الاجتياح الإسباني لجزيرة ليلى.. فتش عن الأسماك الطازجة

TT

في ليلة 30 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1999 غادرت آخر سفينة إسبانية لصيد الأسماك المياه المغربية. كان الأسطول الإسباني جزءا من الأسطول الأوروبي الذي يعمل في المياه الإقليمية المغربية في إطار اتفاقية «الصيد البحري» بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.

كان ذلك في الواقع إيذانا ببدء فصل جديد في العلاقات المغربية ـ الإسبانية بلغ ذروته باجتياح فرقة خاصة من 28 جنديا جزيرة ليلى المغربية فجر الأربعاء الماضي.

كان المغرب قد قرر إلغاء تلك الاتفاقية نظرا لشروطها المجحفة وحفاظا على ثرواته السمكية.

وظل يتلقى أموالا من الاتحاد الأوروبي مقابل السمك، واضطر عام 1996 وتحت ضغط أوروبي إلى أن يمدد اتفاقية الصيد البحري لمدة ثلاث سنوات، وعقب انتهاء فترة التمديد، قال المغاربة إن بلادهم لن تعود مطلقا إلى صيغة «سمك مقابل فلوس». وبدلا من ذلك طلبوا من الاتحاد الأوروبي، إلى التعاون من أجل تطوير قطاع الصيد البحري وتحديث الموانئ المغربية.

قبلها كان المغاربة يشكون مر الشكوى من أن قوارب وسفن الصيد الإسبانية على الخصوص لا تحترم مقتضيات الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي بشأن المحافظة على الثروات السمكية المغربية والراحة البيولوجية للأسماك التي يمنع فيها صيد السمك في الشواطئ المغربية من أجل ضمان تكاثر الثروة السمكية. واستعملت آنذاك الأقمار الصناعية لتحديد أماكن تجمع الأسماك وتزويد البواخر الأوروبية التي تصطاد في المنطقة بهذه المعطيات.

وكان المغرب قد اضطر إلى أن يخفض أسطول الصيد البحري الأوروبي في شواطئه في السنة الأخيرة من عمر الاتفاقية إلى 517 سفينة، وكان الاتحاد الأوروبي يدفع للمغرب 13630 مليون درهم سنويا كتعويض عن استغلال البواخر الأوروبية لثروته السمكية.

وعقب انتهاء مدة اتفاقية الصيد البحري ضغط الإسبان بكافة الوسائل من أجل تمديدها، بيد أن المغرب لم يرضخ للضغوط. وشكل عدم توقيع اتفاقية جديدة تتيح للإسبان صيد الأسماك في الشواطئ المغربية معضلة اجتماعية واقتصادية في إسبانيا.

وطبقا لبعض المعلومات التي تم تداولها أمس على شبكة الإنترنت فإن ما بين 150 ألفا إلى 200 ألف إسباني كانوا يعملون في قطاع صيد السمك أو لهم ارتباط به في جنوب البلاد خصوصا في إقليم الأندلس، أصبحوا عاطلين أو شبه عاطلين.

وشكلت هذه الوضعية ضغطا كبيرا على الحكومة الإسبانية. ليس ذلك فحسب، بل إن الإسبان الذين يستهلكون السمك بكميات كبيرة بحيث يصل معدل استهلاك الفرد إلى 30 كيلوغراما سنويا (أعلى معدل في العالم لليابانيين 70 كيلوغراما، في حين يستهلك المغاربة سبع كيلوغرامات سنويا)، باتوا يشعرون بأزمة مزدوجة: ارتفاع الأسعار، وعدم توفر كميات كبيرة من الأسماك الطرية. فقد كانت بعض قوارب صيد الأسماك تخرج عصرا من الموانئ الإسبانية لتعود في الفجر محملة بالسمك المغربي الطري.

وظل الإسبان يضغطون والمغاربة لا يتزحزحون عن موقفهم الرافض لأي حديث عن توقيع اتفاقية جديدة للصيد البحري.

وخلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) الماضيين شن بحارة صيد الأسماك المغاربة إضرابا طويلا عن العمل لتحسين شروط عملهم، وبسبب ذلك الإضراب توقفت عدة سفن كانت تعمل في أعالي البحار واحتشدت في ميناءئ أكادير وطانطان في جنوب البلاد، وانعكس ذلك على تزويد الأسواق الإسبانية بالسمك، إذ أن هذه السفن اعتادت أن تبيع جزءا كبيرا مما تصطاده إلى الإسبان.

وهكذا ازداد ضيق الإسبانيين، فهم غير مسموح لهم بصيد السمك في المياه المغربية، وحتى الكميات التي كانوا يشترونها من الصيادين المغاربة أضحت عرضة للانقطاع بسبب مشاكل وعلاقات عمل داخلية مغربية.

إزاء هذا الوضع فإن الغضب الإسباني المكتوم تأجج وبلغ أوجه، وفي هذا السياق يمكن أن يدخل رد فعل مدريد غير المبرر لتحتل جزيرة مغربية لا تتعدى مساحتها 13 هكتارا وترسل أسطولا كاملا لإخراج ستة جنود مغاربة منها.