أميركا تعتقل 31 شخصا وتلاحق 29 عربيا في إطار تحقيق حول إصدار تأشيرات مزورة في قطر

عملية سرية باسم «انقضاض النسر» يكشف أبعاد مخطط تزوير التأشيرات

TT

صرح المسؤولون بوزارة الخارجية الاميركية بأن حملة واسعة قد بدأت على المستوى القومي، للقبض على 29 عربيا حصلوا على تأشيرات دخول مزورة الى الولايات المتحدة ضمن عملية تزوير كانت تدار من داخل السفارة الاميركية في العاصمة القطرية الدوحة. ومن بين 71 شخصا حصلوا على هذه التأشيرات المزورة هناك اثنان سكنا في فترة من الفترات مع الخاطفين في أحداث 11 سبتمبر (ايلول). وقال مسؤولو وزارة الخارجية الاميركية ان 31 من هؤلاء رهن الاحتجاز حاليا، وان ذلك كان نتيجة مباشرة لعملية تحقيق سرية باسم «عملية انقضاض النسر». ومن ضمن هؤلاء المحتجزين احد الذين سكنوا مع الخاطفين.

وقد اعتقل اثنان من المحتجزين اثناء عطلة نهاية الاسبوع الماضي بالقرب من مدينة ديترويت، وذلك لدخولهما الولايات المتحدة بتأشيرتين مزورتين.

وقال فريدريك جونز، الناطق باسم وزارة الخارجية: «احتجز حتى الآن 31 شخصا، وهناك 29 يجري البحث عنهم بتركيز خاص، وقد غادر ستة آخرون الولايات المتحدة». اما الآخرون فهم من الاطفال والنساء. وتحاول المباحث الفيدرالية الاميركية ووزارة الخارجية تحديد ما اذا كان هناك ارهابيون من بين المحتجزين، ام انهم فقط اشخاص ارادوا ان يجدوا الفرصة لدخول الولايات المتحدة لاسباب اخرى، مقابل دفع بعض الاموال. ويقول المسؤولون الاميركيون انه من المبكر تأكيد وجود اية صلة بين تزوير التأشيرات والارهاب، مع ان كل قضية من القضايا ستبحث بصورة دقيقة للتأكد من وجود مثل تلك الصلة او عدمها.

وقال احد المسؤولين عن تطبيق القانون طالبا عدم كشف هويته: «في عالم ما بعد 11 سبتمبر، ننظر الى كل شيء باعتباره مصدرا للخطر». واضاف مسؤول بوزارة الخارجية: «في مثل هذا الجو، فان كل شيء يمكن ان ينطوي على خطر ما».

ويهتم مكتب المباحث الفيدرالي (إف. بي. آي) على وجه الخصوص بشخص يسمى رمزي صبحي صلاح الشناق، ويهتم كذلك برجل يسمى احمد احمد. ويقول مسؤول تطبيق القانون ان هذين الشخصين كانا يعيشان بالقرب من واشنطن بفرجينيا، مع اثنين من المشتبه فيهما في حوادث 11 سبتمبر. ويحاول المحققون ان يحددوا كذلك ما اذا كان رجل ثالث حصل على تأشيرة مزورة، كان مقيما من قبل مع هاني حنجور ونواف الحازمي. وهذان الاخيران كانا بطائرة اميركان ايرلاينز، الرحلة 77 التي ارتطمت بالبنتاغون والتي يعتقد ان حنجور كان قائدها.

واعتقل الشناق (27 سنة) الاردني الجنسية، في بالتيمور يوم 24 يونيو (حزيران) واتهم امام هيئة محلفين كبرى الاسبوع الماضي بالحصول على تأشيرة دخول مزورة الى الولايات المتحدة وهي تهمة تصل عقوبتها الى 10 سنوات مع غرامة يمكن ان تصل الى 250 الف دولار اميركي. وفي يوم الاثنين الماضي اصدرت المدعية الفيدرالية سوزان غوافي امرا بحبس الشناق دون ضمان.

ويمكن ان تكون فائدة الشناق الاساسية هي المعلومات التي يعرفها عن الخاطفين في احداث 11 سبتمبر. ويأمل المسؤولون الاميركيون ان يمدهم بمعلومات حول علاقات الخاطفين ومعارفهم داخل الولايات المتحدة وخارجها، ومصادرهم المالية ووسائل الاتصال التي كانوا يستخدمونها. وتقول التقارير ان الشناق يتعاون حاليا مع السلطات الاميركية. ومن المرجح ان الشناق حصل على تأشيرته المزورة في الاول من اكتوبر (تشرين الاول) عام 2000 ودخل الولايات المتحدة في نهاية ذلك الشهر. وقد وصل حنجور والحازمي الى الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الاول) 2000 ويناير (كانون الثاني) 2001 على التوالي. وتقول تقارير وسائل الاعلام ان الشناق وخطيبته انتقلا في الشهور الاخيرة الى العيش في منزل والد الشناق في بالتيمور. ويقال انه كان يعمل في محل للبيتزا، الا انه فصل لاهماله.

