أهالي 50 مفقوداً حملوا ملفاتهم إلى دمشق للقاء الرئيس الأسد وبيروت تنفي وجود لبنانيين معتقلين في سورية

TT

توجه 50 لبنانياً يمثلون اهالي ما يقارب 269 مخطوفاً وسجيناً ومفقوداً مع ملفاتهم الى العاصمة السورية دمشق للسؤال عن اولادهم لاعتقادهم ان الجواب بشأنهم لدى السلطات السورية. واستقل هؤلاء حافلة رفعت عليها الاعلام اللبنانية ولافتات كتب عليها «نداء محبة واخوة الى سيادة الرئيس بشار الاسد» و«معاناتنا تنتهي بين يديك» و«من حقنا معرفة مصير ابنائنا» و«ان اردتم المحبة ردوا لنا احباءنا».

وقد عاد وفد الاهالي الى لبنان عصر امس وافاد غازي عاد رئيس لجنة سوليدا ان الاهالي قابلوا وزير الداخلية السوري اللواء علي حمود الذي تسلم منهم لوائح باسماء المفقودين وملفاتهم واعدا اياهم بدرسها على ان يراجعوه بعد ثلاثة اشهر. مما يذكر ان ملف اللبنانيين الذين يقال انهم موجودون في السجون السورية شكل لفترة طويلة حلقة امنية ساخنة، وغالباً ما كان يعالج بشكل فردي حتى 6 مارس (آذار) العام 1998، حين اطق سراح 121 معتقلاً، بعد اعلان مصدر سوري في 4 مارس (آذار) عن «وجود 155 معتقلاً، سيعود منهم 130 ويبقى 25 معتقلاً بتهمة التعامل مع اسرائيل، لن يصار الى اطلاق سراحهم». والمحطة الثانية لهذا الملف كانت في 25 يوليو (تموز) 2000 مع اللجنة اللبنانية برئاسة العميد سليم ابو اسماعيل التي كلفها آنذاك رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص تقصي مصير اللبنانيين المفقودين ان في السجون السورية او خلال الاحداث التي شهدها لبنان طوال الحرب الاهلية. ويومذاك اعلنت اللجنة ان الاسماء التي يطالب بها اهلها قد توفي اصحابها. لكن في 20 اغسطس (آب) من العام نفسه وعشية الانتخابات النيابية، تم اطلاق سراح الشيخ هاشم منقارة احد قياديي حركة التوحيد الاسلامية في طرابلس (شمال لبنان) الذي ظل معتقلاً حوالي 15 سنة. وبعده اطلق سراح علي بدّاح وسمير الحسن. والمحطة الثالثة كانت في 11 ديسمبر (كانون الاول) 2000 وبمبادرة من الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد عندما تسلم لبنان 50 موقوفاً في السجون السورية. اثر زيارة وفد لبناني الى دمشق ضم المدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم ومدير المخابرات في الجيش اللبناني ريمون عازار. وبعد ذلك اعلن القاضي عضوم ان لديه لائحة باسماء 95 لبنانياً موجودون في السجون السورية، لارتكابهم جرائم على الارض السورية. لكن الاعلان الرسمي عن عدم وجود مفقودين ومعتقلين آخرين في السجون السورية لم يقفل الملف، مما استوجب من الحكومة الحالية تكليف وزير التنمية الادارية فؤاد السعد تولي لجنة تعمل منذ سنة ونصف لتقصي وضع جميع المفقودين اللبنانيين، ومن ضمنهم من يقول اهلهم انه معتقل في السجون السورية. بعدها اعلن رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري وفي 12 الجاري ان هذا الملف قد اقفل نهائياً، كذلك اكد وزير الاعلام غازي العريضي هذا الامر في مقابلة تلفزيونية قبل ايام. وجاء آخر التأكيدات عن عدم وجود مفقودين او معتقلين في السجون السورية على لسان رئيس حزب الكتائب المحامي كريم بقرادوني، اول من امس، بعد زيارته الرئيس السوري بشار الاسد.

مع هذا رفض غازي عاد رئيس لجنة «اهالي المخطوفين والمفقودين في السجون السورية» (سوليدا) غازي عاد هذه التأكيدات وقال لـ«الشرق الاوسط»: ان الاهالي فقدوا الامل من المسؤولين اللبنانيين ومماطلاتهم ولذا توجهوا الى دمشق، مستندين في تحركهم الى تصريح سابق للرئيس الاسد خلال وجوده في باريس، ورد فيه ان لا معلومات لديه عن معتقلين لبنانيين في سورية، لكنه ابدى ترحيبه بتلقي ملفات الاهالي وبحثها». واشار الى انه ابرز للمدعي العام التمييزي القاضي عدنان عضوم حالة تعود الى جوزيف امين حويص الذي قال المسجون في سورية بعد اصطدامه بسيارة عسكرية سورية في منطقة ضهور الشوير في جبل لبنان ووفاة اثنين من الجنود فيها، وقد جرى نقله الى دمشق حيث حوكم امام محكمة عسكرية عام 1992 رغم وضعه الصحي السيئ واصابته بداء الصرع، مما يدحض القول ان المسجونين اللبنانيين في سورية ارتكبوا جرائم على الارض السورية».

ووتابع عاد: «ان لدى «سوليدا» لائحة غير نهائية تضم 174 اسماً يضاف اليها 95 اسماً كان قد اعلنها القاضي عضوم. كذلك لدى الجمعية نسخة عن رسالة قدمت للوزير فؤاد السعد، وهذه الرسالة موجهة من السفارة السورية في استوكهولم الى المجموعة 151 في منظمة العفو الدولية. وتتعلق بثلاثة لبنانيين في السجون السورية، هم نجيب يوسف جرماني وطوني تامر وجورج شلاويط المتهمين بالتعامل مع اسرائيل والذين لم ترد اسماؤهم في اللوائح المتوفرة وغير معترف حتى بوجودهم». واعتبر عاد «ان هذه الرسالة تعد اثباتاً رسمياً سورياً على ان الملف لم يغلق حتى الآن». وكان مصدر سوري مطلع قد اعتبر في تصريح الـ«الشرق الاوسط» اثر اطلاق سراح اللبنانيين الخمسين في 11/12/2000 «موقف «بعض الاطراف اللبنانية» من مبادرة الرئيس الدكتور بشار الاسد في الافراج عن الموقوفين اللبنانيين في سورية بأنه «نكران للجميل» مؤكداً ان لا وجود لاي موقوف سياسي لبناني في السجون السورية، وتم اقفال هذا الملف نهائياً من الجانب السوري».

ومع استغراب المسؤول السوري يومها محاولة البعض في لبنان اعتبار كل مفقود في الحرب موجودا في سورية قال «ان بعض اللبنانيين الذين يتخذون من بكركي (مقر البطريركية المارونية) منبراً لهم للنيل من سورية، نسوا ان سورية هي التي انقذت حياتهم يوم كادت المقولة الشهيرة «طريق القدس تمر عبر جونبه» تقضي عليهم وعلى عدد كبير من ابناء طائفتهم».