مخيم عين الحلوة :سلاح وعتاد ورجال لكل الفئات و«فتح » الأكثر حضورا

TT

كثيرة هي المنظمات الفلسطينية المسلحة التي تنتشر في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، الذي شكل الثقل السياسي والعسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية وبعض المنظمات. وهو المخيم الذي وصفه رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات بانه «عاصمة الفلسطينيين في دول الشتات منه نستمد القوة ومن اشباله نستكشف طريق المستقبل وفلسطين».

آلاف الرجال من ابناء هذا المخيم ينخرطون في التلوينات السياسية والعسكرية للفصائل، وان كان الولاء معقوداً الى حد كبير في هذا المخيم الى حركة «فتح» التي يرأسها عرفات، رغم نمو الحركات الاسلامية داخل هذا المخيم بعد الاجتياح الاسرائيلي للاراضي اللبنانية عام 1982 وتعاظم هذا النمو بعد «اتفاق اوسلو».

وفي قراءة لخريطة القوى والمنظمات العسكرية التي تنتشر في المخيم تأتي حركة «فتح» الاولى في الترتيب خصوصاً ان وجودها في هذه البقعة يعود الى ايام اطلاق الرصاصات الاولى للمقاومة الفلسطينية عام 1965.

وتشير المصادر الفلسطينية الى امتلاك حركة «فتح» قاعدة عسكرية كبيرة تضم الآلاف من المقاتلين المدربين يتوزعون بين جيلين واحد مخضرم خاض معارك وصقلته التجارب العسكرية (فترة الحرب اللبنانية) وآخر لم يتسن لمقاتليه الانخراط في معارك فاعلة بالنظر الى انكفاء المقاتلين الى داخل المخيمات في يوليو (تموز) 1991 تاريخ انتشار الجيش اللبناني في منطقة صيدا لذلك جلّ ما قام به هؤلاء هو المشاركة في «الاشتباكات الصغيرة» داخل المخيم.

وتختلف التقديرات حول القوة العسكرية لـ «فتح» داخل المخيم، لكن المعلومات تشير الى امتلاكها بين 1500 و2000 مقاتل يتوزعون بين ميليشيا «فتح» وكتائب مختلفة وعناصر منضوية في اطار الكفاح المسلح الفلسطيني وعناصر امنية. وهذا العدد يعتبر كبيراً اذا ما قيس بمساحة المخيم البالغة نحو ثلاثة كيلومترات مربعة، علماً ان لدى «فتح» ايضاً المئات من العناصر المنخرطين في اعمال سياسية واجتماعية ونقابية وطلابية.

ومن «فتح» خرج عدد من الكوادر آثروا انشاء تنظيمات عسكرية مسلحة بعدما غادروا الحركة طوعاً او قسراً، اما العقيد منير المقدح فهو ظاهرة بحد ذاته اذ انه داخل فتح وخارجها في الوقت نفسه لانه لا ينسجم مع كثير من مواقف الحركة، وهو قائد لمجموعات مقاتلة تضم المئات وهو كان مفتاح عودة «فتح» الى المخيم بعدما طردت منه. وهناك مجموعات مسلحة خرجت عن «فتح» كالمقدم جمال سليمان الذي انشأ فصيلاً سماه «انصار الله» ومعه عشرات المقاتلين الذين كان مسؤولاً عنهم في حركة «فتح» التي طرد منها بعد اشتباكات مسلحة عام 1990، ويعتبر الآن مدعوماً بقوة من «حزب الله» اللبناني الذي يوفر له بعض الامكانات العسكرية والكثير من الامكانات المادية والسياسية.

