اتصال دبلوماسي مغربي ـ إسباني لاحتواء الأزمة حول جزيرة «ليلى» بالحوار

بن عيسى والفاسي الفهري يلتقيان مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي في الرباط وسفينة حربية إسبانية أخرى تحل بميناء سبتة اليوم

TT

تواصلت امس دبلوماسية الهاتف بين المغرب واسبانيا بسبب تداعيات اقامة الرباط مركز مراقبة على جزيرة ليلى. واجرى محمد بن عيسى، وزير خارجية المغرب، امس اتصالا هاتفيا مع انا دي بالاثيو، وزيرة خارجية اسبانيا.

وعلمت «الشرق الاوسط» من مصادر دبلوماسية متطابقة في الرباط ومدريد، أن الاتصال الهاتفي بين بن عيسى ودي بالاثيو، تناول مسألة احتواء الخلاف القائم حول جزيرة ليلى عن طريق الحوار والقنوات الدبلوماسية.

ومن جهة اخرى، وحسب المصادر ذاتها، فان الوزيرين عبرا عن ارادتهما لتناول مختلف الملفات العالقة بينهما بعيدا عن موضوع جزيرة ليلى. وذكرت المصادر ان وزير الخارجية المغربي افهم نظيرته الاسبانية ان موضوع جزيرة ليلى لا علاقة له بالنزاع التاريخي القائم بين البلدين حول مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية. واضافت أن موضوع مدينتي سبتة ومليلية والجزر له تناول آخر، حسب ما افهم الوزير المغربي نظيرته الاسبانية. كما شدد على ان العودة الى الوضع القائم بخصوص مدينتي سبتة ومليلية والجزر لا يطال جزيرة ليلى، التي كانت مغربية دائما حتى في عهد الحماية الاسبانية على اقاليم المغرب الشمالية.

وكان بن عيسى قد اعلن صباح امس في حديث لهيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) انه سيتصل بنظيرته الاسبانية في مسعى لحل خلافهما حول جزيرة ليلى «عبر الحوار».

وقال بن عيسى في هذا الحديث «الى اين سنذهب؟ ليس بعيدا جدا»، مؤكدا «منذ هذا الصباح انوي الاتصال بزميلتي وزيرة الخارجية الاسبانية ونتمنى ان نجد حلا عبر الحوار وعن الطريق الدبلوماسية».

وسبق لابن عيسى ان تلقى ليلة الخميس مكالمة من دي بالاثيو حول نفس المسألة.

واجتمع بن عيسى والطيب الفاسي الفهري، كاتب الدولة (وزير دولة) في الخارجية، امس مع سفراء دول الاتحاد الاوروبي المعتمدين في الرباط، حيث شرحا لهم خلال اللقاء الموقف المغربي حول جزيرة ليلى.

وكان بن عيسى والفاسي الفهري قد اجتمعا مساء اول من امس مع سفراء الترويكا الاوروبية في الرباط ،المتكونة من اليونان (التي تنوب عن الدنمارك نظرا لعدم وجود سفارة دنماركية في الرباط، وايطاليا، وسفير الاتحاد الاوروبي.

وكان بن عيسى قد اجتمع صباح اول من امس على حدة مع السفير الاسباني في الرباط حيث سلمه رد المغرب على المذكرة الشفهية التي وجهتها اسبانيا للمغرب بخصوص اقامته مركز مراقبة في جزيرة ليلى. وفي غضون ذلك، تقوم وزارة الخارجية الاسبانية بإعداد الرد الرسمي للحكومة الاسبانية على البيان المغربي المقدم اول من أمس حول اقامة مركز مراقبة في جزيرة ليلى. واوضحت مصادر دبلوماسية لوكالة الانباء الاسبانية «افي» إن كافة الخدمات والادارات العامة التابعة لوزارة الخارجية الاسبانية «تعمل بصورة مشتركة في كتابة الرد الاسباني على الموقف المغربي المذاع، والمعارض لمغادرة الجزيرة». وحذرت المصادر ذاتها من أن هذا النوع من الردود الدبلوماسية لا يستغرق نفس الوقت الذي تستغرقه الاحاديث والكتابات الصحافية، ولهذا تكهنت بأن يتم ارسال الرد خلال الايام المقبلة، دون تحديد تاريخ معين. واشارت المصادر ايضا الى أنه مع تعلق الامر بهذه المسألة، فسيكون الرد «موزونا» بصفة خاصة وستقوم بمراجعته إدارات وزارية عديدة ورئاسة الحكومة الاسبانية. واعلن النائب الاول لرئيس الحكومة الاسبانية ماريانو راخوي اول من امس ان الجواب الذي ارسلته الحكومة المغربية ردا على الطلب الاسباني بالانسحاب من جزيرة ليلى «لا يأخذ بعين الاعتبار» هذا الطلب.

