هاني الحسن: إسرائيل تسعى لفرض نموذجها على السلطة الفلسطينية بانتخاب رئيس للوزراء مباشرة من الشعب

TT

قال هاني الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» ان إسرائيل تسعى لفرض النموذج السياسي الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية بانتخاب رئيس للوزراء مباشرة من الشعب، بينما يتم انتخاب الرئيس الفلسطيني من قبل المجلس التشريعي، وهذه مسألة مرفوضة فلسطينيا. وأضاف هاني الحسن في تصريح صحافي لـ«الشرق الأوسط» ان اميركا واوروبا تحاولان بكل الوسائل القيام باتصلات مع السلطة بهدف الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كي لا ترد على مجزرة غزة بعمليات عسكرية في اسرائيل، ولكن حماس ليست مستعدة لأن تسمع مثل هذا الكلام الآن وهي تعيش حالة من العزاء والحزن. وقال الحسن ان الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني متواصل في رام الله وغزة منذ اكثر من سنة وذلك في اطار اللجنة الوطنية والإسلامية لدعم الانتفاضة وان كانت في الآونة الأخيرة ازدادت وتيرة هذه الحوارات لسبب بسيط وهو ان الوضع السياسي بدأ يتبلور في أوساط السلطة الفلسطينية من اجل العمل على حشر رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون في الزاوية «لأننا كلنا نعلم ان شارون لا يريد الا الحرب، وخطة شارون الحقيقة هي ذبح الفلسطينيين، وقد جرت لقاءات في هذا المجال مع الاخوة في حماس ومع الاخوة في حركة الجهاد الإسلامي ومع الاخوة في الجبهتين الشعبية والديمقراطية وبقية الفصائل الفلسطينية، وانا شخصيا معجب بتطور الفكر السياسي لحماس، بمعنى ان حماس بدأت تدرك ان موازين القوة لا تسمح دائما بتحقيق الأشياء بضربة واحدة، وانها بدأت تتكلم بمنطق هدنة طويلة الأمد وتضع شروطها لوقف العمليات الاستشهادية في فلسطين 48 على حد وصف حماس لذلك، وهناك دفع مستمر لتطوير هذه المواقف ولكن بدون شك ان مجزرة غزة والتي كان يعلم موشيه يعلون رئيس هيئة الأركان الإسرائيلية انه بتنفيذها سيقتل اطفالا نائمين ونساء يحتضن اطفالهن وكانوا نائمين، والتوقيت الذي اختار فيه يعلون هذه العملية يدل على ان شارون ويعلون لا يريدان نجاح الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني. ومنذ اغتيال المجاهد صلاح شحادة توقف أي نوع من انواع الحوارات».

وحول الرد على مجزرة غزة قال الحسن «انا شخصيا لا اعتقد ان حماس مستعدة أن تسمع الآن مثل هذا الكلام لأن اخواننا في حماس بدون شك شأن كل الشعب الفلسطيني يشعرون بالألم.. نحن الآن شعب جريح نتيجة ما جرى من المجزرة ولما رافق اغتيال المجاهد صلاح شحادة. لقد قتل هناك أطفال أبرياء. وأن يقصف بيت بقذيفة بوزن طن من المتفجرات هذا امر يدخل في جرائم الحرب. انا شخصيا اعتقد ان الاخوة في حماس ما زالوا في حالة من العزاء وحالة من الشعور بالجرح العميق، والحوار حاليا حول هذه النقطة لا أظن أن تترتب عليه نتائج ايجابية».

واضاف «شارون لا يبحث عن السلام وانني دقيق في ما أقول، وأعتقد ان شارون لو وجد طريقة عنده لقتل المليوني فلسطيني في الضفة الغربية فإنه لن يتراجع عن ذلك، ولذا انا اقول يجب علينا ألا نضيع الوقت بمناقشة كيف نكسب شارون الى معسكر السلام.

