كندي من أصل كويتي محتجز في الولايات المتحدة يكشف معلومات مثيرة عن خطط «القاعدة» لضرب سفارات غربية

فر من سنغافورة واعتقل في سلطنة عمان وسلم إلى كندا قبل نقله إلى أميركا حيث يتعاون مع المحققين

TT

افاد مسؤولون اميركيون بان مواطنا كنديا من اصل كويتي متهما برسم مخطط لتفجير سفارتي الولايات المتحدة واسرائيل في سنغافورة، يحتجز الآن في موقع سري بالولايات المتحدة، وانه يزود السلطات بمعلومات حول خطط الارهابيين. واعتقل هذا الرجل، واسمه محمد منصور جبارة، وعمره 20 سنة في سلطنة عمان، ويحتجز في قاعدة عسكرية بالجزء الشمالي الشرقي من الولايات المتحدة، باعتباره شاهدا ماديا. ويبحث المحققون توجيه التهم اليه عن علاقته بعملية سنغافورة. وقال هينغ شي شان، سفير سنغافورة لدى الولايات المتحدة، ومسؤولون اميركيون، انه كان لجبارة، الذي يستخدم اسما حركيا هو سامي، دور قيادي في مخطط نسف سفارات الولايات المتحدة واسرائيل وبريطانيا واستراليا. وتقول السلطات ان العملية، التي كان يشارك فيها افراد من جماعة اصولية، وجدت دعما لوجستيا كبيرا من تنظيم «القاعدة».

وكانت الشرطة في سنغافورة قد اعتقلت اكثر من عشرة من المقاتلين لعلاقتهم بالمخطط، فيما تمكن جبارة من الهرب. ولكنه اعتقل لاحقا في سلطنة عمان وحقق معه، ثم سلم الى السلطات الكندية قبل ارساله الى الولايات المتحدة. ومع ان السلطات لا تعتقد ان جبارة من كبار قادة «القاعدة»، إلا ان احد المسؤولين الاميركيين قال ان لديه «سلطات عملياتية» كبيرة لادارة مخطط سنغافورة. وقال احد المسؤولين ان جبارة اطلع المحققين على نوع التدريب الذي يقدم في معسكرات «القاعدة» في افغانستان. واضاف المسؤول: «لم نستطع ان نصدر حكما بعد على مدى اهمية المعلومات التي يدلي بها. ولكن يبدو انه ملم فعلا ببعض المعلومات الهامة وهو مستعد للتعاون».

وقال السفير شان،في مقابلة اجريت معه، ان جبارة وصل الى سنغافورة في اكتوبر (تشرين الاول) عام 2001 بجواز كندي، ووصل في نفس الوقت رجل آخر اسمه «مايك». وقد اجتمع الاثنان بالمجموعات الارهابية المحلية لتحسين معارف هؤلاء ورفع مهاراتهم. وتابع شان: «كان جبارة يدير العملية ويقودها، وكان مايك يعلم السنغافوريين كيفية صنع القنابل. وكان هذان الرجلان ينتقلان كل على حدة من والى سنغافورة تفاديا للرقابة».

وافاد شان بان العملية الحالية كشفت كيف تقوم «القاعدة» برفع مستوى الاداء الارهابي في كل انحاء العالم. وقال: «هذه شبكة متعددة القوميات. انهم يعملون عبر الحدود. ونحن نعتقد ان شبكة القاعدة تعمل على النحو التالي: انهم يتصلون بالمجموعات المحلية التي تشاركهم افكارهم واهدافهم، ولكنهم يضيفون عنصرا آخر وهو انهم يطورون مهارات ومعارف وتكنولوجيا الجماعات المحلية».

واضاف شان ان سنغافورة تعاملت من قبل مع التهديدات الارهابية «ولكن تلك المخاطر كانت محلية الاصل ولم تكن متطورة الى هذا الحد. ولكننا نواجه الآن عناصر اجنبية لديها موارد مالية وترفع مقدرات الارهابيين المحليين. وما دامت القاعدة تحصل على مصادر الدعم المحلية فان التهديدات الارهابية ستظل موجودة على الدوام. وهم لا يحلون محل المجموعة المحلية بل يضيفون اليها هدفا جديدا هو الجهاد».

وتوصل المحققون الى ان «مايك» هو في الواقع فاثور رومان الغوزي، المواطن الاندونيسي الذي اعتقل في الفلبين في يناير الماضي. وقد نقلت نبأ تسليم جبارة الى الولايات المتحدة، قناة «ان بي سي نيوز»، الاسبوع الماضي، كما كشفت تفاصيل اضافية في وسائل الاعلام الكندية والاميركية لاحقا.

وقال المسؤولون الاميركيون ان مخطط سنغافوة ربما يكون الاهم من بين مخططات القاعدة الذي يحبط منذ هجمات 11 سبتمبر. وبعد حملة الاعتقالات التي قامت بها الشرطة في سنغافورة، عثر على اشرطة فيديو بافغانستان وسنغافورة، توضح الاماكن التي يمكن تخبئة القنابل فيها بسنغافورة لاستخدامها لاحقا في الهجمات على الاميركيين.

