فنلندا تتجادل حول الانضمام لحلف شمال الأطلسي

TT

هلسنكي ـ رويترز: حتى وقت قريب كانت فكرة الانضمام الى حلف شمال الاطلسي من المحرمات في فنلندا العضو الوحيد في الاتحاد الاوروبي المتاخم لروسيا، ولا يزال ثلثا السكان هناك يرفضون هذه الفكرة. لكن الفكرة لاتزال تبرز فيما تعيد اوروبا رسم خريطتها الامنية، كما تسارعت الخطى منذ هجمات 11 من سبتمبر (ايلول) الماضي على الولايات المتحدة التي كانت ايذانا بعلاقات اوثق بين روسيا وحلف الاطلسي.

واستسلمت روسيا خصم فنلندا السابق ومصدر قلقها الامني المزمن على ما يبدو لتوسيع الحلف العسكري لانها لم تعد قادرة على منع هذا التوسيع. لكن المخاوف من ارتداد موسكو تظل قائمة في فنلندا التي يبلغ طول حدودها المشتركة مع روسيا 1300 كيلو متر. ومع هذا اعرب العديد من الفنلنديين المؤثرين عن تأييدهم للانضمام للحلف، او على الاقل يقولون ان الاسباب القديمة التي دعت لعدم الانضمام لم تعد صالحة.

وفنلندا الدولة غير المنحازة التي كثفت تعاونها مع الحلف منذ منتصف التسعينات كانت مجرد متفرج في اجتماع زعماء دول شرق اوروبا التي طلبت الانضمام للحلف. وراقبت فنلندا عن كثب الاجتماع الذي عقد في ريجا بلاتفيا وضم زعماء عشر دول شيوعية سابقا من بينها دول البلطيق الثلاث استونيا ولاتفيا وليتوانيا المجاورة،التي تسعى للانضمام للحلف الغربي في قمته المقرر عقدها في نوفمبر( تشرين الثاني) المقبل بالعاصمة التشيكية براغ. وقال جان اريك انيستام وزير دفاع فنلندا للاجتماع: «نرى ان عضوية دول البلطيق لحلف شمال الاطلسي ستكون عامل استقرار لمنطقة بحر البلطيق كلها».

وفي الاونة الاخيرة قال مارتي اهتيساري الرئيس الفنلندي السابق، وهو دبلوماسي مخضرم ووسيط دولي للسلام، انه يعتقد ان فنلندا والسويد ستنضمان الى الحلف في نهاية المطاف. وسعت الحكومة الائتلافية في محاولة لتجنب السير على حقل الغام سياسي الى احالة القضية الشائكة الى المراجعة الدفاعية القادمة في عام 2004. لكن سيكون من الصعب على السياسيين تجنب النقاش بينما تقترب البلاد من الانتخابات العامة في مارس (اذار) المقبل.

وقال ريستو يويمنين رئيس تحرير صحيفة «كاليفا» اليومية: «هذا اجراء غريب في دولة ديمقراطية حيث ينبغي للسياسيين ان يقولوا خلال الحملة الانتخابية: تلك هي اراؤنا.. اعطونا اصواتكم. ويسعون للحصول على تفويض من الشعب».

لكن تأجيل القرار لعام 2004 بعد ان تكون دول البلطيق قد انضمت للحلف ربما يكون جزءا من استراتيجية كبيرة تجعل من الاسهل على فنلندا الانضمام عقب انضمام الآخرين دون مشاكل. والسياسة المعلنة للحكومة هي انه يتعين على فنلندا ان تظل دولة «غير منحازة» في ظل الظروف الراهنة رغم ان السياسيين يعرفون ان هذه العبارة جوفاء حيث يتغير المشهد الامني الاوروبي العام باسرع مما حلم به احد قبل سنوات قليلة. وينظر الى عرض بافو ليبونين رئيس الوزراء الفنلندي الاخير للمعارضة للمشاركة في النقاش قبيل المراجعة الامنية في عام 2004 كخطوة نحو بناء اجماع عام تحسبا لتحول متوقع في السياسة.

وبينما يعارض ثلثا الفنلنديين الانضمام لحلف الاطلسي يعتقد كثيرون على نحو متناقض ان البلاد ستنضم للحلف رغم انهم يطالبون باستفتاء حول الموضوع. تلك المفارقة مماثلة لما لمسه المرء قبل انضمام فنلندا للاتحاد الاوروبي في عام 1995.