الأميركيون يتوقعون أن يلجأ صدام إلى استخدام الأسلحة المحظورة باعتبار أنه لم يعد لديه ما يخسره هذه المرة

TT

يواجه الاستراتيجيون في البنتاغون الذين يعدون خطة غزو محتمل للعراق مشكلة لم يواجهوها خلال حرب الخليج 1991: ليس لدى الرئيس العراقي صدام حسين ما يخسره هذا المرة باستخدام اسلحة الدمار الشامل.

فخلال عملية «عاصفة الصحراء»، امتنع صدام عن استخدام الاسلحة الكيماوية والبيولوجية ضد القوات الاميركية، مدركاً ان نظامه سيظل قائما اذا ما رضخ للمطالب الاميركية وانهى الغزو العراقي للكويت.

واليوم وبعدما اعلنت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش ان الهدف الرئيسي لاحتمال غزو العراق هو التخلص من صدام حسين، فإن المحللين العسكريين يقولون انه لم يعد لديه ما يمنعه من استخدام نفس الاسلحة التي يسعى المخططون لتدميرها.

واوضح ايفو دالدار المحلل العسكري في معهد بروكينغز في واشنطن قائلاً «لقد توصلنا الى قناعة، بعديد من الوسائل، بفكرة اعلان الحرب على العراق باعتبار ان امتلاكه اسلحة الدمار الشامل غير مقبول، لكن من المؤكد ان هذه الحرب نفسها ستؤدي الى استخدام اسلحة الدمار الشامل».

ان خطة غزو العراق التي اطلق عليها اسم «خطوة البولو» لم تصل بعد الى مكتب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وطبقا لهذه الخطة فإن جنود القوات الخاصة والغارات الجوية ستدمر مواقع الاسلحة الكيماوية والبيولوجية قبل ان يتمكن صدام من استخدامها ضد القوات الاميركية الغازية. والغارة الوقائية في خطة الطوارئ يمكن ان تقع قبل الغزو الذي ستشارك فيه قوة من ربع مليون جندي.

وحتى هذه الغارات المكثفة ليس من المحتمل ان تقضي تماما على ترسانة الاسلحة العراقية المحظورة، ولا سيما المنصات المتحركة لاطلاق صواريخ سكود التي يصعب متابعتها. ولحماية القوات من مثل هذه الاسلحة، فإن المسؤولين في البنتاغون اشاروا الى انهم يخزنون مواد دفاعية، بما فيها ملابس واقية من الاسلحة الكيماوية ومعدات الاخلاء الطبية.

واوضح لورين تومسون المحلل العسكري في معهد ابحاث لكسينغتون في فيرجينيا ان الهدف الاساسي هو اطاحة صدام حسين، وهنا يكمن الخطر.

وقال وليام تايلور، وهو كولونيل متقاعد ومحلل عسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «اذا قررنا التحرك ضد العراق، فستكون حربا مختلفة بكل الوجوه التي يمكن تخيلها. فلن يسقط صدام بدون استخدام الورقة الرابحة لديه، وهي صواريخ سكود التي تحمل اسلحة كيماوية او بيولوجية».

وفي اي خطة حربية، يضع الاستراتيجيون في البنتاغون قولا مأثورا قديما نصب اعينهم: «لا توجد خطة ثابتة في حالة الاحتكاك بالعدو». ولذا فإن المخططين يفكرون في العديد من سيناريوهات «الكوابيس».

ومن بين هذه الكوابيس احتمال ان تؤدي الغارات الجوية والهجمات الجوية للقوات الخاصة الى ترك صدام حسين في العاصمة ومعه كميات كافية من الاسلحة الكيماوية والبيولوجية للدخول في معارك مدن من شارع الى شارع، في الوقت الذي تواجه فيه سحب من العناصر الكيماوية والبيولوجية.

وطبقا لسيناريو اخر، فإن الرئيس العراقي الذي اطلق صواريخ سكود على تل ابيب عام 1991، سيستخدم تلك الصواريخ ضد اسرائيل ولكنها ستحمل اسلحة كيماوية او بيولوجية وبالتالي يجر اسرائيل الى النزاع. وهو ما يمكن ان يضعف دعم الدول العربية المشاركة في التحالف الاميركي. ومما يذكر ان اسرائيل لم تشارك في حرب الخليج ولكنها اظهرت مؤخرا ميلا نحو الرد بعنف على الهجمات عليها، وودافعت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش عن حق اسرائيل في البقاء.

وقال دادلر «اذا تمكن صدام من ايصال قنبلة قذرة او بعض من اسلحة الدمار الشامل الى تل ابيب فإن الفلسطينيين سيرقصون في الشارع. وسيغير ذلك دينامية الحرب».

ورفض المسؤولون في البنتاغون تأكيد وجود خطة سرية، ولكنهم اعترفوا ان القيادة الاقليمية تطور استراتيجيات لاحتمال صراع محتمل في مناطقهم.

وقال برايان ويتمان المتحدث باسم البنتاغون «يجب ألا ندهش اذا علمنا ان وزارة الدفاع مستمرة في التخطيط طوال الوقت لخطط طوارئ حول العالم».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»