تقرير يدعو لتقليص حجم وزارة الأمن الداخلي الأميركية المقترحة

TT

توصلت دراسة مستقلة الى ان قرار الرئيس الاميركي جورج بوش بتشكيل وزارة جديدة للامن الداخلي «يضع في سلة واحدة عددا كبيرا جدا من النشاطات المتباينة»، وان تلك الوكالات والنشاطات يجب ان تقلل بصورة حاسمة اذا اريد للقرار الجديد أن يحظى باي قدر من النجاح.

وحث معهد بروكينغز، وهو مركز ابحاث بارز مقره واشنطن وعادة ما يقدم التوصيات للحكومة الاميركية، الكونغرس على الحذر الشديد عندما يناقش مشروع الرئيس بوش الذي يقضي بدمج 22 وكالة، بشكل كلي او جزئي، في وزارة واحدة تكون ميزانيتها 38 مليار دولار ويعمل فيها حوالي 170 الف موظف.

ويأتي تقرير المعهد في وقت تسارعت فيه الخطى داخل الكونغرس بصورة لا سابق لها، لمناقشة التعديلات على ضوء مشروعين تمت صياغتهما في مجلسي النواب والشيوخ وينتظر التصويت عليهما نهاية الشهر الجاري.

ويقول التقرير «ان القضية لم تعد الآن اعادة التنظيم او عدمها، بل صارت هي كيفية ومدى اعادة التنظيم. ومن الواضح ان الكونغرس يتجه الى تكوين وزارة جديدة، ولكن من حقه ان يختار نوعية هذه الوزارة من حيث الحجم والشمول».

ويحذر التقرير من أن تشكيل وزارة بهذا الحجم الهائل مشروع فضفاض وينطوي على مخاطر جمة. ويوضح التقرير ذلك على النحو التالي «الخطر هو ان كبار الاداريين سيقضون شهورا، ان لم يكن اعواما، لاستيعاب كيفية عمل الوزارة. وهذا يعني انهم لن يتمكنوا من بذل كل الجهود من اجل اداء مهامهم الحقيقية والمتمثلة في اتخاذ الخطوات العملية والملموسة لمواجهة اخطار الارهاب على المستوى المحلي».

ويوصي التقرير الذي صاغته مجموعة من كبار المحللين السياسيين، بتضييق نطاق خطة البيت الابيض للتركيز على امن وسائل المواصلات والحدود، وتحليل المعلومات الاستخباراتية وحماية البنيات التحتية الاساسية لكل البلاد. كما اوصى التقرير بعدم ادخال الوكالة الفيدرالية لادارة الطوارئ (فيما) في الوزارة الجديدة مع ابقاء البحوث البيولوجية بوزارة الصحة والخدمات الانسانية. وتتصدى (فيما) الى الكوارث الطبيعية وتلك التي يسببها الانسان وتستطيع مواصلة ادائها بصورة جيدة وهي مستقلة كما برهنت تجربتها السابقة.

ويتفق فريق بروكينغز على ان الوكالات الاساسية التي يمكن ان تشملها الوزارة الجديدة هي خفر السواحل، وجمارك ادارة الهجرة والتجنيس، وامن وسائل الاتصال. وكل هذه الوكالات تشملها خطة الرئيس بوش. واقترحت الدراسة ايضا ان يكون متاحا لوزارة الامن الداخلي الحصول على قدر اكبر من المعلومات الاستخباراتية الأولية مما تقترحه خطة البيت الابيض. وبدلا من تكوين وزارة تتلقى وتحلل المعلومات الاستخباراتية التي تجمعها وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. ايه) ومكتب المباحث الفيدرالي (اف. بي. آي)، وغيرهما من الوكالات، فان من الافضل ان تضم الى الوزارة الجديدة وحدة مكتب المباحث المتخصصة في تحليل المعلومات الاستخباراتية المتصلة بالارهاب، وفق ما يقول تقرير المعهد.

واعد هذا التقرير فريق من معهد بروكينغز، ضم كلا من ايفو دالادر، كبير الباحثين في السياسة الخارجية، وبول لايت، نائب الرئيس ومدير وكالة الدراسات الحكومية، وجيمس ستاينبيرغ، كبير الباحثين في السياسة الخارجية.

وتعكس توصياتهم بعض التغييرات التي اقترحتها لجان الكونغرس والمنتقدين في الأسابيع الأخيرة. ففي الأسبوع الماضي أوصت لجان كثيرة تابعة لمجلس النواب بإعادة النظر في خطة الرئيس بوش. وتتضمن هذه التوصيات ترك خفر السواحل والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ خارج مسؤولية وزارة الامن الداخلي وتقوية الخدمة المدنية، وحماية الاتحادات المهنية وأولئك الذين يكشفون المخالفات القانونية من عاملين داخل الوكالة.

وقدمت هذه التوصيات إلى اللجنة التابعة لمجلس النواب والمكلفة بالأمن الداخلي. وضمت التوصيات اقتراحاً بتشكيل لجنة تتكون من تسعة أعضاء وتقوم بإعداد نسخة مجلس النواب لمشروع القانون كي يدور حولها النقاش داخل المجلس. وتقرر عقد عدة جلسات هذا الأسبوع لهذه اللجنة التي يرأسها زعيم الأغلبية البرلمانية ريتشارد آرمي، على ان يبدأ أول اجتماع اليوم بالاستماع إلى شهادة مدير وزارة الامن الداخلي توم ريدج.

وتهدف اللجنة إلى إنهاء عملها يوم الجمعة المقبل وتحويل مشروع القانون المقترح للنقاش امام اعضاء مجلس النواب خلال الأسبوع اللاحق.

ومن جانبها، تخطط لجنة الشوؤن الحكومية التابعة لمجلس الشيوخ والتي يرأسها السناتور جوزيف ليبرمان إلى صياغة مسودة مشروع قانون تعرض الى المناقشة يوم 24 يوليو (تموز) الجاري. وسينظر مجلس الشيوخ في المشروع قبل ان يبدأ أعضاء الكونغرس عطلتهم يوم 2 أغسطس (آب) المقبل.

ويدفع الكثير من أعضاء الكونغرس باتجاه المصادقة على النسخة النهائية لمشروع وزارة الامن الداخلي بحلول الذكرى الأولى لهجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي، على الرغم من اعتراض بعض النواب حول سرعة إجراء المداولات بشأن المشروع.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»