الأصوليون الجزائريون يصعدون هجماتهم ويقتلون 14 شخصا

TT

تواصل الجماعات المسلحة الأصولية الجزائرية تصعيد عملياتها ضد المدنيين وقوات الأمن، حيث اغتالت 14 شخصا في عمليتين مختلفتين ضد عائلة ودورية للشرطة.

وقالت مصادر مطلعة إن مجموعة مسلحة مكونة من أربعة أفراد اقتحمت، في حدود التاسعة من ليلة أول من أمس، منزل عائلة بوعلام في حي الملعب الجديد بوسط مدينة تيارت (غرب)، وأطلقت عيارات نارية من أسلحة رشاشة من نوع «كلاشنيكوف» على أفراد العائلة، قبل أن تلوذ بالفرار. وحسب مصادر أمنية، اتصلت بها «الشرق الأوسط»، فإن أعمار الضحايا تتراوح بين ثلاث سنوات و48 سنة (3 ذكور و6 إناث)، وهم أرملة بوعلام (اغتيل قبل حوالي سنتين في عملية إرهابية) وثمانية من أبنائه، ولم ينج سوى الابن عبد القادر (7 سنوات) وخالته، التي توفيت بعدها في المستشفى، واصيب الابن بجروح خفيفة على مستوى يده اليمني.

وتشير مصادر أخرى متطابقة إلى أن عائلة بوعلام، التي لم يبق منها إلا الطفل عبد القادر، كانت قد نزحت إلى مدينة تيارت هروبا من بطش الجماعات المسلحة التي قتلت الوالد في بلدية الملعب بولاية تيسمسيلت. غير أن هروبها، مثلما هو حال العديد من العائلات الريفية النازحة، لم يحمها تماما من بطش الجماعات، التي لاحقتها. وفي مدينة قوراية بولاية تيبازة (غرب العاصمة) سقطت سيارة تابعة للشرطة الحضرية في كمين قرب مكان يدعى الجسر الجديد فتعرضت لوابل من الرصاص، وأسفر ذلك عن مقتل جميع ركاب السيارة التي استهدفها الكمين، وكان عددهم أربعة وتتراوح أعمارهم بين 28 و38 سنة. وقد جرت العملية في حدود الساعة الثالثة من فجر أمس، عندما كانت سيارة الضحايا تقوم بدورية عادية. وقد سارعت قوات الجيش والشرطة إلى تطويق المنطقة بحثا عن مرتكبي الاعتداء الذين أخذوا معهم أسلحة الشرطة وأجهزة الاتصال اللاسلكي التي كانوا يحملونها.

وجرت هذه العملية بعد أقل من عشر ساعات على تصريحات أدلى بها المدير العام للأمن الوطني العقيد علي تونسي، قال فيها إن البلد يخوض حربا حقيقية ضد الجماعات الإرهابية ودعا المواطنين إلى الالتفاف حول قوات الأمن المختلفة من أجل توجيه ضربة قاضية ضد عناصر هذه الجماعات التي لا تزال تزرع الرعب في أوساط المدنيين العزل.

وكشف العقيد تونسي، في تصريح للصحافة بمناسبة الاحتفالات بالذكرى الأربعين لتأسيس الشرطة الجزائرية، عن وجود استراتيجية جديدة شرعت فيها السلطات الأمنية لمواجهة التصعيد الأخير للجماعات المسلحة، لكنه رفض تقديم أية تفاصيل عن هذه الاستراتيجية بحجة أنه «غير ممكن كشف تفاصيل عن الطرق والأساليب التي ننتهجها من أجل محاصرة عناصر الجماعات الإرهابية واعتقال مرتكبي الاعتداءات الأخيرة». وأشار قائد الشرطة إلى أن «التحقيقات جارية حول الاعتداءات الأخيرة ضد عناصر من الشرطة في العاصمة، وقد حصلنا على معلومات سنعلن عنها عندما نتأكد منها»، مؤكدا أنه يوجد من بين منفذي هذه الاعتداءات، في أحياء راقية وفي وسط العاصمة، مراهقون لا تتجاوز أعمارهم 17 سنة، همهم الحصول على الأسلحة. ولم يستبعد علي تونسي بروز نوع آخر من العمل المسلح يخلف العمل الإرهابي، ويتعلق الأمر بالجريمة المنظمة، لذلك أشار إلى احتمال توجه أصحاب الاعتداءات الأخيرة على عناصر الشرطة في العاصمة إلى مداهمة المحلات والسطو والاتجار بالمخدرات. وأعلن العقيد تونسي أن مديرية الأمن تنوي تجنيد 6 آلاف عنصر جديد في صفوفها.

إلى ذلك، أفادت مصادر مطلعة، أمس، أن السلطات الأمنية فرضت على المسلحين التائبين التوجه مرة كل ثلاثة أيام إلى مركز الشرطة أو الدرك القريب من مقر سكنهم للتوقيع وتأكيد حضورهم هناك. والتائبون هم المسلحون الذين اختاروا الدخول في هدنة ووضعوا أسلحتهم قبل أن يستفيدوا من أحكام قانون الوئام المدني واصدر الرئيس بوتفليقة في حقهم عفوا شاملا في يناير (كانون الثاني) عام 2000.