الرئيس الفنلندي السابق لـ «الشرق الأوسط»: الإسرائيليون غيروا رأيهم فاضطر كوفي أنان إلى حل لجنة تقصي الحقائق في جنين

TT

أطلق أول من امس مركز «مجموعة الازمات الدولية» العالمي المتخصص في البحث عن حلول للنزاعات في أنحاء العالم، خطة سلام شاملة للصراع العربي الاسرائيلي، أطلق عليها «نهاية اللعبة في الشرق الأوسط». وبهذه المناسبة أجرت «الشرق الأوسط» مقابلة مع الرئيس الفنلندي السابق مارتي أهيتساري، رئيس مجلس المركز، تحدث فيها عن التصعيد الراهن حول العراق وموضوع لجنة تقصي الحقائق في جنين التي كُلف رئاستها ولم يوافق الاسرائيليون على استقبالها. ودارت المقالبة على النحو التالي:

* ما هي ملابسات حل لجنة تقصي الحقائق الى جنين التي شكلها الامين العام للأمم المتحدة برئاستك؟

ـ على حد علمي غير البعض في اسرائيل آراءهم (بخصوص استقبال اللجنة)، لكني لا اعرف سبب ذلك. فأنا تلقيت تكليف الامين العام فور اتخاذ مجلس الامن الدولي قراراً بمطالبته بإرسال لجنة لتقصي حقائق أحداث جنين، ويبدو لي أنه قد تحدث الى الحكومة الاسرائيلية عن الامر. وعندما عقدت اجتماعي الاول في نيويورك مع ممثل اسرائيل لدى الامم المتحدة، اتضح أنهم يشعرون ببعض القلق، وكان ذلك عندما أثاروا قضايا أكثر وبصورة مفاجئة بعد وصولنا الى جنيف (مع بقية اعضاء اللجنة)، وكان الامين العام وكبار مستشاريه يتابعون الموضوع (مع الجانب الاسرائيلي). وأنا أعتقد شخصياً ـ وزملائي في اللجنة يوافقون على هذا الرأي ـ أن وجودنا في جنيف لبعض الوقت كان مفيداً، لأن ذلك أتاح لنا الفرصة لإعداد أنفسنا للمهمة. ولو ذهبنا في الوقت المقرر لكان بوسعنا أن نؤدي المهمة على نحو أفضل. وبعدما بدا اولاً أن الاسرائيليين سيتعاونون معنا، فقد خلص الأمين العام الى أن هذا التعاون ليس ممكناً. وقد ايدته في هذا الرأي.

* ذكرت تقارير صحافية في تلك الفترة ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات وافق على حل اللجنة شرط ان ترفع إسرائيل حصارها عنه وأن تُحل قضية المحاصرين في كنيسة المهد، فهل تعتقد ان هذه معلومات دقيقة؟

ـ لم اسمع بذلك. وأظن ان التخمينات تعددت ولا يمكنني التعليق على هذه التكهنات. إلا انني اعتقد أن السبب كان ببساطة حصول تغيير في الرأي (في اسرائيل).

* بعدما فشلت محاولة الذهاب الى جنين لتقصي الحقائق على الارض، هل طُلب منك أن تلعب دوراً في الاشراف على التقرير الذي ينبغي أن يصدره الامين العام عن الوقائع التي شهدها المخيم؟

ـ لا، هذه قضية منفصلة، ولاعلاقة لها بمهمتنا الاصلية. فقد طلبت الهيئة العامة للأمم المتحدة من الامين العام إعداد هذا التقرير. وهو شيء لا أساهم فيه .

* بيد انه على صلة مباشرة بمهمتكم التي كانت تهدف الى تقصي الحقائق.

ـ عليه (الامين العام) ان يفعل ذلك الآن وفقاً للطريقة التي يحاكم بها الامور، وبالطبع فإن المصادر والامكانيات متوفرة لديه.