وتمتلك «فتح» كميات كبيرة من السلاح داخل المخيم لا سيما رشاشات الـ «كلاشنيكوف» وقاذفات الصواريخ المحمولة على الكتف (آر. بي. جي) ورشاشات ثقيلة من عيار 23 ملم و12.7 ملم وراجمات صواريخ صغيرة كورية الصنع ذات 12 فوهة. وكانت الحركة قد تخلت عن كثير من اسلحتها الثقيلة وبينها مدافع ميدان وراجمات ذات 40 فوهة محمولة على شاحنات خلال انتشار الجيش اللبناني في محيط صيدا.

ومن القوى التي تمتلك حضوراً عسكرياً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي يتزعمها احمد سعدات ولديها نحو 150 مقاتلاً ميزتهم انهم يتمتعون بقدر عال من الوعي الفكري والايديولوجي، اضافة الى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بقيادة نايف حواتمة التي توازي الجبهة الشعبية في عديد المقاتلين، وهناك فصائل فلسطينية صغيرة تمتلك عدداً قليلاً من المقاتلين لا سيما الفصائل التي تدور في الفلك السوري ومنها منظمة «الصاعقة» التي تعتبر الفصيل الفلسطيني لحزب البعث العربي الاشتراكي في سورية، وجبهة التحرير الفلسطينية التي انقسمت الى جناحين احدهما مدعوم من «فتح» وآخر من سورية، كذلك هناك «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» التي تملك نفقاً عسكرياً اقيم تحت جبل الحليب في المخيم ويتمتع عناصرها، ومعظمهم ليسوا من ابناء المخيم، بكفاءة قتالية عالية، فيما هناك وجود رمزي لمنظمة «فتح ـ الانتفاضة» المدعومة من سورية.

اما التيارات والقوى الاسلامية فموزعة على الفصائل الرئيسية وهي حركة «حماس» و«الجهاد الاسلامي» اللتان تنضوي تحت لوائهما عشرات العناصر، لكن اللغة السائدة لدى هؤلاء هي «الجهاد» بمعنى ان العناصر المقاتلة في صفوفهما تهتم بمفهوم «الجهاد» هو متنوع ومنه التدريب على فنون القتال والتدريب على صناعة المتفجرات.

وتخضع الحركات العسكرية التابعة للفصائل الفلسطينية عناصرها لدورات عسكرية بين الحين والآخر وتقيم ايضاً دورات لعناصر جديدة في الساحات الخالية والملاعب الرياضية داخل المخيم. وتوجد في المخيم وازقته الضيقة والتي يكاد الضوء لا يعبرها، مستودعات اسلحة تابعة للفصائل المختلفة.

ولا يمكن الحديث عن المنظمات المسلحة في المخيم بدون الحديث عن «عصبة الانصار» التي يتزعمها احمد عبد الكريم السعدي الملقب بـ «ابو محجن» الفار من وجه العدالة، والمتهمة بتنفيذ اعمال قتل وتفجيرات واغتيالات في منطقة صيدا وبيروت والشمال.

وتتألف «عصبة الانصار» من نحو 150 مقاتلاً او «مجاهداً» كما يسميهم «امراء» العصبة عليهم. وهؤلاء يتحصنون في بعض المنازل التي حولوها قاعات للتدريب، لا سيما التدريب على السلاح، اضافة الى كيفية اعداد وتجهيز العبوات الناسفة.

ويخضع المتدربون في اطار «عصبة الانصار» الى تعبئة المقاتلين بحس امني عال ينسجم مع طروحات و«افكار العصبة» التي يتطلب عملها نظاماً امنياً معيناً. وتضم العصبة الكثير من اللبنانيين لا سيما المتهمين باعمال مخلة بالامن. ويشار الى ان عدداً من اللبنانيين من منطقتي البقاع والشمال ممن هربوا لدوافع سياسية ينخرطون في «فتح».

وهناك «عصبة النور» المنشقة عن «عصبة الانصار» والتي يتزعمها الشيخ عبد الله الشريدي وعدد عناصرها لا يتجاوز العشرين يوصفون بـ «الانتحاريين» لانهم على استعداد للقتال حتى الموت.