وقال المسؤول الاسباني في تصريح ادلى به في ردهات البرلمان حيث كانت تجرى مناقشة حول حال الامة، ان الرسالة المغربية التي نقلت الى اسبانيا الاثنين عبر الطرق الدبلوماسية «لا تتضمن اي اعلان عن اجراءات تؤدي الى اعادة الوضع الى ما كان عليه قبلا ولا تأخذ بعين الاعتبار الطلب الاسباني».

وتابع راخوي الذي يعتبر الناطق باسم الحكومة ان رد المغرب «لا يحمل حججا مقنعة ولا عناصر جديدة تدعم ادعاءاته، ويكرر الكلام عن السيادة المغربية المزعومة على جزيرة بيريخيل».

وكرر المسؤول الاسباني التأكيد على موقف اسبانيا من «ضرورة اعادة الوضع في الجزيرة الى ما كان عليه قبلا اي سحب الجنود المغربيين منها». كما وصف بـ«غير المقبول محاولة المغرب فرض رأيه عبر سياسة الامر الواقع، مما لا يتناسب مع الاعراف الدولية لدى بلدان تقيم علاقات دولية طبيعية».

وفي سياق ذلك، اكد سكرتير الدولة (وزير الدولة) الاسباني لشؤون الدفاع، فرناندو دييث مورينو، امس ان حكومة بلاده «مستريحة جدا» للتأييد الذي تلقته من الاتحاد الاوروبي ومنظمة حلف شمال الاطلسي (ناتو)، وشدد على أن اسبانيا «ستستنفد كافة القنوات الدبلوماسية» لإيجاد حل للحدث الذي نشأ مع المغرب حول جزيرة بيريخيل (ليلى). وفي تصريحات ادلى بها للصحافيين في بلدة الإسكوريال (شمال مدريد)، وكرر مورينو موقف اسبانيا بعد تصريحات وزير الخارجية المغربي الصادرة اول من امس، والتي اعرب فيها المغرب عن نيته عدم سحب جنوده من الجزيرة، وقال مورينو ان «الحكومة (الاسبانية) ستحافظ على الوجود المعزز للقوات المسلحة بمدينتي سبتة ومليلية». و اعرب المسؤول الاسباني المذكور عن عزم حكومة بلاده على «استنفاد القنوات الدبلوماسية»، قبل «اتخاذ أي قرار»، واشار الى أنه في الوقت الراهن «لا توجد توقعات بإرسال وحدات جديدة من الاسطول» الى منطقة مضيق جبل طارق. ونفى مورينو أيضا أن يكون من المقرر زيادة موازنة الدفاع للعام المقبل بسبب احداث جزيرة ليلى.

واعلن وزير الدفاع الاسباني فديريكو تريّو امس ان سفينة «كاستيّا» ستصل اليوم الى سبتة من أجل تعزيز الأمن والوجود الاسباني في الجزر القريبة من هذه المنطقة. وورد الإعلان اثناء حضور وزير الدفاع الاسباني حفل تخرج فوج من الضباط من المدرسة البحرية في بونتيبيدرا (شمال غربي اسبانيا). وقال الوزير في تصريحات الى الصحافيين انه لم يطرأ في الساعات الاخيرة «جديد يذكر» بخصوص الوضع في جزيرة بيريخيل (ليلى). واضاف: «قطعنا البحرية ستستمر في مزاولة تمرين الرقابة حول الجزر الاسبانية معززة الوجود والأمن في المنطقة». وفي معرض رده على سؤال حول احتمال تدخل عسكري اسباني في المنطقة، قال وزير الدفاع الاسباني: «حول هذه المسألة، حتى الحديث عنها غير وارد».