مسلحان يقتلان نائب الرئيس الأفغاني في وضح النهار وسط كابل ومصادر أصولية تتحدث عن مسؤولية «القاعدة» لأنه سلم مقاتليها إلى الأميركيين

TT

قال وزير الداخلية الافغاني تاج محمد وردك ان حاجي عبد القدير احد نواب الرئيس الافغاني الثلاثة اغتيل خارج مكتبه وسط العاصمة كابل بالرصاص امس. وقال بصير سالانجي رئيس شرطة كابل ان عبد القدير، وهو من البشتون وعضو في التحالف الشمالي ووزير الاشغال العامة ايضا، قتل في وضح النهار على ايدي اثنين من المسلحين اثناء قيادته سيارته الى مكتبه.

واضاف: «اطلق المسلحان نحو 36 عيارا ناريا عليه مما اسفر عن تهشم الزجاج الامامي للسيارة، كما احدث ثغرات في جانبها، ولطخت الدماء السيارة والارض» وقال شهود عيان ان خمسة اشخاص كانوا في سيارة الوزير، وان اثنين منهما قتلا الى جانب حاج عبد القدير. وقال شاهد: «لقد وصلت بعيد الحادث، وكانت اثار الرصاص ظاهرة على رأس عبد القدير وصدره». وانتهى الامر بالسيارة التي امتلأت بالدماء واخترقت الرصاصات زجاجها الامامي بالارتطام بسور الوزارة.

وعقدت الحكومة الافغانية امس جلسة استثنائية في وزارة الداخلية. وقال مسؤول امني افغاني «فتحنا تحقيقا واسعا لكشف ملابسات القضية والتعرف على مرتكبي هذا العمل الجبان». واضاف: «لقد اغتيل بالقرب من مكتبه الجديد في وزارة الاشغال العامة، ويبدو ان اثنين من حراسه الشخصيين قتلا ايضا.. لقد قتل بعدة طلقات نارية لكننا لا نعرف من وراء الاغتيال».

وكان مرتكبو الاغتيال وهم رجلان او ثلاثة رجال ينتظرون حاج عبد القدير امام الوزارة قبل ان يلوذوا بالفرار بعد اطلاق النار عليه. وقال سالانجي ان احد الحراس الموقوفين ابلغ احد القتلة بأن عبد القدير على وشك الخروج. وقال مقرب من عبد القدير انه «كان خارجا من مكتبه حين فتح رجلان النار عليه ولا نعرف هوية من قام بذلك.. اعتقد انه قتل على الفور».

وعبد القدير احد قادة الميليشيات المسلحة بشرق افغانستان، ولعب دورا رئيسيا في الاطاحة بحركة طالبان الافغانية العام الماضي. واعدمت حركة طالبان، علنا، شقيقه عبد الحق وهو احد قادة المجاهدين قبل وقت قصير من الغارات الاميركية الجوية على افغانستان العام الماضي.

وقال احد الخبراء الافغان عن عبد القدير: «كان احد القلائل من قبيلة البشتون المنتمين الى التحالف الشمالي، ومن ثم قد تكون طالبان وراء الهجوم.. اذا ان طالبان تعتبره خائنا». وحركة طالبان من البشتون، اكبر جماعة عرقية في افغانستان بينما كان التاجيك هم الذين يسيطرون على التحالف الشمالي. وقتل سائق عبد القدير ايضا في اطلاق النيران. وقال شهود عيان ان اثنين من الركاب اصيبا بجروح.

وقال سالانجي ان عشرة من حراسه الذين عينهم وزير الاشغال العامة السابق عبد الخالق فضل في الوزارة اعتقلوا. وذكرت قوة المساندة الامنية الدولية انها تحقق في الاغتيال. ويوضح الاغتيال المشاكل التي تواجه الرئيس الافغاني حميد كرزاي بعد اسابيع من اجتماع المجلس الاعلى للقبائل «اللويا جيرغا»، وحيث اقر حكومة جديدة لقيادة البلاد بعد 23 عاما من الحرب والاعداد للانتخابات التي ستجرى خلال 18 شهرا. وواجه المجلس مهمة شاقة في التوصل لحكومة مقبولة للبشتون الذين يمثلون الاغلبية والتحالف الشمالي الذي له اليد العليا في البلاد، والعديد من قادة الميليشيات القبلية الذين يسيطرون على مناطق واسعة فيها.