وحول عدم اجتياح إسرائيل لغزة قال الحسن «ان الجيش الاسرائيلي دفع خسائر كبيرة في دخوله الى الضفة الغربية، فهم يحسبون حسابا كبيرا للخسائر التي ستحدث ان دخلوا غزة، وثانيا ان حجم الخسائر بين المدنيين الفلسطينيين سيكون كبيرا جدا، الأمر الذي سينعكس عليهم بالرأي العام العالمي والنقطة الثالثة هي انه في اتفاقية كامب ديفيد هناك معاملة خاصة لقطاع غزة، وانا ايضا ارجح ان التدخل المصري المهم في هذا الموضوع وخاصة في زيارة الرئيس حسني مبارك الأخيرة الى اميركا قد لعبا دورا في منع الإسرائيليين من اقتحام قطاع غزة، ولذلك جاء رئيس الاركان الجديد يعلون الذي كان في اميركا لمدة شهرين قبل تسلمه مهمته ليضع نظرية جديدة، وهو يقول اريد ان اهزم قطاع غزة بالنقاط وليس بالضربة القاضية. أي ان خطته هي ان يضرب كل يوم في قطاع غزة وهذا الذي يوضح لماذا استخدموا طناً من المتفجرات لقتل شخصين وقد اعترف الطيار الاسرائيلي بأنه كان يشاهدهما قبل اطلاق القنبلة عليهما وهما الشهيد شحادة ورفيقه الذي كان معه. ولكن يعلون له نمط مختلف، ويجب ألا ننسى ان يعلون هو الذي دخل الى غرفة الشهيد خليل الوزير (ابو جهاد) في تونس. وعندما حاولت أم جهاد ان تغادر الغرفة مع ابنها الصغير منعهما وأصر على ان تبقى لتشاهد كيف يقتل زوجها، وانه اطلق الرصاصات الاولى من مخزن مدفعه الرشاش ثم استمر في اطلاق المخزن الى آخره، فصرخت ام جهاد به انه قتل فكف عن اطلاق النار عليه. فيعلون عنده متعه في اراقة الدم، لذلك فهو الآن يعتبر قطاع غزة خاضعاً لسياسة «يعلونية» اذا صح التعبير وهي تعذيب قطاع غزة من خلال استخدام زائد للقوة، ولكن في النهاية سياسة يعلون لن تعطي نتائج، ستعطي فقط إسالة للدماء وتشهير لسمعة اسرائيل الأخلاقية والإنسانية.

وردا على السؤال ما بقي من السلطة الفلسطينية الآن قال الحسن «اعتقد ان هذا سؤال هام وهو لا يحير فقط انما يحير شارون أيضا، لأن شارون وضع نظريته وكانت انه اذا قضي على السلطة في الضفة الغربية فان عرفات وحركة فتح سوف يسقطان، لكنه فوجئ. ومن هنا نحن الآن نعمل ايضا على اعادة تنشيط التنظيم الفتحاوي لان شارون قرر ان يضرب فتح. ولدى شارون هدف جديد وهو القضاء على فتح اولا لأن في رأيه ان هذا الذي يدمر السلطة، فهو يهاجم فتح اولاً برأسها، وثانيا بعمودها الفقري وبرأسها لانه يطالب باقصاء عرفات، والعمود الفقري هو التنظيم. فاليوم يوجد 60% من كوادر حركة فتح إما في الاسر او شهداء او جرحى. لقد استشهد لنا 186 كادراً من فتح ولهذا السبب شارون بدأ يكتشف ان احتلال المدن والقرى لا يحل المشكلة، بل يدمر الاقتصاد الإسرائيلي. ومن هنا اصبح هنالك في اسرائيل من ينصحه بأن ينقذ الاقتصاد الإسرائيلي بانسحابه. وهو بالتالي بدأ يبني الآن السور الواقي ونعرف جميعا انه ليست هناك اموال، وهو يريد ان يفرض 2% على من راتبه فوق 12 ألف شيكل، ولكن هذا امر مضحك، فلا سور الصين العظيم صمد امام الغزاة، ولا خط مجينو في فرنسا صمد امام القوات النازية، ولم يمنع خط بارليف على قناة السويس الجنود المصريين من تحرير أراضيهم. وليضع شارون هذا الخط على حدود الرابع من يونيو (حزيران) ويرحل عنا.. وحينها إذن لا مشكلة بيننا وبينهم».

