ردود الفعل الفلسطينية تراوحت بين ترحيب عرفات وانتقادات الفصائل المعارضة

الرئيس الفلسطيني يؤكد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في يناير المقبل

TT

تفاوتت ردود الفعل الرسمية داخل السلطة الفلسطينية من خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش بين الترحيب والانتقاد داخل السلطة الفلسطينية نفسها التي يطالب بوش بتغييرها وبين اعتباره تبنيا كاملا للمطالب والرؤية الاسرائيلية حسب مواقف المعارضة. فرغم ان بوش شدد على انه غير مستعد للتعامل مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الا ان الاخير رحب بما جاء في خطابه. فقال عرفات في بيان نشرته وكالة الانباء الرسمية الفلسطينية «وفا» في ساعة متأخرة من الليلة قبل الماضية انه يرحب بافكار بوش. واضاف عرفات انه شخصيا والسلطة الفلسطينية «يريان في هذه الأفكار إسهاما جديا في عملية السلام». واعرب عرفات عن امله في ان «يتم بحث التفاصيل الضرورية لنجاح الأفكار خلال لقاءات ثنائية مع الإدارة الأميركية وبالتشاور مع اللجنة الرباعية ومع الأشقاء العرب». ونقل وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان عن عرفات قوله عقب لقائهما في رام الله امس ان الانتخابات الرئاسية والتشريعية في السلطة الفلسطينية ستجري في يناير (كانون الثاني) المقبل.

لكن وزير الحكم المحلي الفلسطيني صائب عريقات انتقد بشدة ما جاء في خطاب بوش سيما دعوته الى استبدال القيادة الفلسطينية الحالية. وقال عريقات ان «الزعماء الفلسطينيين لا يهبطون بالمظلة من واشنطن أو أي مكان آخر.. انهم منتخبون انتخابا مباشرا في انتخابات حرة نزيهة». ودعا عريقات بوش الى احترام خيار الشعب الفلسطيني.

ووصف المدير السابق للامن الوقائي الفلسطيني محمد دحلان الخطاب بأنه عدواني تجاه الشعب الفلسطيني وطموحاته المشروعة. وقال دحلان لوكالة رويترز في حديث هاتفي من القاهرة «لا يوجد في خطاب بوش اي مضمون ايجابي فكيف القبول به وهو صدى لصوت (رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل) شارون وحكومته التي تحاول القضاء على الشعب الفلسطيني وفرض الاستسلام السياسي بعد ان فشلت في فرض الاستسلام العسكري على الشعب الفلسطيني».

واضاف انه لن يكتب لما جاء في خطاب بوش النجاح «لانه يمثل رؤية تكريس الاحتلال وليس القضاء على الاحتلال الاسرائيلي».

واعتبرت حركة حماس خطاب بوش تبنيا كاملا للموقف الاسرائيلي. وقال اسماعيل هنية احد قادة حماس في قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط» ان خطاب بوش مثل ركائز السياسة الاميركية في المنطقة التي تهدف للقضاء على المقاومة وتكرس الاحتلال وتوفير الامن لاسرائيل. وشدد هنية على ان خطاب بوش يعني ان الولايات المتحدة لا يمكنها ان تكون شريكا نزيها في احلال السلام في المنطقة، بل شريكا في العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني. واستهجن هنية ترحيب السلطة بالخطاب. وقال ان ترحيب السلطة بما جاء في الخطاب «مفارقة عجيبة ونحن نعتقد اننا يجب ان نتمسك باستراتيجية المقاومة طالما تبقى الاحتلال».

اما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فقد اعتبرت الخطاب تكريساً للانحياز الاميركي المطلق. وقال جميل المجدلاوي عضو المكتب السياسي للجبهة ان خطاب بوش يمثل تدخلا سافرا في الشأن الفلسطيني الداخلي. ووصف المجدلاوي ترحيب السلطة بالخطاب بانه «نوع من المكابرة». وحث السلطة على اعادة تقييم موقفها من التدخل الاميركي.

واعتبرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش غير متوازن وترك زمام المبادرة بيد شارون. وقال مصدر مسؤول في الجبهة ان بوش وضع شروطا مسبقة على الشعب الفلسطيني فهو يريد قيادة أخرى أكثر طواعية لإملاءاته ووقف المقاومة الوطنية تحت عنوان وقف العنف والإرهاب، كما لم يدع الى وقف الاحتلال والعدوان بل كرر تفهمه لعمليات شارون الدامية تحت عنوان حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها. وقال المصدر ان خطاب بوش وضع زمام المبادرة بيد شارون، مضيفا أن بوش ترك أفكاره الخاصة بالانسحاب الإسرائيلي والاستيطان والحدود والقدس واللاجئين معلقة بالهواء بدون آليات وعلى مدى ثلاث سنوات، متجاهلا القرارات الدولية بشأن حدود دولة فلسطين.

من ناحيته اعتبر حاتم عبد القادر عضو اللجنة الحركية العليا لفتح والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن منطقة القدس ان الخطاب يمثل تنكراً للحقوق الفلسطينية ويمثل تكريساً للشروط الاسرائيلية ولخطة شارون لاقامة الدولة الفلسطينية. ووصف عبد القادر الافكار التي عبر عنها بوش في خطابه بانها «افكار اسرائيلية بقالب ولهجة ولغة اميركية، وهي افكار لا نعول عليها كثيرا لانها تتنافى مع الاهداف والتطلعات الفلسطينية ومع الواقع الموجود على الارض». وانتقد النائب الفلسطيني ترحيب عرفات والسلطة بالخطاب، واصفا رد السلطة بـ«الموقف المتسرع».

واعتبر الدكتور واصل ابو يوسف عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية ان خطاب بوش هو ضوء اخضر لعدوان لشارون. ووصفه بأنه خطاب «وقح»، مشيرا الى انه يتدخل في قيادة الشعب الفلسطيني ويريد ترسيم قيادة للشعب الفلسطيني تخضع للشروط الإسرائيلية والأميركية.

وقال «انه جاء مخيبا لآمال كل العرب وصدمة للفلسطينيين الذين عولوا كثيرا عليه وانتظروه طويلا حيث ان الخطاب يندرج في إطار المواقف الإسرائيلية». واستهجن ابو يوسف دعوة الرئيس بوش للدول العربية الى التطبيع الكامل مع إسرائيل دون النظر الى مطالب الدول العربية حول إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.