ومن جهتها قالت مصادر للاصوليين في لندن على علاقة بالشأن الافغاني لـ«الشرق الأوسط»: «ان وزير الداخلية السابق يونس قانوني، وهو من اثنية التاجيك، ربما تتجه اليه اصابع الاتهام في الايام المقبلة، لانه اراد ان يثبت انه عندما كان وزيرا للداخلية كان الامن مستتبا، ولكن عندما تولاها بشتوني لم يستطع ان يحمي حتى نفسه». وقال هاني السباعي مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن: «ان التاجيك يريدون ان يثبتوا انهم الاولى لتولي مناصب الامن في البلاد». واضاف السباعي الصادر ضده حكم غيابي بالسجن المؤبد في قضية «العائدون من البانيا» عام 1999من محكمة عسكرية بمصر في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط»: «ان اغتيال الحاج عبد القدير سيفتح الباب لمزيد من الصراع العلني في البلاد». غير ان مصادر اخرى للاصوليين بلندن رفضت الكشف عن هويتها لمحت الى ان عناصر «القاعدة» هي المستفيد الوحيد من اغتيال الزعيم البشتوني. واوضحت: «ان عبد القدير زعيم حرب باشتوني من منطقة جلال اباد، عرف بعداوته للعرب خلال فترة حكم طالبان، واشتهر مع نجله بتسليمه المقاتلين العرب الى القوات الاميركية، وهو ضمن الذين استفادوا من نظام المكافآت المالية التي تسلمها هو واتباعه، مقابل تسليمهم عشرات من عناصر القاعدة».

وقالت مصادر اخرى ان عبد القدير احد ابرز المتحالفين مع الرئيس الافغاني السابق برهان الدين رباني، وكان الاكثر ايذاء للعرب بعد سقوط حركة طالبان الحاكمة في افغانستان. يذكر ان عبد القدير هو شقيق القائد عبد الحق الذي قتلته حركة طالبان في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي اثناء محاولته اقناع زعماء القبائل بالارتداد عليها.

وعبد القدير هو الوزير الثاني الذي يتم اغتياله منذ سقوط حركة طالبان. ففي فبراير (شباط) الماضي قتل وزير الطيران المدني عبد الرحمن في مدرج مطار كابل على يد حجاج استشاطوا غضبا من تأخير موعد اقلاع طائرتهم الى السعودية بحسب الرواية الرسمية للحادث، في حين قال مسؤولون في الادارة الافغانية انه قتل في تسوية حسابات سياسية.

وامس ادان الرئيس الاميركي جورج بوش اغتيال عبد القدير، وقال ان وفاته رسخت العزم على احلال السلام والاستقرار في تلك الدولة التي مزقتها الحروب. وقال بوش للصحافيين في كينيبنكبورت حيث يقضي عطلة الرابع من يوليو (تموز): «ان ادارتي وبلادنا حزينة.. لفقد رجل كان ينشد الحرية والاستقرار لبلده الذي احبه». وردا على سؤال بشأن ما اذا كان المسؤولون عن الاغتيال ارهابيين اجاب بوش: «محتمل.. وقد يكونون من كبار تجار المخدرات وقد يكونون منافسين قدامى.. كل ما نعرفه ان رجلا طيبا قد مات ونحن نحزن لفقده».

وقدم بوش «تعازيه الصادقة» الى كرزاي اثر الحدث، مشيرا الى ان واشنطن ستشارك في التحقيقات اذا طلب منها ذلك. وقال بوش: «اجرينا اتصالا بالرئيس الافغاني حميد كرزاي وقدمنا له تعازينا الصادقة». واضاف: «نحن عازمون اكثر من اي وقت مضى على تأمين الاستقرار لهذا البلد، كي ينعم الشعب الافغاني بالسلام ويمتلك الامل».