* لكن كان من المتوقع ان يصدر التقرير أواخر الشهر الماضي؟

ـ أعتقد ان التقرير سينشر خلال الاسبوع المقبل.

* لقد ساهمت في حل نزاعات البوسنة والهرسك وكوسوفو وآيرلندا الشمالية، فكيف تصنف نزاع الشرق الاوسط في ضوء خبرتك هذه، وهل تعتبره الاكثر تعقيدا؟

* يبدو لي اننا دأبنا على وصف كل صراع بأنه الاكثر استعصاءً على الحل. وعلى هذا الاساس، دعنا نتذكر كمبوديا حيث لعب غاريث إيفانز (رئيس مجموعة الازمات الدولية الذي كان حاضراً) دوراً في حل النزاع، وجنوب افريقيا وناميبيا والبلقان. لذلك لا أرى انه يجب على المرء أن يتخذ من الحديث عن الصعوبة هذه كمدخل يبدأ منه بدراسة المسالة. وبدلاً من مناقشة الصعوبة ودرجتها أفضل القول ان كل خلاف قابل للحل، خصوصاً اننا استطعنا أن نحل حتى الآن أكثر النزاعات، مع أن الحل استغرق بعض الوقت احياناً. ويجب ان نرى عمل مجموعة الازمات الدولية في هذا السياق ايضاً.

* العراق يبدو غائباً تماماً ليس عن خطتكم هذه، فما رأيك بوجهة النظر القائلة إن التصعيد الحالي في الخلافات مع بغداد من شأنه أن يجعل السلام في الشرق الاوسط أكثر صعوبة؟

ـ أولاً لا اعرف المدى الذي يجب ان يصله المرء في إطار خطة للسلام. وربما بدأ البعض الحديث عن قضايا أكثر بعداً عن الموضوع الاساسي الذي تتعلق به الخطة. أعتقد أن تقاريرنا الثلاثة (التي تشتمل على الخطة) هذه تتناول الصراع العربي ـ الاسرائيلي بأطرافه الاساسية وتخرج باقتراحات حول الحل الممكن، وكان علينا ان نركز على هذه الاطراف لأن لها تأثير مباشر على الصراع.

* لكنكم لم تتطرقون البتة الى الازمة العراقية، كما تدل نظرة متأنية على موقعكم على شبكة الانترنت؟

ـ (إيفانز متدخلاً) سترى أشياء عن العراق على موقعنا قريباً، فنحن نعد حالياً بعض التقارير عنه.

* هل تعتقد أن بالامكان تخفيض التوتر الراهن بين بغداد والولايات المتحدة؟

ـ ارى ان على العراقيين ان يتعاونوا مع الامين العام للأمم المتحدة، وهذا هو الامر الاول المتوقع منهم. لقد زرت العراق مرة واحدة، حين كلفني الامين العام الأسبق للأمم المتحدة خافيير بيريس دي كويليار بتقدير الحاجة الى المساعدات الانسانية، ولم أعد الى البلاد مرة أخرى. وأقل ما يمكنني قوله هو أن عليهم أن يتعاونوا مع الامين العام للأمم المتحدة.

* باعتبارك قريبا من الامم المتحدة، فهل تشعر بالتفاؤل بأنهم سيتعاونون مع كوفي أنان وان هذا التصعيد سيبدأ بالانحسار؟

ـ حتى الآن لم الحظ إحراز اي تقدم. والصحافة تتحدث عن الاجتماع الذي عقده (الامين العام) مع وزير الخارجية العراقي (ناجي صبري) لم يكن ناجحاً. لكن يجب ان تستمر هذه الاتصالات. والمجموعة الدولية برمتها ترغب في إعادة فريق المفتشين الى العراق.

* والصحافة تحدثت ايضاً في الايام الاخيرة عن أن الولايات المتحدة تستعد لشن هجوم وشيك على العراق؟

ـ صدقاً لا أرى أي ادلة تؤكد ان ذلك سيحصل فعلا.