المباحث الأميركية تستجوب أعضاء الكونغرس لمعرفة مصدر تسريب معلومات اعتراض المكالمات العربية في 10 سبتمبر

TT

استجوب ضباط مكتب المباحث الفيدرالي الاميركي (إف. بي. آي) قرابة جميع اعضاء لجنتي الاستخبارات في مجلسي الشيوخ والنواب، وسألوهم عما اذا كانوا لا يعترضون على استخدام اجهزة كشف الكذب في اطار تحقيق واسع النطاق لمعرفة مصدر تسريب معلومات متعلقة بهجمات 11 سبتمبر (ايلول) الماضي، طبقا لمسؤولين شاركوا في هذه التحقيقات.

وقد ابلغ معظم اعضاء اللجنتين انهم يرفضون استخدام اجهزة كشف الكذب، مشيرين الى الفصل الدستوري للسلطات بين الاجهزة التشريعية والتنفيذية للحكومة وعدم دقة الفحص بهذه الاجهزة.

وعلى الرغم من ان رئيسي لجنتي الاستخبارات بوب غراهام في مجلس الشيوخ وبورتر غوس في مجلس النواب، طلبا من مكتب المباحث اجراء التحقيق، فان هذا الطلب قد اغضب بعض الاعضاء، باعتبار انهم يشرفون على هذه الوكالة التي تحقق معهم.

وبالاضافة الى اعضاء اللجنتين فإن مكتب المباحث حقق مع 60 من موظفي الكونغرس ومسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. إيه) ووزارة الدفاع (البنتاغون) ووكالة الامن القومي، وهم يحاولون العثور على مصدر الانباء التي تحدثت عن المكالمات الهاتفية «العربية» التي قيل ان وكالة الأمن القومي اعترضتها يوم 10 سبتمبر الماضي ولم تترجمها حتى يوم 12 من الشهر نفسه. وقيل ان تلك المكالمة اشارت الى هجوم متوقع على الولايات المتحدة.

واوضحت رانيت شملتزر المتحدثة باسم زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ توماس داشل انه «يشعر بقلق عظيم بخصوص قضايا فصل السلطة التي اثيرت بعد طلب جهاز من اجهزة الحكومة استخدام اجهزة كشف الكذب مع موظفي فرع اخر من فروع السلطة». ولكن المتحدثة اضافت في بيان «هذه المسألة خاصة بلجنتي الاستخبارات في مجلسي النواب والشيوخ ووزارة العدل. وقد طلبت اللجنتان من وزارة العدل اجراء هذا التحقيق والامر يرجع للاطراف المعنية لتقرير الوسائل المناسبة لذلك».

وكان قادة الكونغرس قد شكلوا لجنة استخبارات مشتركة هذا العام لتقييم اداء وكالة (سي. آي. إيه) ومكتب (إف. بي. آي) وغيرهما من اجهزة الاستخبارات في الفترة التي سبقت هجمات 11 سبتمبر واوصوا بتحسين أداء اجهزة الاستخبارات.

وفي الوقت الذي بدأت فيه جلسات استماع اللجنة، بدأت بعض القصص في الظهور في اجهزة الاعلام بخصوص تنصت وكالة الامن القومي، الامر الذي ادى الى انتقاد حاد من البيت الابيض. فقد اتصل نائب الرئيس ديك تشيني بغوس وغراهام ووبخهما بخصوص الكشف عن هذه المعلومات. بينما ذكر المتحدث باسم البيت الابيض اري فلايشر ان المعلومات «محددة بصورة مقلقة» ويمكن ان تؤثر على الحرب ضد الارهاب. واوضح مسؤولون في الادارة ان التسريبات يمكن ان تصبح جريمة فيدرالية.

وقال غوس انه شعر بالتكدر من المكالمة، وكتب هو وغراهام رسالة الى وزير العدل جون اشكروفت يطلبان فيها اجراء التحقيق. ويعتبر هذا الطلب غريباً جداً لانه يتعدى الاجراءات التقليدية في تلك الظروف بتولي لجنة الاخلاقيات في الكونغرس التحقيق في تسريب معلومات.

وتجدر الاشارة الى ان الاتصالات التي تم اعتراضها تتعلق بعبارتين في محادثة هاتفية، واحدة تقول «المباراة ستبدأ» والثانية تقول «غدا نقطة الصفر».

وذكر مسؤولون في اجهزة الاستخبارات ان الرسالتين، حتى لو تمت ترجمتهما يوم 10 سبتمبر، لم تكن لتقدم معلومات كافية لمنع الهجمات لانها لم تحدد وقت او زمان وقوع الهجمات. ولكن الكشف عن هذه المعلومات احرج وكالة الامن القومي، وكشف عن مشاكل مزمنة داخل هذه الوكالة التي سبق ان تعرضت لانتقادات سابقة بسبب ترجمتها وتحليلها لكمية بسيطة من ملايين المحادثات والاتصالات الالكترونية التي تتنصت عليها حول العالم.

وكانت صحيفة «واشنطن بوست» اول من نشر النبأ والتأخر في ترجمته بعد 11 يوما من وقوع هجمات سبتمبر. ونشرت 7 مؤسسات صحافية اميركية او اذاعت روايات مشابهة في اوائل يونيو (حزيران) الماضي. ولكن نائب الرئيس الاميركي لم يتصل بغوس وغراهام الا بعد ان بثت شبكة «سي. ان. ان» التلفزيونية قصة في 19 يونيو نقلا عن «مصدرين في الكونغرس» ونشرت عدد من الصحف الرئيسية معلومات مشابهة.

وذكر خبراء في مجال فصل السلطات اول من امس ان تحقيقات مكتب المباحث تثير القلق بخصوص ما اذا كان اعضاء الكونغرس يتمتعون بحرية في فحص اداء وكالات الاستخبارات ومكتب المباحث.

وذكر تشارلز تايفر وهو استاذ قانون في جامعة بالتيمور «يمكن لمكتب المباحث فتح ملفات حول كل عضو وموظف وجمع معلومات شاملة عنهم، الامر الذي يثير مخاوف الذين يمكن ان ينتقدوا مكتب المباحث. ان مكتب (إف. بي. آي) يدخل منطقة تتمتع بامتيازات ولاسباب جيدة، وهي منع تخويف الاعضاء».

وكانت ادارة الرئيس جورج بوش قد حاولت اغلاق مصادر المعلومات التي تنشرها الصحف التي تكشف معلومات يمكن ان تكون محرجة، من وجهة نظرها، ومضرة للامن القومي. وقد بدأ وزير الدفاع دونالد رامسفيلد تحقيقا في البنتاغون في مصادر معلومات قصة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الشهر الماضي حددت فيها خطة محتملة حول الحرب المتوقعة ضد العراق.

وخلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ سأل السناتور جون ماكين رامسفلد بخصوص مدى اهتمام الادارة بالتسريبات بخصوص العراق. وابلغ وزير الدفاع ان التسريبات غير المطلوبة «هي لعبة تمارس عندما وصلت هنا لاول مرة قبل 30 سنة وستمارس لمدة ثلاثين سنة اخرى من الآن». واضاف ماكين «الحقيقة هي ان هناك مقترحات متنافسة داخل الادارة. ان بعض الناس يستخدمون او يحاولون التفوق بتسريب المعلومات وعندما يتم الاتفاق داخل الادارة اعتقد ان التسريبات ستتوقف».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»