الحكومة الإسرائيلية تبحث غدا في خطة أوروبية للانسحاب من نصف الضفة الغربية

وزير الخارجية الإسرائيلي: وزير الداخلية الفلسطيني الجديد إنسان قوي ومثقف وجاد

TT

تلتئم الحكومة الاسرائيلية غدا كلجنة امنية لاجراء بحث سري في اقتراح جديد يعتقد ان مصدره اوروبي يقضي بان تنسحب اسرائيل من النصف الجنوبي من الضفة الغربية (الذي يضم رام الله وبيت لحم والخليل واريحا) وتحل محلها قوات الامن الفلسطينية بحلتها الجديدة لتكون تلك تجربة لمدة شهر. فاذا انتهت من دون عمليات تفجير ضد اسرائيل، فيستمر الانسحاب من المدن الفلسطينية الاخرى حتى نهاية السنة.

وبانتهاء الانسحاب، تجري الانتخابات الفلسطينية على ثلاث مراحل (البلدية، الرئاسة، المجلس التشريعي)، وتلتزم اسرائيل بوقف كل اجراءات الحصار والاقتحام والاجتياح مقابل الالتزام الفلسطيني بوقف العمليات تماما. وبعدها تبدأ مفاوضات على اعلان الدولة الفلسطينية وفق دستور جديد يمقراطي يضمن فصل السلطات وشفافية الادارة المالية، وفي تخوم حدود موقتة. ثم تبدأ مفاوضات على الحل الدائم.

والمحت مصادر في وزارة الخارجية الاسرائيلية، امس الى ان الوزير شيمعون بيريس يميل الى قبول هذا الاقتراح لكنه يصطدم بمعارضة رئيس حكومته ارييل شارون، الذي يطالب بتعهد علني ومباشر من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، بمكافحة الارهاب. ولكنه ليس معنيا بطرح مطلبه العلني هذا، خوفا من ان يفسر على انه تراجع عن موقفه بضرورة سقوط عرفات واستبداله برئيس آخر. وقال شارون انه لا يثق بان هناك تغييرا حقيقيا في الموقف الفلسطيني ازاء العمليات «وما زالوا يعدون للعملية القادمة ضد اسرائيل».

وحاول بيريس ان يشرح لرئيسه شارون انه يشعر بتغيير حقيقي في الموقف الفلسطيني وقال له ان اللواء عبد الرزاق اليحيى، وزير الداخلية الجديد، هو ليس كما يقال عنه «ضعيف تابع لعرفات. من الجيل التقليدي القديم.. وغير ذلك، بل هو رجل قوي. موقفه واضح ويعرف ما الذي يريده بالضبط. مثقف جدا (يقال انه خلال اللقاء الاخير مع بيريس، مساء السبت الماضي، تناقشا مرتين في قصة لتشارلز ديكنز ومرة في مسرحية لشكسبير. وقد اعجب بيريس بمعلومات اليحيي وطريقة تحليله. وقال له: طالما توجد بيننا هذه الصفة المشتركة في حب الادب، فاننا بالتأكيد سنتوصل الى الكثير من القواسم المشتركة)». كما قال بيريس لشارون انه خرج بانطباع ان الوزير اليحيى معني فعلا بوقف العمليات لانه يعتبرها ضد مصلحة الشعب الفلسطيني. وقد اعلن طرحه انه معني بوقفها تماما، وانه يفضل ان يفعل ذلك بالاتفاق مع التنظيمات («حماس» و«الجهاد» وتنظيم «فتح») وانه يطلب بذلك مساعدة جديدة من اسرائيل تتمثل في وقف الاغتيالات وفي اطلاق سراح المعتقلين خصوصا القادة السياسيين لتلك التنظيمات وغيرها (ذكر بالاسم كلا من مروان البرغوثي، امين سر «فتح» في الضفة الغربية، وعبد الرحيم ملوح نائب الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين).

لكن شارون لم يقتنع بذلك. وطلب سماع رأي الاميركيين. وهذا هو احد اسباب ارسال مدير مكتبه، دوف فايس غلاس، الى واشنطن، حيث سيلتقي كلا من وزير الخارجية كولن باول، ومستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس. كما ان هذا هو احد اهم اسباب زيارة وزير الخارجية بيريس، الى لندن وواشنطن الاسبوع المقبل. وكان بيريس قد تحدث الى وزير الخارجية الدنماركي، الذي ترأس بلاده الاتحاد الاوروبي حاليا، بير ستي ميللر مساء اول من امس، واطلعه على نتائج مباحثاته مع الفلسطينيين.

تجدر الاشارة الى ان مصدرا مقربا من بيريس قال امس ان هناك اتفاقا شاملا بين قادة الدول العربية والغربية على ان يدفن موضوع عزل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. «فقد اقتنعوا بما قاله بيريس من البداية، ان هذا المطلب (تغيير عرفات) الذي ورد في خطاب الرئيس جورج بوش لم يكن حكيما وانه ليس واقعيا. ولهذا قرروا النزول عنه. واستعماله فقط ورقة ضغط لتخفيض صلاحيات عرفات الرئاسية».

وكان الوزراء الفلسطينيون الذين التقوا بيريس حرصوا، كل واحد على حدة، ان يؤكدوا انهم مبعثون الى هذا اللقاء من الرئيس عرفات حتى يقطعوا الطريق على من يفكر في استخدامهم في التحريض عليه.

من جهة ثانية، واصلت اسرائيل ممارساتها القمعية في المناطق الفلسطينية، امس ايضا، حيث قتلت شابين في منطقة رفح زعمت انهما هاجما موقعا عسكريا واعتقلت حوالي 20 شخصا في مختلف المناطق وواصلت حبس اكثر من مليون فلسطيني داخل بيوتهم في ظل نظام حظر تجول صارم ورفعت هذا النظام فقط عن ثلاث مدن هي رام الله وقلقيلية وطولكرم لعدة ساعات من اجل تزود الناس بالمواد الغذائية وتيسير امورها الملحة.