وقال والد محمد جبارة، منصور جبارة، المواطن الكندي الذي يقيم في دولة الكويت، في اتصال هاتفي انه تحدث مع ابنه مساء الثلاثاء الماضي. «اتصل بنا من الولايات المتحدة وقال انه بخير. وهو ليس محتجزا في سجن عادي، بل يقيم في ما يشبه الشقة الصغيرة. وقال انه يتناول طعاما جيدا وينام بصورة جيدة. وحالته عموما على ما يرام، ويتعاون مع السلطات ولديه محام يدافع عنه ويسمحون له بالاتصال بنا».

وقال منصور جبارة، الذي تلقى دورة في الدراسات الاسلامية بالجامعة الاميركية في واشنطن، ان اسرته اصيبت بصدمة عنيفة اثر سماعها نبأ اعتقال محمد. وقال: «هل تعرف انني انام ساعتين أو ثلاث ساعات في اليوم،. اننا قلقون ومنزعجون ومصابون بالصدمة الموجعة».

واوضح منصور جبارة انه انتقل، في ديسمبر الماضي، من كندا الى الكويت، حيث تعمل زوجته في المحاماة ويدير هو شركة للعقارات ومجموعة من المحال التجارية الصغيرة. ولكنه اكد أن نشاطه التجاري اصيب بنكسة كبيرة منذ اعتقال ابنه. وقال: «لا احد يريد ان يتعامل معي. لا احد يقبلني. وساتخلى عن كل شيء لان اهتمامي الاساسي منصب على ابني».

وقال منصور جبارة انه لا يصدق الاتهامات التي نسبت لابنه. «انه طالب جاد. يمكنك ان تسأل الجيران، وزملاءه واصدقاءنا في الجالية الاسلامية. لا يوجد من لا يذكر عائلتنا بالخير، وخاصة ابني. كان محمد فتى لطيفا، انه فتى لطيف حتى الآن. كان يراوده حلم، هو ان يصبح طبيبا في يوم من الايام».

نشأ محمد هنا في احدى ضواحي سانت كاثرين، وتلقى تعليمه في مدرسة ثانوية، كاثوليكية رومانية. ويقول والده انه غادر كندا بعد تخرجه عام 2000 لتلقي دراسات اسلامية في جامعة الكويت، ولكنه رفض لان دراسته كانت باللغة الانجليزية.

«قدمنا له في الامارات العربية المتحدة. ولكننا لم نحصل على قبول هنا ايضا». وقال منصور جبارة انه في لحظة ما عام 2000 غادر محمد الى باكستان «دون اذني» وكان قد ذهب وحده. كان يبحث عن دراسات اسلامية باللغة الانجليزية. كان حلمه كشاب صغير هو ان يساهم في بناء مجتمعه. وكان يريد ان يكون مواطنا صالحا». وقال الوالد انه لا يعرف ان كان ابنه قد وجد قبولا في احدى الجامعات الباكستانية. «كان يتصل بي كل شهرين او ثلاثة. وكان يقول لي انه يحاول الحصول على قبول باحدى الجامعات، وكان يقول لي لا تقلق. سأعود فهذا وطني».

كان منصور جبارة نائبا لرئيس الجمعية الاسلامية في سانت كاثرين وبادر بعد هجمات 11 سبتمبر باقامة منازل مفتوحة وورش عمل متعددة الاديان، لتنوير الناس حول الاسلام. وقال: «كانت الكنائس تدعونا وكنا نقدم الاسلام الحقيقي للناس. الاسلام الذي يدعو الى السلام والذي ينبذ العنف».

ولكنه قال انه نقل اسرته في ديسمبر لانه شعر ان عملاء الاستخبارات الكندية بدأوا يسببون له بعض المضايقات. «كانوا يستجوبونني كل يومين او ثلاثة. وكانوا يجلسون امام منزلي، في انتظار ابني محمد. وقلت لاسرتي لنعد الى الكويت». وقال المحققون هذا الاسبوع انهم يبحثون كذلك عن ابن آخر من ابنائه الاربعة: «انهم يبحثون عن ابني عبد الرحمن وعمره 22 سنة ولا اعرف مكانه».

هنا في سانت كاثرين تجمع المصلون امام مسجد النور بشارع جنيف، مساء الاربعاء، بعد صلاة العشاء. وفي داخل المسجد قال الناس عن محمد جبارة انه شاب لطيف كان يؤدي الصلاة مع ابيه. قال زاكر علي رئيس الجمعية الاسلامية في سانت كاثرين «اصبنا بصدمة عنيفة. وقد احزننا كثيرا هذا النبأ. ولم تكن لدينا ادنى فكرة كيف يمكن لمثل هذه الاشياء ان تحدث للناس. انني ما أزال أذكره شابا لطيفا يحترمني كثيرا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»