مسؤول في الإدارة الأميركية يعترف: لا أحد يريد العشاء مع باول إذا كان الطبق الوحيد هو رأس عرفات

ابنة تشيني تقود مجموعة عمل مهمتها تقديم الدعم لمجموعات خارج السلطة الفلسطينية

TT

تمر المواجهة بين الرئيس الاميركي جورج بوش والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حول مستقبل السلطة الفلسطينية، بأول اختبار لها هذا الاسبوع خلال المحادثات التي ستتم بين أطراف العلاقة بعملية سلام الشرق الأوسط في الولايات المتحدة والعالم العربي وأوروبا والأمم المتحدة وروسيا. وحتى الآن يبدو ان موقف الولايات المتحدة مضاد لموقف جميع المشاركين في هذا الحوار. فمعظم حلفاء الولايات المتحدة لا يزالون يصرون على الوقوف مع عرفات، حتى وهم يقرون بالحاجة للاصلاحات التي يتطلبها النظام السياسي الفلسطيني، ولتخليص النظام المالي من الشوائب التي علقت به ولتحقيق الانسياب في قواه الأمنية.

وحسب مسؤول في الادارة الاميركية، طلب عدم ذكر اسمه، فإن وزير الخارجية كولن باول سيكون عليه، خلال هذه المحادثات التي كان من المقرر أنه اجراها أمس في نيويورك وسيجريها غدا (الخميس) في واشنطن، القيام «بمهمة شاقة للغاية» تتمثل في حشد التأييد الذي يتطلبه هدف الولايات المتحدة المتعلق باستبدال الرئيس عرفات. حيث أوضح هذا المصدر قائلا: «لا أحد يريد حضور حفل عشاء مع باول اذا كان الطبق الوحيد هو رأس عرفات». فالعالم العربي، ممثلا في وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية، يخطط لعرض مشروعه الخاص بتأسيس الدولة الفلسطينية، كما أوضح ديبلوماسي عربي في واشنطن. واتفق وزيرا خارجية روسيا وفرنسا عقب محادثات تمت في موسكو خلال الاسبوع الماضي، على «ان عرفات منتخب»، كما قال وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دي فيلبان، وأضاف: «يجب أن يتخذ الفلسطينيون القرار» المتعلق بمن يمثلهم.

وللتخلص من هذا المأزق، تركز الولايات المتحدة في استراتيجيتها على إقناع حلفائها بإدراك أهمية تقليل دور عرفات، في الوقت الذي تتجاهل مؤقتا التفاصيل المتعلقة بمصيره، أملا في التركيز على إصلاحات أوسع.

وما أثار دهشة العديد من المراقبين داخل وخارج المنطقة، بمن فيهم أولئك المسؤولون الذين كان لهم دور في صياغة خطاب بوش المثير في 24 يونيو (حزيران) الماضي، هو ان بعض مكونات ذلك الخطاب باتت تؤتي ثمارها. حيث قال مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية، طلب عدم ذكر اسمه، «هناك مؤشرات محدودة على اننا بدأنا في مشاهدة ما أردنا مشاهدته».

وفي أوساط السلطة الفلسطينية، هناك خطة 100 يوم جديدة تتعامل مع بعض الاصلاحات التي دعت إليها الولايات المتحدة. حيث تعهد وزير المالية الجديد بالتعامل مع الفساد. كما بدأ الفلسطينيون من خارج الحكومة تحدي قيادتها وممارساتها السياسية.

وقال زياد أبو عمر، الخبير السياسي وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن قطاع غزة: «الجميع بات يتحدث عن الاصلاح والتغيير».

وفي إسرائيل، يحاول رئيس الوزراء ارييل شارون الاستجابة لضغوط الادارة الأميركية ودوائر الدفاع التابعة له، باتخاذ خطوات تقلل من تأثير إعادة احتلال مناطق الضفة الغربية. وشكلت الحكومة لجنة تتولى تسهيل ضرورات الحياة اليومية للسكان الذين يفرض عليهم منذ اكثر من 45 يوما حظر التجول. وهذه اللجنة التي تعمل تحت إشراف وزير الخارجية شيمعون بيريس، تتمتع بصلاحية مناقشة القضايا الاقتصادية والانسانية مع الفلسطينيين. وقال ناعوم كاتز، نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية: «بدلا من الجمود، والبقاء في حالة غيبوبة بسبب خطاب بوش، والقول بأنه ألقى بكامل المسؤولية فوق عاتق القلسطينيين، قررت إسرائيل المبادرة».

