دو فيلبان نقل قناعة باريس بضرورة الأخذ في الاعتبار المسار السوري في عملية السلام

TT

كانت دمشق، التي زارها امس وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان والوفد المرافق لعدة ساعات المحطة الثانية في الجولة التي بدأها في بيروت وينهيها اليوم في عمان، فيما من المقرر ان يزور في الأيام المقبلة روسيا ثم الولايات المتحدة الأميركية.

الرسالة الأولى التي أبلغها دو فيلبان للقيادة السورية امس تفيد ان باريس ترى في سورية «بلداً اساسياً» له وزنه على الصعيد الاقليمي ويجب اخذ مصالحه بعين الاعتبار، وقال دو فيلبان للرئيس السوري بشار الأسد ولوزير الخارجية فاروق الشرع الذي التقاه مرتين، ان فرنسا تعتبر سورية «بلداً لا يمكن الالتفاف عليه» تعتبر دوره وموقفه مهمين في اطار عملية السلام المتوقفة في الوقت الحاضر.

وجاءت الرسالة الثانية على شكل ابلاغ القيادة السورية بأن باريس ترى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار المسار السوري ـ الاسرائيلي في البحث عن السلام رغم التركيز الواضح والمبرر في الوقت الحاضر على الملف الاسرائيلي ـ الفلسطيني.

وهذا الكلام الذي نقله دو فيلبان الى الرئيس السوري والى وزير خارجيته يفضي، كما أوضحت المصادر الفرنسية بطبيعة الحال الى فكرة المؤتمر الدولي التي يبدو انها وضعت في الوقت الحاضر على الرف.

وأبلغ دو فيلبان دمشق ان باريس ترى ان المؤتمر الدولي للسلام هو الصيغة التي تراها مناسبة من اجل الوصول الى سلام يشمل جميع الأطراف، الأمر الذي من شأنه ان يضمن الاستقرار والأمن على المدى الطويل في المنطقة.

ووفق مصادر فرنسية، فان دوفيلبان ركز على ضرورة تحديد مرجعيات المؤتمر الدولي والأهداف المتوخاة ناهيك من التحضير الجيد له، فيما قال الشرع لنظيره الفرنسي ان موضوع هذا المؤتمر «غير واضح» وبالتالي فمن الضروري تمحيص هذه الفكرة ومعرفة ما يمكن ان تفضي اليه.

وبانتظار المؤتمر فان باريس تطلب من الجانب السوري ان يستخدم «ما في وسعه» من اجل منع تدهور الوضع على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية، بما يعني حث «حزب الله» على التزام الهدوء.

وتريد باريس كذلك استكشاف امكانيات التعاون والتنسق مع سورية في المسائل التي تدخل ضمن اهتمامات دمشق بسبب وجودها في مجلس الأمن الدولي كعضو غير دائم العضوية. وعلى رأس هذه المشاكل الموضوع العراقي خصوصاً بعد ان فشلت الجولة الأخيرة من المحادثات بين وزير الخارجية العراقي والأمين العام للأمم المتحدة.

وتكمن الرسالة الأخيرة في ابلاغ دمشق استعداد باريس لمواكبة الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لا بل السياسية التي تقوم بها سورية، مع الاشارة بين الحين والحين الى قلق فرنسا من «التشدد» التي تظهره احياناً دمشق ان بصدد حقوق الانسان او في محاكمة عدد من المعارضين.

وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده الوزيران دو فيلبان والشرع بعد ظهر امس في دمشق، أعلن دوفيلبان انه من المفيد ان تؤخذ المواضيع التي تقلق اوروبا (في اشارة الى مسألة حقوق الانسان) بعين الاعتبار مضيفاً انه من «الطبيعي ان تثار هذه المسائل» بين الجانبين السوري والأوروبي.

ودافع دو فيلبان عن ضرورة المقاربة الشاملة للنزاع العربي ـ الاسرائيلي، لكنه بالمقابل أكد على ضرورة التحلي بـ«البراغماتية» ـ العملانية ـ وشدد على نقاط التلاقي بين الخطة الأميركية والمبادرة العربية والموقف الأوروبي كما تبين من خلال بيان اشبيلية.

ولخص الوزير الفرنسي نقاط الالتقاء و«الاجماع» بأربع هي: وقف ما وصفه بالارهاب ووقف الاستيطان والمؤتمر الدولي (الذي من المفترض، كما قال دوفيلبان) «تحديد اهدافه ومرجعياته والتركيز على روزنامة خاصة به» وأخيراً اقامة دولة فلسطينية «قابلة للحياة وديمقراطية الى جانب اسرائيل».

وأضاف دو فيلبان: «ان فكرة المؤتمر الدولي هي افضل طريق للتقدم على كل المسارات وخصوصاً المسارين اللبناني والسوري على أساس قراري 242 و338 وعلى أسس مؤتمر مدريد والأرض مقابل السلام». ووفق ما أعلنه دو فيلبان، فان الرئيس شيراك «عازم على وضع كل نفوذ فرنسا في خدمة هذه الأهداف».

وفي ما يخص المقصود بـ«البراغماتية»، أعطى دو فيلبان بعض المفاتيح والتي أولها التشديد على اصلاح السلطة الفلسطينية وخصوصاً اجراء الانتخابات الفلسطينية التي وصفها بأنها «عنصر مهم ولكن من الصعب ان نتصور اجراءها في ظل الاحتلال». وأضاف دو فيلبان: «يجب ان نعثر على الوسائل التي من شأنها ان تساعد على تنظيم هذه الانتخابات».

وفائدة هذه الانتخابات كما ترى باريس انها لا يمكن معارضتها او نسفها لأنها تأتي في اطار ما تطلبه اميركا وتصر عليه اسرائيل واصلاح السلطة الفلسطينية والمساعدة على بروز جيل جديد من القيادة. وترى باريس ان هذه الانتخابات لا يمكن اجراؤها من دون «توفير الظروف» مما يعني الانسحاب الاسرائيلي وحرية الحركة واقامة اللوائح الانتخابية غيرها. وأخيراً تعتبر باريس ان الانتخابات يمكن ان تشكل طريقاً لقلب الوضع واعادة احياء سلطة فلسطينية تكون قادرة على العودة الى الواجهة ومواكبة التحرك الدولي نحو السلام.