض لانتكاسات. فكما رأينا هناك قتلة محترفون عقدوا العزم على ايقافها. لكن معاهدتي السلام المصرية والاردنية مع اسرائيل تذكرنا انه في ظل قيادة مثابرة ومسؤولة يمكن تحقيق تقدم سريع.

ومع ظهور مؤسسات وقيادة فلسطينية جديدة تحقق اداء حقيقيا في مجالي الأمن والاصلاح اتوقع ان تستجيب اسرائيل وان تعمل من اجل اتفاق وضع نهائي.

ومع تكاتفنا جميعا في تكثيف جهدنا يمكن التوصل الى اتفاق في غضون ثلاث سنوات من الان. وسأقود انا وبلادي العمل النشيط صوب هذا الهدف.

اتفهم الغضب والالم الشديدين اللذين يعتصران الشعب الاسرائيلي. لقد عشتم طويلا تحت وطأة الخوف والجنازات وارغمتم على تحاشي الاسواق وحافلات النقل العام واجبرتم على وضع حراس مسلحين داخل فصول حضانات الاطفال.

ورفضت السلطة الفلسطينية يدكم الممدوة وتعاملت مع الارهابيين. من حقكم العيش بصورة طبيعية.. ومن حقكم الامن. واعتقد اعتقادا جازما انكم تحتاجون الى وجود شريك فلسطيني صالح ومسؤول لتحقيق هذا الامن.

واتفهم الغضب واليأس العميقين اللذين يستبدان بالشعب الفلسطيني. فلعقود عوملتم كرهائن لصراع الشرق الاوسط. واحتجزت مصالحكم رهينة لاتفاق سلام شامل بدا وكأنه لن يتحقق بينما اخذت حياتكم تسوء عاما بعد اخر. من حقكم الديمقراطية وحكم القانون. من حقم العيش في مجتمع مفتوح واقتصاد مزدهر. من حقكم حياة مفعمة بالامل لاطفالكم.

وقد تبدو نهاية الاحتلال وقيام دولة فلسطينية مسالمة وديمقراطية بعيدة لكن اميركا وشركاءنا في انحاء العالم على اتم استعداد لتقديم يد العون ومساعدتكم في تحقيق هذا بأسرع ما يمكن. واذا قدر للحرية ان تزدهر في الارض الوعرة للضفة الغربية وغزة فانها ستلهم الملايين من النساء والرجال في انحاء المعمورة الذين اثقلهم ايضا الفقر والقمع ومن حقهم التمتع بحكم ديمقراطي ايضا.

ويحدوني امل بالنسبة لشعوب الدول الاسلامية. فالتزامكم بالخلق والمعرفة والتسامح يؤدي الى انجازات تاريخية عظيمة وهذه القيم قائمة في العالم الاسلامي اليوم. فانتم اصحاب ثقافة ثرية وانتم تتقاسمون تطلعات اصحاب كل حضارة من الرجال والنساء. والازدهار والحرية والعزة ليست آمالا اميركية او غربية وحسب، فهي آمال عامة لكافة البشر. وحتى في خضم عنف الشرق الاوسط واضطرابه تؤمن اميركا ان هذه الآمال قادرة على تغيير الحياة والامم.

هذه اللحظة هي فرصة واختبار في نفس الوقت لكافة الاطراف في الشرق الاوسط. هي فرصة لارساء اسس سلام للمستقبل.. واختبار لمعرفة من هو جاد لتحقيق السلام ومن هو غير جاد. والاختيار هنا لا لبس فيه وبسيط وكما يقول الانجيل «لقد وضعتم امامكم الحياة والموت، فاختاروا الحياة». لقد حان الوقت للجميع في هذا الصراع ان يختاروا جانب السلام والأمل والحياة.

شكراً جزيلاً.