القدس المحتلة ـ ا.ف.ب: اكد الحاخام موشي هيرش الذي يقيم منذ خمسين عاما في حي ميا شاريم الذي يقطنه اليهود المتدينون في القدس ان علاقة متينة جدا تربطه بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي يقول عنه انه «اعز صديق لي، انه اخي».
والحاخام المولود في نيويورك قبل ستين سنة ونيف يدعو الى اقامة دولة فلسطين ومنح مواطني الطائفة التي ينتمي اليها جوازات سفر فلسطينية. وينتمي الحاخام الوقور ذو اللحية البيضاء والقفطان الاسود الى طائفة «ناطوري كارتا» اليهودية المتدينة، وهي طائفة تشكل اقلية وترفض اقامة دولة يهودية قبل وصول المسيح المنتظر، عملا بما هو وارد في التوراة.
وقال الحاخام ان دولة اسرائيل «دنسة لانها تقوم على اسس علمانية وقومية». واضاف ان الاسرائيليين «يستغلون اليهودية. الصهيونية مخالفة لتعاليم الرب. مصادرة اراضي اناس يعيشون عليها، اي الفلسطينيين، لا يمكن الا ان تؤدي الى الفوضى».
ويستقبل الحاخام هيرش ضيوفه في قلب حي ميا شاريم في منزل ابنه المتواضع الذي تغطي جدرانه كتب التلمود.
ويؤكد هيرش ان وجوده ضروري من اجل «مساءلة الامة اليهودية». ويوضح «ارضي اشتريتها بمالي». ويدعو الى «وضع القدس تحت السيادة الفلسطينية، وكذلك سكانها».
والحاخام الذي عينه عرفات «وزيرا للشؤون اليهودية»، زار الرئيس الفلسطيني قبل بضعة اسابيع في مقره في مجمع مقاطعة رام الله المدمر الذي لا يزال الجيش الاسرائيلي يحاصره، ويشير الى انه يعمل «على مقابلته كل شهر».
وللقيام بذلك يستقل الحاخام سيارة اجرة، ويتفاوض مع مكتب الارتباط الاسرائيلي الفلسطيني ثم يجتاز الحاجز سيرا الى السيارة التي يرسلها له عرفات. ويوضح الحاخام وهو يستعرض صورا من مختلف المراحل مع الرئيس الفلسطيني بما فيها صور المعانقة مع صور يهود بقبعاتهم السوداء يلوحون بعلم فلسطين، ان «الدبابات لا تخيفني. دبابات الله تقودني حيث اريد. الجنود اخوتي. انهم يفضلون البقاء في منازلهم».
ويصف هيرش وضع الرئيس عرفات بالمأساوي «لكنه يقاوم». وابدى تشاؤما حيال حل النزاع لان «الصهاينة لن يقبلوا ابدا بوجود فلسطيني»، مؤكدا انه كتب الى الرئيس الاميركي جورج بوش طالبا منه ارسال «قوات دولية من اجل اقرار سلام عادل».
والتقى هيرش عرفات سنة 1974 عندما دعا حينها من فوق منبر الامم المتحدة الى قيام دولة علمانية يعيش فها العرب واليهود جنبا الى جنب. وتطورت العلاقات بينهما منذ ذلك الحين، مرورا بتونس فغزة ثم رام الله. ويقول عن عرفات «انه ليس معاديا لليهود، انه مناهض للصهيونية. اصبحنا اعز اصدقاء. حتى كلمة اعز لا تكفي. نحن اخوة».
وفي سبتمبر (ايلول) 1993، حضر الحاخام هيرش في واشنطن التوقيع على اتفاقات اوسلو للسلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.
وعندما وقعت عملية انتحارية اسفرت عن مقتل عشرة اشخاص في الحي الذي يعيش فيه في مارس (اذار) الماضي اكد ان عرفات اتصل به للاطمئنان عليه. وقال «اعرف انه ليس هو من ارسل الانتحاري، هذا الفتى اراد الانتقام».
والحاخام الذي يجله سكان ميا شاريم، يواجه معارضة حادة من باقي رجال الدين اليهود. لكنه يتهرب من الاجابة على سؤال من هذا النوع بابتسامة.