أما عرفات، وبعد مقاومته لدعوات التغيير، فقد قرر إحداث تغيير في حكومته، وتخلص من اثنين من قادة أمنه، كما كشف عن خطة لاعادة بناء بعض من أهم الوزارات. حتى إنه، في تحرك فاجأ المسؤولين الأميركيين، بعث لكولن باول برسالة مطولة خلال الاسبوع الماضي أوضح فيها برنامجه طالبا دعم الولايات المتحدة باتخاذ خطوات إضافية.

وحتى الأن فإن حلفاء الولايات المتحدة، بمن فيهم مسؤولون سيلتقي بهم باول خلال هذا الاسبوع، ما زالوا يطرحون أسئلة بشأن قدرة إدارة بوش على إيجاد قوة الدفع اللازمة لتغيير الحقائق الميدانية أو للتغلب على مشاعر العداء، بحيث يتسنى لعملية السلام المضي قدما.

فحتى الآن ما يزال أثر الخطوات التي اتخذها الجانبان محدودا. فالفلسطينيون يعترفون بأن الاصلاحات بطيئة، لان بناء دولة فلسطينية ما يزال يواجه عقبات «غياب حكم القانون، وغياب الفصل بين السلطات، وغياب شرعية النخبة الحاكمة»، كما قال أبو عمرو. وإسرائيل هى الأخرى تتحرك ببطء حيث رفض شارون طلبا تقدم به بيريس يتضمن السماح لـ 30 الف عامل فلسطيني بالعودة لوظائفهم داخل إسرائيل، حيث سمح بتجديد تصاريح 5 الاف فقط. وحتى الآن لم يوافق على الافراج عن مئات الملايين من الدولارات التي تحتجزها إسرائيل من الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، منذ إندلاع الانتفاضة في شهر سبتمبر (أيلول) عام .2000 ومن أجل تحريك عملية السلام، سلط باول الأضواء على كيفية تشجيع الاصلاحات داخل السلطة الفلسطينية خلال لقائه أمس ببقية اعضاء اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الاوسط التي تشكلت في ابريل (نيسان) الماضي.

وكخطوة أولية، اشرفت نائبة مساعد وزير الخارجية إليزابيث تشيني في لندن خلال الاسبوع الماضي، على تأسيس فريق عمل دولي يضم التجمع الرباعي إضافة إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واليابان والنرويج، حيث تم ضم الأخيرة لدورها في اتفاقات أوسلو عام 1993 التي دشنت عملية السلام الحالية.

ووفقا لمسؤول في الادارة الأميركية فإن هذا الفريق سيتولى توفير الموارد لجماعات خارج إطار قيادة السلطة الفلسطينية الحالية، من أجل إيجاد مؤسسات وإصلاحات جديدة. وسيعمل باول مع التجمع الرباعي وفقا لخطة عمل شاملة، تتضمن مهام محددة، ومواصفات وملامح يتطلبها هذا الاصلاح.

وقد أوضح هذا المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: «يبدو إن العمل يجري على قدم وساق. وحتى الآن لم تكتمل الخطة، لكننا نقترب بشكل محترم من تلك المرحلة. وهذا هو الجهد الذي سيحظى بدعم المبادئ التي تأسس التجمع الرباعي وفقا لها من أجل دعم الاصلاحات».

وفي ما بعد سيلتقي فريق العمل بشكل دوري، حيث ستتفرع عنه لجان متخصصة تركز على قضايا محددة كالانتخابات والسلطة التشريعية المستقلة ونظام المحاسبة المالية. وستشرف تشيني، وهي ابنة نائب الرئيس، على هذا الجهد ممثلة للولايات المتحدة.

* خدمة«لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»