وقال مسؤول تطبيق القانون ان احمد احمد يخضع للتحقيق حاليا ولم تقدم له تهمة بعد.

الشخص الثالث الذي اعتقل هو ماجد غازي يوسف سرحان (34 سنة) وهو مواطن اردني اعتقل الاسبوع الماضي بمدينة تروي، بولاية مشيجان، بتهمة حيازة تأشيرة غير شرعية من قطر. وتقول وزارة العدل ان الحاصلين الآخرين على التأشيرات المزورة مواطنون اردنيون وسعوديون.

وبدأ التحقيق في يناير الماضي، نتيجة لمعلومات ادلى بها في نوفمبر احد المخبرين، فحواها ان احد الموظفين بسفارة الولايات المتحدة بدولة قطر يصدر تأشيرات دخول الى الولايات المتحدة مقابل 10 الاف دولار، حسب الشهادة التي ادلى بها ادوارد سايتز، الموظف الخاص بشعبة الأمن التابعة لوزارة الخارجية الاميركية. وكان التحقيق على درجة عالية من السرية بحيث ان بعض كبار الموظفين بالوزارة لم يكونوا على علم بوجوده.

ويخضع للتحقيق موظفون اميركيون ومحليون بالسفارة الاميركية بقطر. ولكن المعلومات التي ادلى بها احد مسؤولي تطبيق القانون، طالبا عدم الكشف عن هويته، تشير الى ان التحقيق يركز حاليا على رجل من فرجينيا يقال انه كان يستخرج التأشيرات المزورة مقابل مبلغ يتراوح بين 10 آلاف الى 20 الفا من الدولارات. ويقول مسؤولو تطبيق القانون ان هذا الرجل يخضع للرقابة حاليا على مدى 24 ساعة. وهذا الموظف بوزارة الخارجية الاميركية، هو واحد من مجموعة تعد على اصابع اليد الواحدة ظلت تصنف وتفرز طلبات التأشيرات الى الولايات المتحدة خلال عدة سنوات مضت. وقد عاد هذا الموظف الاميركي الى الولايات المتحدة بغرض التدريب، عندما واجهه موظفو الامن الدبلوماسي بهذه التهم.

وتقول التقارير ان الموظف رفض الادلاء بأية اقوال وكلف محاميا للدفاع عنه. وتقوم السلطات بفحص اوضاعه المالية للعثور على أي أثر لمعاملات مالية يمكن ان تكشف دخلا غير شرعي. وقال مسؤول تطبيق القانون الفيدرالي: «انهم يلاحقون آثار الاموال غير الشرعية هنا ايضا». وقال المسؤول ان «حفنة» من السعوديين كانوا من بين اولئك الذين اشتروا التأشيرات المزورة. ولكنه اضاف ان اشخاصا من مختلف الاعراق اشتركوا في ذلك ايضا. وقال المسؤول: «ربما يكون الناس قد سمعوا عن هذا الرجل، وانك يمكن ان تحصل على مساعدته اذا كان لديك عشرة آلاف دولار. ولذلك يبدو انهم جاءوا اليه من جميع الجهات».

ويعتقد موظف قنصلي سابق بوزارة الخارجية الاميركية ان الشناق ربما يكون قد سعى للحصول على تأشيرة مزورة لأن اباه يعيش بالولايات المتحدة ومن الصعب على الابناء فوق سن الواحدة والعشرين الحصول على تأشيرات للالتحاق بأسرهم. ونسبة لطول صفوف المنتظرين على المستوى العالمي فانه ربما ينتظر خمس سنوات حتى يحصل على مثل تلك التأشيرة. ولم يكن من السهل على الشناق الحصول على تأشيرة سياحية لان السلطات تخشى في حالة مثل حالته من احتمال الاقامة غير القانونية.

وبعد بداية التحقيق في مخالفات السفارة الاميركية بدولة قطر، وسعت وزارة الخارجية الاميركية مدى تحقيقاتها بعد احداث 11 سبتمبر، بحثا عن عمليات تزوير اخرى ربما تكون قد سمحت لبعض المتطرفين والارهابيين من «القاعدة» او من غيرها من المنظمات، بدخول البلاد.

وتأتي هذه التحقيقات في ظرف دقيق بالنسبة لوزارة الخارجية. اذ ان الادارة الاميركية تفكر حاليا في نقل سلطات منح التأشيرات الى الهيئة الجديدة المسماة «شعبة أمن الوطن».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»