تباين فلسطيني حول تحديد مكان قاتل الجنود اللبنانيين الثلاثة في عين الحلوة

TT

لم يطرأ امس اي جديد على المساعي الهادفة الى تسليم المسؤول عن قتل العسكريين اللبنانيين الثلاثة في محيط مخيم عين الحلوة الفلسطيني في مدينة صيدا مساء الخميس الماضي، وهو اللبناني بديع حمادة المعروف بـ «ابو عبيدة»، في وقت تضاربت فيه تصريحات المعنيين في مخيم عين الحلوة وقادة الفصائل والمنظمات الفلسطينية حول مكان «ابو عبيدة»، ورغم مرور اكثر من ثلاثة ايام على مقتل العسكريين اللبنانيين وعدم استسلام او تسليم القاتل فان الضغط الشعبي الفلسطيني تواصل امس لحمل المعنيين على تسليم القاتل وتجنيب المخيم انعكاسات وتصرفات لا مصلحة للفلسطينيين فيها.

وفي اطار الضغط الشعبي لمنع ترك المخيمات الفلسطينية ساحة للعبث بالامن، شهد مخيم عين الحلوة تحركات متواصلة تضامناً مع الجيش اللبناني واستنكاراً للحادث وللمطالبة بتسليم مرتكبه.

وقال مسؤول ميليشيا «فتح» في لبنان العقيد منير المقدح، في اول تصريح له منذ الحادث: «ان ابو عبيدة قد يكون خرج من المخيم». واضاف: «قد يكون دخل المخيم يوم الحادثة، ولكن بعد الحملة الامنية الواسعة لا يستطيع البقاء داخل المخيم. وربما اصبح الآن خارج المخيم. ولذلك يجب البحث عنه في الداخل (المخيم) والخارج». وتساءل: «لماذا التركيز على البحث في المخيم؟». واعتبر «ان المشكلة هي في تحديد المكان. واذا كان في ازقة المخيم فأنا اكفل اعتقاله من دون ان تطلق رصاصة واحدة».

ورداً على تصريحات المسؤول الفلسطيني الاول في لبنان العميد سلطان ابو العينين قال المقدح: «طالما انه يعرف مكانه ليقل لي اين هو ويتخذ قراراً. وانا جاهز لاعتقاله من دون اية طلقة ومن دون اي انذار». وطالب الجيش اللبناني باستدعاء المسؤولين الفلسطينيين الذين ابلغوا معلومات عن وجود «ابو عبيدة» في المخيم والتحقيق معهم.

ورأت مصادر فلسطينية «ان المشكلة باتت تكمن في محاولة كل طرف فلسطيني قبض اثمان سياسية مقابل القاء القبض على ابو عبيدة». وقالت هذه المصادر لـ «الشرق الاوسط» ان تصريحات الرجل الاول في منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان العميد سلطان ابو العينين حول معرفته بمكان «ابو عبيدة» والقاء القبض عليه حتى ولو كلف ذلك نهراً من الدماء هي محاولة منه لعقد صفقة مع الدولة اللبنانية (كون حركة فتح التي ينتمي اليها تشكل العمود الفقري العسكري في المخيم) وخلق معادلة وتوجيه رسالة تقوم على قبض ثمن سياسي يتمثل في الغاء الاحكام القضائية الصادرة بحقه وبحق بعض مسؤولي «فتح» في لبنان والتي يصل بعضها الى الاعدام، اضافة الى تفاوض الدولة اللبنانية مع منظمة التحرير كجهة وحيدة في المخيم ومن دون التعاطي مع الآخرين وتحديداً مع المناوئين للقيادة الفلسطينية.

لكن مسؤولاً في حركة «فتح» نفى ذلك. وقال: «ان ما يعيق القاء القبض على ابو عبيدة هو عدم معرفتنا بمكان اختبائه رغم المداهمات الكثيرة التي نفذها رجالنا في احياء المخيم وتحديداً في حي الصفصاف».

