أميركا ترحل 131 باكستانيا في عملية سرية

TT

في عملية غير مألوفة شارك فيها مئات الضباط من إدارة الهجرة والتجنيس، استأجرت وزارة العدل الاميركية سرا طائرة برتغالية ورحلت على متنها 131 باكستانيا كانوا طيلة شهور رهن الحبس في مراكز اعتقال تابعة لإدارة الهجرة في مختلف انحاء الولايات المتحدة.

وقال مسؤول باكستاني ان غالبية المعتقلين جرى حبسهم بموجب برنامج لوزارة العدل يهدف لتحديد اماكن الاجانب الذين تجاهلوا اوامر الإبعاد السابقة والذين اصبحوا تحت المتابعة عقب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي، بيد ان مسؤولين اكدوا انه ليس من بين المعتقلين الباكستانيين من له صلة بالارهاب.

وكان المسؤولون الباكستانيون والاميركيون قد رتبوا اجراءات نقل المعتقلين الباكستانيين كوسيلة لحل قضايا دبلوماسية بين البلدين منذ شروع وزارة العدل في اعتقال مهاجرين في الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر الماضي. الجدير بالذكر ان السلطات الاميركية كانت قد القت القبض على حوالي 1200 شخص معظمهم من منطقة جنوب آسيا بسبب انتهاك قوانين الهجرة الاميركية والتحقيق حول الارهاب. وطبقا لآخر احصائيات اميركية حكومية، لا يزال هناك 74 اجنبيا رهن الحبس بسبب مخالفات هجرة لها صلة بالتحقيق حول الارهاب.

وتجدر الاشارة الى ان السلطات الاميركية لم توجه تهما تتعلق بالارهاب لأي ممن القي القبض عليهم عقب هجمات 11 سبتمبر. وكانت عمليات الاعتقال وما تبعها من إبعاد قد جرت سرا، مما اثار انتقادات منظمات معنية بالحقوق المدنية اتهمت السلطات الاميركية بأنها استهدفت المسلمين على نحو غير قانوني واثارت ارتباكا في حياة مئات الاشخاص الذين لا صلة لهم بالارهاب والذين بنوا حياتهم في الولايات المتحدة.

وصعد غالبية المواطنين الباكستانيين الذين جرى ترحيلهم من لويزيانا الى بلادهم في 26 يونيو (حزيران) الماضي على متن الطائرة المستأجرة طواعية وبكل هدوء، بيد ان 40 منهم لم يبدوا ارتياحا لقرار الإبعاد، حسبما اشار عمران علي، احد مسؤولي القنصلية الباكستانية. فقد قاوم احدهم بانبطاحه على المدرج، فيما اضطر افراد ادارة الهجرة والتجنيس لحمل آخر الى داخل الطائرة. وقبل ثوان فقط من استعداد الطائرة للاقلاع انزل من على متنها معتقل باكستاني نجحت زوجته في الحصول على امر من المحكمة بوقف اجراءات ترحيله.

ووصلت الطائرة الى الاراضي الباكستانية بعد 20 ساعة في مشهد لا يقل درامية عن المشهد الذي سبق اقلاعها من لويزيانا. وقال احمد خان، الذي كان على متن الرحلة وساعد في التخطيط لعملية الترحيل، ان حوالي 50 من المبعدين، الذين اصابهم الارهاق من طول الرحلة، سجدوا لله شكراً بعد ان ازيلت الاصفاد من ايديهم فور نزولهم من الطائرة على ارض المدرج رغم درجة الحرارة العالية.

وقال علي «ان المنظر كان مؤثرا، فالمبعدون شكروا الله على اطلاق سراحهم، رغم ان غالبيتهم تشعر بالاحباط ازاء ابعادهم عن الولايات المتحدة». واشار علي خان الى ان الكثير منهم بكى، لكنهم شعروا بفرحة العودة الى باكستان اثر اطلاق سراحهم بعد فترة حبس امتدت ما بين ثمانية الى تسعة أشهر. وكانت السلطات الاميركية قد امتنعت عن الادلاء بأي معلومات للمبعدين او لأسرهم حول الرحلة بسبب مخاوف امنية، رغم ان السلطات سمحت لهم بإجراء اتصالات هاتفية قبل ترحيلهم. واوضح علي خان انه كان مقررا في البداية ان يكون على متن الرحلة 170 شخصا، بيد ان 39 من الذين كان مقررا ابعادهم حصلوا على اوامر قضائية الغي بموجبها اجراء ترحيلهم.

وطبقاً لإحصائيات اصدرتها وزارة العدل الاميركية العام الماضي، فإن 300 من جملة المعتقلين في الولايات المتحدة يحملون الجنسية الباكستانية، اذ كانوا يشكلون اكبر عدد من المعتقلين من دولة واحدة. وكان مسؤولون باكستانيون، بمن في ذلك الرئيس برويز مشرف، قد حثوا الحكومة الاميركية مطلع العام الجاري على تسريع اجراءات إبعاد المعتقلين وترحيلهم على دفعات صغيرة، على ان يرافقهم بعض الحراس، بيد ان علي خان اوضح ان هذه العملية توقفت في مايو (أيار) الماضي لأسباب ادارية. وطبقا لمسؤولين اميركيين، فإن العملية التي جرت بتنسيق ضباط ادارة الهجرة والتجنيس الاميركية تمت بهدوء لأسباب امنية. وقال مسؤولون ان الحكومة اختارت استخدام السلطات الاميركية طائرات مستأجرة لم يكن فقط بسبب الحاجة الى طائرات اكبر حجما وإنما بسبب مخاوف من ان تصبح أي طائرة اميركية هدفا محتملا. وكان على متن الرحلة اضافة الى المبعدين 30 من الضباط غير المسلحين التابعين لادارة الهجرة والتجنيس تناوبوا على حراسة المبعدين خلال الرحلة. واوضح علي خان ان ضباط الحراسة ظلوا واقفين طوال الرحلة في ممرات الطائرة، كما قدمت للمبعدين وجبات خاصة وسمح لهم بمشاهدة ثلاثة افلام. وكان على متن الرحلة ممرضان لتقديم العقاقير المزيلة للألم ومراقبة المعتقلين.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»