وحول توقيت الإصلاحات الفلسطينية قال الحسن «في اتفاق اوسلو كانوا يضعون شعار الأمن اولا. الآن أوجدوا شعارا جديدا اسمه الإصلاح اولا. ونظرا لأن الاوضاع العربية ليست جاهزة للتحدي، حتى للتحدي اللفظي، فهناك رعب عربي من الادارة الأميركية التي اوجدت لها عدوها الإرهابي الإسلامي وبدأت تضرب. ونظرا لأن بوش فرض قانونا جديدا غريبا في السياسة «انت معي او ضدي»، مثل هذا الموقف جعل المواجهة المباشرة مع ادارة بوش ليست أمرا بسيطا. ونحن لا نستطيع ان نرفض فكرة الإصلاح، وفي مؤتمر فتح القادم انشاء الله سوف يكون اهم قرارات المؤتمر هو شيء اسمه النقد والنقد الذاتي، فنحن مطلوب منا ان ننتقد انفسنا امام الشعب لأن تجربة ادارتنا للسلطة كانت بها نواقص كثيرة، ونحن طبعا يجب ان نصلح هذه النواقص ولكن ليس بسبب الطلب الاميركي. واليوم ما هو المخطط الأميركي للإصلاح؟ انهم لا يريدون ياسر عرفات ان يبقى رئيسا للسلطة. لا يريدون ياسر عرفات ذا نفوذ. نحن نقول: فلنحتكم الى صناديق الاقتراع، فإذا سحب الشعب الفلسطيني ثقته من الرئيس ياسر عرفات، فيجب ان نخضع لقرار الشعب الفلسطيني. ولكنهم حائرون لأن الإصلاح من وجهة نظرهم هو ليس كيف نخدم الشعب بأمانة واخلاص وانما كيف «نؤمرك» القادة، ونحن بدون شك باحثون عن السلام ونسعى الى علاقات وطيدة مع الولايات المتحدة ولكن ليس على حساب الوطن الفلسطيني والطموحات الفلسطينية.

وحول مصير المداولات حول استحداث منصب رئيس للوزراء في السلطة قال الحسن «لقد كان هناك اصرار على توقيع النظام الأساسي، وموضوع النظام الاساسي كان فيه نوع من الحساسية، ولكن الرئيس عرفات وقع على النظام الأساسي، والآن بدأوا يقولون انه يجب ان يكون هناك دستور وليس نظاما اساسيا. واسرائيل لا يوجد لها دستور وعندها نظام أساسي، وبريطانيا لا يوجد لها دستور وعندها نظام أساسي. يعني لماذا نحن يجب ان نكون المميزين في العالم الذين لديهم نظام أساسي ودستور ولسنا دولة بعد. لن نوقع على دستور. القضية في الدستور هي انهم يريدون منا نقطتين، النقطة الأولى: ان نرسم حدودنا في النظام الأساسي، والنظام الأساسي لا يرسم حدوداً، فإسرائيل لا حدود لها، ولكن النقطة الاخرى انهم يريدون ان نقول في الدستور ان رئيس الوزراء هو الذي ينتخب من الشعب وان المجلس التشريعي المنتخب هو الذي ينتخب الرئيس، وهم يريدون ايضا ان تصبح فلسطين دائرة انتخابية واحدة وان تكون هناك انتخابات لوائح. يعني تنزل قائمة لفتح والقائمة الخضراء والقائمة البيضاء والقائمة الشعبية، ويريدوننا ان ننسخ تماما النموذج الإسرائيلي. وانا لا اقول ان النموذج الاسرائيلي سيئ لأنه موجود في العالم النموذج الالماني والإسرائيليون نسخوه. في المانيا أيضا يوجد رئيس جمهورية ويوجد مستشار وايضا يوجد رئيس وزراء ويوجد رئيس جمهورية. كما ذكرت في البداية ان الاهتمام هو كيف يبعدون صناع الحركة الوطنية الفلسطينية عن مواقعهم. لماذا لا يتركوننا وشأننا ولا يتدخلوا في امورنا الداخلية». وحول مدى صحة ترشيح ناصر القدوة لهذا المنصب قال الحسن «انا اعتقد ان هذا كله حديث وكالات الاخبار، فأولا الأخ ناصر القدوة هو اخ نعتز به، وهو اخ قدير وأنا اتوقع له مستقبلا باهراً، لأنه تدرج في خطواته من رئيس اتحاد الطلبة الى مسؤول تنظيمي الى مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة، ونجح نجاحا كبيرا. ولكن الموضوع الذي يدور هو حتى الآن هو ان المشكلة ليست بتعين رئيس الوزراء. المشكلة ان شارون كلما اعطيته موافقة على شيء يتهمك ويرفض ويطلب شيئا آخر.