الدنمارك تواجه وزير الخارجية الإسرائيلي بمطلب الانسحاب فورا من المدن الفلسطينية

الفلسطينيون يعتقدون أن المحادثات السياسية التي تجريها إسرائيل.. صورية

TT

رغم الانتقادات التي وجهها رئيس الحكومة الدنماركي، اندرس فوج راسموس، للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، سيجابه وزير الخارجية الاسرائيلي شيمعون بيريس في كوبنهاغن بمطلب حازم هو: الانسحاب فورا من المدن الفلسطينية للبرهنة على ان المحادثات السياسية التي بدأها بيريس مع وزراء فلسطينيين ليست صورية.

ونقل على لسان مصدر كبير في الخارجية الاسرائيلية اعد زيارة بيريس الى الدنمارك ان الاجواء هناك معكرة تجاه اسرائيل حيث يسود شعور قوي بأنها «تستغل الدعم الدولي الواسع لها في حربها ضد الارهاب الفلسطيني من اجل اهداف سياسية شيطانية ترمي الى طمس الحقوق الفلسطينية وتكريس احتلالها للاراضي الفلسطينية». وبناء عليه، فإن هذا المسؤول توقع ان يواجه بيريس مواقف لا ترضيه.

وكان بيريس قد توجه امس الى كوبنهاغن مستمدا التشجيع من تصريحات راسموس ضد عرفات كونه «لم يعمل ما يجب عمله لمكافحة الارهاب» و«لا يعمل على تقدم مصالح شعبه الفلسطيني».

ورأت اسرائيل اهمية كبرى في هذه التصريحات كون الدنمارك بدأت في مطلع الشهر رئاسة الاتحاد الاوروبي. وسيلتقي بيريس اضافة الى راسموس ايضا وزير الخارجية بير ستيج مولر. وسيلقي كلمة امام لجنة الخارجية ومجلس العلاقات الدولية في البرلمان.

ومن المتوقع ان تطلب الدنمارك من بيريس ان تبدأ اسرائيل في التعامل بجدية اكبر مع مواقف الاتحاد الاوروبي من النزاع في الشرق الاوسط الاوسط، خصوصا المطلب بالانسحاب الفوري.. «حيث انه لا يمكن مطالبة الفلسطينيين بانتخاب قيادة جديدة واجراء اصلاحات، في حين يسيطر الجيش الاسرائيلي على المناطق الفلسطينية ويعرقل مسار الحياة فيها».

يذكر ان الشكوك في النوايا الاسرائيلية سمعت ايضا في القيادة الفلسطينية. فقد عقب وزير الاعلام والثقافة ياسر عبد ربه، على لقاءات بيريس مع وزراء المالية (سلام فياض) والداخلية (عبد الرزاق يحيى) والحكم المحلي صائب عريقات، يوم الثلاثاء قائلا «لقد جاء بيريس خالي الوفاض لا يتمتع بصلاحية الحديث عن الامور السياسية. ولا جواب شاف عنده لأي مطلب فلسطيني بخصوص استمرار العمليات الحربية او الاحتلال للمدن او تحرير اموال السلطة الفلسطينية او استئناف المفاوضات». وقال «ان الانطباع الذي تركه بيريس هو ان ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي ارسله لهذه اللقاءات فقط لكي يتظاهر امام العالم بأنه يجري محادثات، ويغطي بذلك على الجرائم الحربية التي يرتكبها جيشه كل يوم».

ويذكر ان بيريس نفسه كان يخشى من ترك شعور كهذا لدى الفلسطينيين. وكان شارون، اصلا، يرفض اجراء اي لقاءات مع السلطة الفلسطينية. ووافق على ذلك فقط بعد ان هدد بيريس بالاستقالة قائلا: «لا استطيع البقاء وزيرا للخارجية في حكومة لا تطرح افقا سياسيا». ومع انه حصل على موافقة شارون باجراء لقاءات «بشرط الا تكون تلك لقاءات تفاوض»، فقد جوبه بيريس بانتقادات لاذعة وساخرة من اليسار الاسرائيلي وحتى من القوى الليبرالية والصحافة، حيث يتهمونه بالتشبث بالكرسي فقط وبأنه مقابل هذا الكرسي يدفع ثمنا باهظا اذ يساعد شارون على خداع الشعب في اسرائيل والعالم اجمع باظهاره راغبا في السلام بينما هو معروف بأهدافه الحربية التوسعية. بل يصفون بيريس وحزب العمل بأنهما «ورقة التين التي تستر عورات شارون امام العالم».

من جهة اخرى بدأ رئيس اركان الجيش الاسرائيلي الجديد الجنرال موشيه يعلون، ممارسة مهامه ابتداء من يوم اول من امس، حالا محل شاؤول موفاز الذي انهى خدمة 36 عاما في هذا الجيش. وكان الامر الاول الذي اصدره يعلون لقواته: «علينا عمل كل شيء للخروج منتصرين في هذه الحرب، التي فرضت علينا، من الارهاب الفلسطيني».

وكانت صحيفة «هآرتس» قد نشرت ملخصا لتقرير استخباري طرح على طاولة يعلون، مفاده ان هذا «الانتصار» قريب جدا «اذ ان ياسر عرفات بات «ميتا يمشي» (اسم فيلم اميركي). فقد كان خطاب الرئيس بوش بالنسبة له شهادة وفاة. اذ منذ الخطاب بدأ الشعب الفلسطيني يجري حساب نفس حول العمليات الانتحارية ويكتشف انها اضرته كثيرا. والآن بدأوا يتحدثون صراحة عن ضرورة تبديل عرفات وبينما هو مشغول في حماية كرسيه، نجد مساعديه مشغولين في الحرب على الخلافة والارث».

وقال التقرير ان حساب النفس وصل حتى الى قيادة «حماس»، فهي ايضا تشعر ان الجمهور الفلسطيني يحملها مسؤولية التدهور. ولذلك طرحت اقتراح «الهدنة» مجددا مع اسرائيل.

وخلاصة التقرير ان الضغط الجاري حاليا، من العمليات الاسرائيلية ومن العالم ومن الشارع الفلسطيني، كفيلة باسقاط حكم عرفات. وعلى اسرائيل ان لا تزيد الضغط وان لا تخففه.