إلا ان المعوقات الاساسية لعملية القاء القبض على قاتل العسكريين اللبنانيين الثلاثة تبقى، على ما يبدو، عدم تحمل اي فريق فلسطيني مسؤولية هذه المسألة لانها تفتح الباب على صراع مع بعض القوى الاسلامية وان كانت هذه الاخيرة قد اعلنت رفعها الغطاء السياسي عن «ابو عبيدة».

ميدانياً، واصل الجيش اللبناني اجراءاته الامنية عند مداخل مخيم عين الحلوة حيث اخضع السيارات لتفتيش دقيق وسيَّر دوريات مؤللة في المناطق القريبة من المخيم وان كانت الاجراءات قد بدت اقل تشدداً عما كانت عليه في اليومين السابقين.

في غضون ذلك، تواصلت اللقاءات والاجتماعات في عين الحلوة حيث شكلت لجنة متابعة من القوى والفصائل لمتابعة التطورات. وهي تضم عدداً من المسؤولين من منظمة التحرير الفلسطينية والقوى الاسلامية وتحالف الفصائل وتنظيم «جند الله» الذي يتزعمه المسؤول المنشق عن «فتح» جمال سليمان الذي قالت مصادر فلسطينية لـ «الشرق الاوسط» انه ينسق مع عدد من المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين في عملية اعتقال «ابو عبيدة».

من جهة اخرى، يعقد مجلس الامن المركزي في لبنان اجتماعاً قبل ظهر اليوم، برئاسة وزير الداخلية الياس المر، يبحث خلاله المستجدات الامنية خصوصاً قضية مقتل 3 عناصر من مخابرات الجيش اللبناني.

وفي اطار ردود الفعل على حادث عين الحلوة، نبه الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب اللبناني وليد جنبلاط في بيان اصدره امس من «مخاطر انجراف بعض الجهات اليمينية المتطرفة نحو المغامرة باستغلال الجريمة التي ادت الى استشهاد 3 عسكريين سياسياً ودعائياً من اجل افتعال اجواء تحريضية لا تخدم لبنان في شيء».

ودعا الحزب في بيانه الى «بذل كل الجهود لتسليم القاتل فوراً» معتبراً «ان اي خلل امني في الجنوب او في غيره يلحق ضرراً فادحاً بلبنان وبالفلسطينيين ويقدم اوراقاً مجانية لا يستفيد منها سوى العدو الاسرائيلي».

واعرب البطريرك الماروني نصر الله صفير، في عظة القاها امس، عن اسفه الشديد للجريمة التي ذهب ضحيتها 3 جنود من الجيش اللبناني. وقال: «لا يمكننا الا ان نشير الى ان ما قد يكون شجع من اقدم على ارتكاب هذه الجريمة النكراء هو تغاضي الدولة عن امثاله من المجرمين». واضاف: «ان الجيش اللبناني اثبت انه، على اختلاف انتماءات افراده وضباطه، لكل لبنان».

وقال النائب اللبناني علي بزي في كلمة القاها خلال تمثيله رئيس المجلس النيابي نبيه بري امس في احتفال في بلدة كفررمان بجنوب لبنان: «ان الجريمة ـ المجزرة يجب الا تكون مجرد بحث في الادانة والاستنكار والشجب، بل يجب ان تكون لدينا الجرأة على القاء القبض على الفاعلين وسوقهم الى المحاكمة لينالوا قصاصهم العادل». واعتبر «ان المستفيد من هذه الجريمة هو العدو الصهيوني اولاً واخيراً».

كذلك استنكر النائب ياسين جابر جريمة قتل العسكريين الثلاثة مطالباً بتسليم المجرمين «من دون تلكؤ حفاظاً على العلاقة الايجابية القائمة حتى اليوم بين الدولة والمخيمات».

ودعا النائب اللبناني غبريال المر «السلطة اللبنانية الى بسط سيادتها على كامل الاراضي اللبنانية بما فيها المخيمات الفلسطينية» مستغرباً صيغة الامن بالتراضي. وقال في حديث اذاعي امس: «يجب الا يكون هناك سلاح الا في يد الجيش والاجهزة الامنية اللبنانية لا في المخيمات ولا في اي مكان آخر». واضاف: «نحن نؤيد الفلسطينيين في صراعهم وقتالهم ولكن على ارضهم وليس على ارضنا».