رئيس الجمهورية اللبنانية منفتح على أي حل يعيد إيرادات «الجوال» للدولة ولا يمانع في بقاء «سيليس» و«ليبانسيل» مشغلتين له

TT

اكد الرئيس اللبناني العماد اميل لحود امس ان النصوص القانونية هي التي تحكم تعاطي الدولة مع ملف الهاتف الجوال (الخليوي)، كما مع سائر الملفات الاخرى استناداً الى معادلة لا تراجع عنها، وهي ان مال الدولة يجب ان يكون للدولة، ودور المؤسسات الدستورية هو وضع الآلية الضرورية لتطبيق هذه المعادلة.

وهذا الموقف الذي نقله نواب عن الرئيس لحود امس تزامن مع رفع وزير الاتصالات جان لوي قرداحي آلية تسلم الدولة لكل عائدات الهاتف الجوال ابتداء من 31 اغسطس (آب) المقبل الى مجلس الوزراء امس بعدما كان كلفه وضعها في جلسته الاسبوع الماضي، وذلك سواء أكانت انجزت المزايدة والمناقصة العالميتان لتخصيص هذا القطاع ام لا في ذلك التاريخ.

ومعلوم ان قانون تخصيص الهاتف الجوال الذي كان اقره مجلس النواب في آخر جلسة تشريعية له، حدد 30 يوليو (تموز) الحالي موعداً للاعلان عن المزايدة والمناقصة العالميتين لتخصيص هذا القطاع في لبنان، و31 اغسطس (آب) المقبل موعداً لفض العروض واعلان الشركات الفائزة في المزايدة والمناقصة، وكذلك موعداً لتسلم الدولة منشآت الهاتف الجوال من شركتي «سيليس» و«ليبانسيل» اللتين تشغلانه منذ عام 1994 بموجب عقد الـ «B. O. T» الذي فسخه مجلس الوزراء قبل نحو سنة.

وكان الوزير قرداحي ادلى اول من امس بتصريح قال فيه: «علينا تطبيق القانون في 31 اغسطس (آب) فالقانون يقول بشكل واضح وصريح انه في حال فشلت المزايدة والمناقصة فان كل ايرادات قطاع الخليوي تعود الى الدولة. وعلى الدولة ان تتخذ الاجراء المناسب لكيفية تشغيل هذا القطاع، ما هي صيغة هذا الاجراء؟ لا اعرف فهناك موضوع استمرارية المرفق العام وهو من صلاحية الوزير دستورياً ليسهر على استمرارية المرفق العام. ربما مع الشركتين فلا مانع لدي. ولكن هناك يوم 31 اغسطس (آب) وهو حد فاصل لا مجال للتلاعب به ما بين الماضي والمستقبل... انا اريد ان اتخذ قراراً يتعلق بالمستقبل. ولا يمكننا ان نرهن مستقبلنا بثماني سنوات من عقد BOT والقانون واضح، اذا نجحت المزايدة والمناقصة فيتم تقديم العروض ليتم التسليم والتسلم في 31 اغسطس (آب). واذا لم تنجح المزايدة والمناقصة فايرادات قطاع الخليوي ستعود الى الدولة».

وذكر زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ «الشرق الاوسط» ان تصريح الوزير قرداحي اثار استياءه واستياء رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري. واشاروا الى ان الرئيس بري ابلغ الى الرئيس لحود انه لا يحبذ اي ادارة مؤقتة للهاتف الجوال بعد 31 اغسطس (آب) المقبل، وان المطلوب اجراء المزايدة والمناقصة لتخصيص هذا القطاع، كما انه لا يحبذ ادارة الدولة لهذا القطاع اطلاقاً.

وتخوف زوار بري من نشوء خلاف حول تخصيص الهاتف الجوال، في حال عدم انجاز المزايدة والمناقصة قبل 31 اغسطس، ينعكس سلباً على مؤتمر «باريس ـ 2» ويؤخر انعقاده او يحول دون هذا الانعقاد مما يحرج الرئيس الحريري. لكنهم لم يستبعدوا دخول دمشق على خط هذا الملف لمنع تجدد الخلاف حوله.

ويعتقد زوار الرئيس بري ان الاقبال العالمي على المزايدة والمناقصة قد لا يكون بمقدار التوقعات، وان الحل قد يكون في النهاية ببقاء شركتي «سيليس» و«ليبانسيل» في ادارة وتشغيل هذا القطاع، وذلك بموجب عقود جديدة توقع بينهما وبين الدولة التي تحسن فيها شروطها وحصتها من ايرادات الهاتف.

على ان نواباً نقلوا عن الرئيس لحود تأكيده انه منفتح على اي حل لملف الهاتف الجوال يحترم عودة ايرادات هذا المرفق الى الدولة في 31 اغسطس (آب) المقبل. وقالوا ان «لا مانع لدى الرئيس لحود من بقاء شركتي سيليس وليبانسيل كمشغلتين للهاتف النقال شرط الاتفاق المسبق على حصتيهما في التشغيل».

لكن هؤلاء النواب تساءلوا كيف ان هاتين الشركتين تشغلان الهاتف الخليوي منذ سنة على رغم فسخ الدولة العقد معهما وتحصلان الايرادات وكل الارباح التي يحددها هذا العقد لهما، ولم تتراجعا عن الدعاوى التي تقيمانها ضد الدولة وتطالبانها بموجبها بمبلغ 700 مليون دولار كتعويض عن فسخها عقد الـ BOT معهما، فضلاً عن عدم دفعهما المستحقات المتوجبة عليهما للدولة. كذلك لم يصدر اي موقف عن الحكومة يدعو الشركتين الى رفع دعاويهما ودفع المستحقات التي في ذمتهما للدولة.

الى ذلك ينعقد المجلس الاعلى للتخصيص اليوم برئاسة الرئيس الحريري ليناقش تقرير مصرف «HSBC» وهو المستشار المالي الذي تتعاون معه الحكومة من اجل تخصيص الهاتف الخليوي.

وعلم ان مصرف «HSBC» ابلغ الى المعنيين انه لا يمكن اطلاق المزايدة والمناقصة العالميتين لتخصيص الهاتف الجوال في آن واحد، لاسباب عدة ابرزها انه يعتبر الشروط التي يطلبها الرئيس الحريري في المزايدة لجهة بيع الرخصة لمدة عشرين سنة مع ابقاء حصته للدولة من عائدات الهاتف الخليوي بنسبة 40 في المائة طوال هذه المدة والتي يحبذها الرئيس الحريري، اشبه بـ «BOT» وليس بيعاً للرخصة. وينتظر ان يكون هذا الامر بين ابرز مواضيع البحث في المجلس اليوم بغية تحديد موقف منه.

الى ذلك علمت «الشرق الاوسط» ان مجلس ادارة شركة «سيليس» لم يتمكن من الالتئام امس بسبب خلاف ناشئ بينه وبين الموظفين الذين يفوق عددهم الـ 400 والذين يطالبون بحقوقهم وتعويضاتهم التي تستحق في 31 اغسطس المقبل.