باكستان: الإعدام لـ«الشيخ عمر» والمؤبد لـ3 من شركائه بعد إدانتهم بخطف وقتل الصحافي الأميركي بيرل

TT

اصدر القضاء الباكستاني امس حكما بالاعدام على الناشط الاصولي البريطاني من اصل باكستاني عمر سعيد شيخ، المعروف بـ«الشيخ عمر» بعد ادانته بخطف وقتل الصحافي الاميركي دانيال بيرل الذي فقد في يناير (كانون الثاني) الماضي بينما كان يجري تحقيقا في اوساط المتطرفين في كراتشي بجنوب باكستان. وحكم على المتهمين الثلاثة الآخرين سلمان شكيب وفهد نسيم وعادل شيخ بالسجن المؤبد. واصدر قاضي شؤون مكافحة الارهاب اشرف علي شاه الحكم في جلسة مغلقة في سجن حيدر اباد في المدينة التي تقع على بعد 160 كيلومترا شمال شرقي كراتشي وتحولت الى شبه ثكنة خشية اعمال انتقامية تنفذها مجموعات اصولية. وقد نشر في المدينة وحول السجن قناصة من النخبة وسيرت دوريات عسكرية وسيارات مصفحة وعدد كبير من رجال الشرطة.

ورد عمر شيخ على القرار عن طريق محاميه، بتهديد السلطات الباكستانية بالانتقام لانها «دبرت» الحكم. وجاء في بيان قرأه المحامي راي بشير امام الصحافيين خارج السجن «سنرى من سيموت اولا، انا ام السلطات التى دبرت الحكم ضدي بالموت». وحذر من يحاول تنفيذ حكم الاعدام عليه من انه سيواجه المصير نفسه. وقال «قلت من قبل ان هذه المحاكمة مجرد مضيعة للوقت. خضت هذه القضية.. فقط لارضاء والدي». ومضى قائلا ان «الحرب بين الاسلام والكفار مستمرة وعلى كل انسان ان يبين ما اذا كان مع الاسلام او مع الكفار». ونفى عمر شيخ الاتهامات بالخطف والقتل والارهاب، علما بأنه ادين في الولايات المتحدة وكان سيواجه احتمال ترحيله اذا ما برأته المحكمة. ولم يعرف على الفور اثر الحكم على ذلك. وقال محامو الدفاع انهم سيستأنفون الاحكام واتهموا المحكمة بالرضوخ لضغوط رئيس الدولة الجنرال برويز مشرف. الى ذلك، قال اسلام شيخ، شقيق المتهم المدان عادل شيخ، انه كان يتوقع الحكم بسبب الضغوط التي تمارسها الحكومة على المحكمة. واضاف «لو كان هناك قرار عادل لما ادين احد... الباكستانيون والمسلمون يجب ان يثوروا الان لان الحكومة ركعت امام اميركا». وقال احد محامي الدفاع «القرار ظالم... لم نكن نتوقعه لاننا فندنا جميع الادلة وشهادات الشهود التي اوردها الادعاء اثناء المحاكمة... سنستأنف الحكم في محكمة عليا ونحن على ثقة ان المحكمة العليا ستلغي الحكم». وتابع ان اقارب المتهمين الذين حضروا الجلسة دهشوا من الحكم. من جهته، اعلن الادعاء انه سيطالب بانزال عقوبة اكبر بحق شركاء عمر. يذكر ان عقوبة الاعدام التي تنفذ شنقا في باكستان لا تنفذ الا بعد اجراءات استئناف مطولة. وعقوبة السجن مدى الحياة تعني فعليا السجن 25 عاما. وساد الهدوء شوارع حيدر اباد بعد اعلان الحكم. وبدأت صلات عمر شيخ بالجماعات الاصولية منذ خروجه من كلية لندن للاقتصاد في عام 1993 بعد ان نشأ مرفها وتعلم في مدرسة خاصة كان يوصف فيها بانه تلميذ مثالي. وتلقى عمر شيخ الذي قيل انه تأثر بالوحشية التي يعامل بها المسلمون في البلقان تدريبات في افغانستان وباكستان وتعهد بتكريس حياته للدفاع عن الاسلام. واعتقل في الهند عام 1994 واتهم بخطف اربعة سياح اجانب. واطلق سراحه في اطار عملية مبادلة معقدة عام 1999 قبيل محاكمته بعد ان اختطفت طائرة هندية واجبرها الخاطفون على الهبوط في قندهار في افغانستان. وظهر بعد ذلك في باكستان لكنه ظل كامنا حتى وقوع هجمات 11 سبتمبر (ايلول) على الولايات المتحدة. ويقول الادعاء ان عمر شيخ الذي اغضبه الهجوم الاميركي على طالبان في اطار ملاحقتها لاسامة بن لادن وتنظيم «القاعدة» الذي يتزعمه، بدأ التآمر على اهداف غربية. وكان قتل بيرل الذي اعلن في 21 فبراير (شباط) الماضي في مشهد مأساوي اثار هلع العالم اجمع، الاول في سلسلة من اعمال العنف المناهضة للغرب في باكستان فسرت على انها اعمال انتقامية ينفذها اسلاميون متطرفون في مواجهة الحملة الاميركية في افغانستان وانضمام باكستان الى المعسكر الغربي. وفقد بيرل (38 عاما) اليهودي الاميركي مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» في جنوب آسيا، في كراتشي في 23 يناير (كانون الثاني). وكان قد ابلغ زوجته ماريان انه سيلتقي زعيما اصوليا. وكان يحقق في كراتشي المرفأ الكبير جنوب باكستان، حول الشبكات الاصولية التي يشتبه بوجود علاقات بينها وبين تنظيم «القاعدة» بزعامة اسامة بن لادن. وعززت تحقيقات اجرتها الشرطة على مدى اشهر هذه التكهنات.

واعلنت «الحركة القومية لاعادة السيادة الباكستانية» وهي تنظيم غير معروف، مسؤوليتها عن خطف بيرل مطالبة بالافراج عن باكستانيين اعتقلتهم القوات الاميركية في افغانستان ونقلتهم الى قاعدة غوانتانامو في كوبا. وبعد شهر من الترقب، اعلن مقتل بيرل عبر ارسال شريط فيديو الى القنصلية الاميركية في كراتشي، يظهر فيه وهو يذبح ثم يقطع رأسه. واعتبر الشيخ عمر (29 عاما) العقل المدبر لعملية الخطف. ولدى مثوله للمرة الاولى امام المحكمة في 14 فبراير (شباط) اكد الادعاء ان عمر شيخ اعترف بانه مدبر العملية واكد ان بيرل قد قتل. لكنه هو نفسه نفى ذلك مرارا طيلة مدة المحاكمة. واتهم شركاؤه الثلاثة بنشر رسائل الكترونية تعلن المسؤولية عن الخطف، وتهدد بقتل الصحافي، ورافق بعضها صور تظهره في الاسر. وبدأت المحاكمة في 22 ابريل (نيسان) في جلسات مغلقة تحت حراسة مشددة في سجن كراتشي، لكنها نقلت بسبب التهديدات في 30 ابريل الى حيدر اباد. ولا يزال القضاء يلاحق سبعة مشبوهين اخرين.