الحزب الحاكم في ماليزيا يتوصل إلى «حل توفيقي» بشأن استقالة مهاتير

بدأ التخلي تدريجيا عن الحكم لنائبه والتنحي نهائياً بعد قمة «المؤتمر الإسلامي» العام المقبل

TT

أعلن الحزب الحاكم في ماليزيا أنه توصل إلى «حل توفيقي» بشأن ازمة استقالة رئيس الوزراء مهاتير محمد. وقالت مصادر الحزب إن هذا الحل التوفيقي يتمثل في أن مهاتير سيبدأ التخلي تدريجياً عن الحكم لصالح نائبه عبد الله احمد بدوي، على أن يتنحى نهائياً أواخر العام المقبل.

وكان مهاتير (76 سنة) قد فاجأ الماليزيين حين أعلن يوم السبت الماضي، في موقف عاطفي مؤثر، عن اعتزامه الاستقالة من منصبيه كرئيس للوزارء ورئيس للحزب الحاكم، المنظمة الماليزية الوطنية المتحدة، إلا أنه عاد وتراجع عن ذلك بالقرار بعد ساعات، قبل أن يسافر إلى أوروبا ليقضي عطلته، دون أن يدلي بكلمة.

وأعلن الحزب الحاكم في وقت لاحق أنه سيدرس «الاستقالة المؤجلة» التي تقدم بها مهاتير. وبالفعل درس الحزب ذلك واعلن قبوله اياها، على أن تجري عملية انتقال للسلطة بشكل تدريجي إلى بدوي، حتى اكتوبر (تشرين الاول) 2003، موعد استضافة ماليزيا للقمة المقبلة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حسبما افاد خليل يعقوب الأمين العام للمنظمة الماليزية الوطنية المتحدة الذي اكد أن الحزب لم يبحث موعد اجراء الانتخابات العامة المقبلة في البلاد. واوضح مسؤول أن مهاتير سيعلن عن استقالته بعد عودته من اجازته التي يقضيها في ايطاليا.

وعلى الرغم من أن مهاتير لم يكشف يوم السبت الماضي عن سبب رغبته في الاستقالة بعد 21 عاما قضاها في السلطة، فان مسؤولاً ماليزياً اكد اول من امس أن رئيس الوزراء يشعر بأنه قضى مدة طويلة في الحكم وانه بحاجة ليقضي فترة أكثر مع عائلته.

وفسرت مصادر إعلامية اخرى سبب رغبة مهاتير في الاستقالة بأنه محبط لعدم وجود تحسن في وضع الملايو الذين يمثلون غالبية السكان في ماليزيا. وفي هذا الصدد، كان مهاتير قد اعتذر خلال خطاب القاه الاسبوع الماضي عن اخفاقه في تغيير وضع الملايو بعد 33 عاما من سياسات العمل الحازمة في ماليزيا التي تهيمن فيه الاقلية المتحدرة من اصل صيني على النشاط التجاري والمالي والصناعي في البلاد.

ومن جانبه، طالب أنور إبراهيم، النائب السابق لرئيس الوزراء والمسجون حالياً «باحترام» قرار مهاتير بالاستقالة. وقال أنور في بيان «إنه ينبغي احترام قرار رئيس الوزراء مهاتير بالاستقالة بعد 21 سنة من وجوده في الحكم».

وقد حكم مهاتير ماليزيا لمدة طويلة حتى صار يعرف بوصف أقدم زعيم سياسي في آسيا، والى حد أن الكثيرين صاروا يعتقدون انه لن يترك منصبه الا بالوفاة.

ويرى المحللون ان تخلي مهاتير سيترك أثراً كبيراً في العالم، خصوصاً أنه بات يعرف في الغرب كزعيم اسلامي معتدل على الرغم من أن آراءه ظلت مثيرة للجدل في العالم الاسلامي. ومن ذلك مثلاً اشارته في قمة منظمة المؤتمر الاسلامي الاخيرة الى ان العمليات التي يشنها الناشطون الفلسطينيون ضد المدنيين الاسرائيليين يمكن إدراجها ضمن «العمليات الارهابية». وتلقى مهاتير اشادة خلال الشهرين الماضيين من الرئيس الاميركي جورج بوش لتأييد ماليزيا الحرب ضد الارهاب. كذلك التقى مهاتير في الآونة الاخيرة البابا يوحنا بولس الثاني في الفاتيكان وبحث معه الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني.

وكان مهاتير قد أعلن في مرات سابقة انه على وشك التنحي عن السلطة قبل ان تشتد حدة الازمة وينفجر الخلاف علانية بينه وبين نائبه السابق انور ابراهيم. وكان انور قد ابعد عن منصبه كوزير للمالية عام 1998 ثم حكم عليه بالسجن في قضايا فساد وشذوذ، إلا أن انور يقول ان تلك التهم لفقت ضده.

وفي انتخابات عام 1999 خسر تحالف «الجبهة المتحدة» الذي يقوده مهاتير اكثر من نصف اصوات الملايو لصالح تحالف الاسلاميين المتعاطفين مع انور. لكن رغم ذلك الفوز، فان تحالف مهاتير لا يزال يتمتع باغلبية الثلثين بفضل دعم الاقليتين الصينية والهندية الكبيرتين.

وفي أزمة انور ابراهيم، تلقى مهاتير انتقادات شديدة، خصوصاً من الدول الغربية التي تعتقد أنه تعامل مع خصمه بطريقة غير عادلة. إلا أن مهاتير ظل يرفض الاعتذار، ويقول ان محاكمة انور كانت عادلة وان استقرار ماليزيا اهم من رجل واحد.