الكويت: البرلمان يحقق في أموال يعتقد أنها صرفت على مرشحين في الإنتخابات

TT

اقر مجلس الامة الكويتي في نهاية اعمال دورة الانعقاد الحالية امس تشكيل لجنة مكونة من خمسة اعضاء في المجلس للتحقيق في اموال البنك المركزي التي صرفت اثناء الحملات الانتخابية عام 1999، لاعتقاد النواب ان الاموال وجهت الى مرشحين دعمتهم الحكومة بقصد شراء اصوات الناخبين. وقرر المجلس التحقيق في قيمة المبالغ وتاريخ صرفها والجهة او الجهات التي صرفت لها، سواء كان ذلك بالدينار الكويتي او بالنقد الاجنبي، على ان تقدم اللجنة الى المجلس تقريرا عن مهمتها خلال ستة اشهر وان يتضمن التقرير ذكرا لشخص طبيعي او اعتباري، وهو ما يخشى ان نوابا حاليين وسابقين استفادوا من الاموال التي طلبتها وزارات الخارجية والاعلام والدفاع.

واختار البرلمان 5 اعضاء يمثلون الكتل السياسية داخل البرلمان وهم: النواب احمد الدعيج (اسلامي سلفي) والدكتور حسن جوهر (ممثل عن التكتل الشعبي) وعبد الله الرومي (تكتل المستقلين) وعبد الله النيباري (الليبراليين) والدكتور ناصر الصانع (التكتل الاسلامي).

وتعتقد اوساط سياسية ان التقرير اذا ما انجز قبل نهاية العام الحالي قد يحمل مفاجآت بورود اسماء حصلت على مبالغ للدعم الانتخابي، مما قد يعيد الازمة بين الحكومة والبرلمان الى التصعيد مرة اخرى. وكلف البرلمان ديوان المحاسبة بالتحري عن حقيقة المخالفات المالية والادارية بمكتب الاستثمار الكويتي في لندن التابع للهيئة العامة للاستثمار. وفي الجلسة الختامية، قال رئيس مجلس الامة جاسم محمد الخرافي ان عدد الاسئلة الموجهة من الاعضاء الى الوزراء خلال هذا الدور (بدأت قبل 8 اشهر) بلغت 557 سؤالا، بالاضافة الى 1989 سؤالا عن الادوار الماضية، واجابت الحكومة عن 2280 سؤالا منها ولا يزال 266 سؤالا باقيا من دون اجابة. وقال الخرافي: «اننا اختلفنا حيثما كان الاختلاف في الرأي وسيلة للوصول الى الافضل واتفقنا حيثما كانت مصلحة الوطن ووحدة الصف تقتضي ذلك». واشار الى ان «هذا الدور كان خطوة للأمام في المسيرة الديمقراطية». وفي تصريح للصحافيين قال الخرافي «إن احتكام اعضاء مجلس الامة الى الديمقراطية اثبت حرصهم على الكويت ومستقبلها، وهذه الدورة كانت بكل المقاييس دورة فيها الكثير من الاختلاف في بعض من المواضيع، وفيها الكثير من الاتفاق على المواضيع الاخرى وكان هناك تخوف على هذه المؤسسة».

من جانبه، اكد النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد في تصريح للصحافيين على أن التعاون بين السلطتين ضروري «وعدم التعاون لن يكون في مصلحة الكويت وشعبها». ودعا جميع الاطراف الى تغليب المصلحة الوطنية ونبذ جميع الخلافات والحرص على التعاون تحقيقا لمصلحة الكويت وشعبها. ورأى ان «ما حصل من تشنجات وبعض السلبيات في الجلسات السابقة لن يؤثر في نفوس الكويتيين وسيختفي مستقبلا». وفي كلمته امام البرلمان وصف الشيخ صباح استجواب وزير المالية الدكتور يوسف الابراهيم الذي انتهى الاسبوع الماضي بتجديد الثقة بـ«المناظرة البرلمانية التي اسفرت عن انتصار جديد للديمقراطية في وطننا». واعتبر ان ما اسفرت عنه هذه الجلسة من نتائج «لا يمثل فوزا لفريق دون آخر، فالكويت لم تكن يوما فئوية او طائفية او قبلية وستبقى دائما لأهلها جميعا اسرة واحدة يكنون لها الوفاء والولاء، شركاء في المصير وشركاء في القرار وشركاء في السراء والضراء».

واشار الى ان تجربة «لعلها الاكثر حرجا في العمل البرلماني والممارسة السياسية وصاحبت الاستجواب وتداعياته وما زامنها من توترات ومساجلات لتضع المواطنين في حالة قلق وتجاذب وترقب وتشغل اجهزة الدولة عن تسيير امورها». ودعا الشيخ صباح السلطتين التنفيذية والتشريعية «الى وقفة تأمل واقعية ومراجعة للنفس والوجدان، وصولا الى كلمة سواء نحتكم اليها في ممارسة مسؤولياتنا الوطنية».

واكد ان «الديمقراطية قدرنا وخيارنا وان ديمقراطيتنا ثمرة كويتية عريقة متجددة وليست منتجا مستوردا قابلا للاستهلاك وانها ديمقراطية لن تحول ابناء الكويت الى فرقاء ما بين غالب ومغلوب مهما كانت التسميات والانتماءات».

ورفض ان «تكون الديمقراطية ابدا اسفين هدم وتفريق في لحمة هذا المجتمع، وانها ديمقراطية من الاصالة بما لا يسمح بتحويل برلمانها الى مسرح استعراضي لمساجلات ومنازلات سياسية لا جدوى لها». وتمنى ألا تنحني الديمقراطية امام «التجاذبات والتشنجات السياسية ولا تخضع للضغوط ومراكز القوى ولا تسمح بالجنوح في استعمال حقوق سبيلا لتصفية الحسابات وتحقيق المكاسب ولا تقبل بحرمان الدولة والمجتمع من الاستقرار السياسي».

واضاف «كفى ديمقراطيتنا امتحانا تلو امتحان ولندرك جميعا ان المصلحة الوطنية تكمن فقط في تعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية وتجاوز الحساسيات وممارسة الحقوق الدستورية بروح المسؤولية والتعقل والحكمة».