مصادر فرنسية: الدعوة العراقية محاولة لكسب الوقت

TT

أبدت مصادر فرنسية مطلعة تحفظات قوية ازاء دعوة العراق لرئيس لجنة المفتشين الدوليين على الاسلحة هانز بليكس الذهاب الى بغداد والتباحث مع المسؤولين العراقيين في ظروف عودة المفتشين الى العراق.

وقالت هذه المصادر لــ«الشرق الأوسط» امس ان باريس ترى في دعوة بغداد «محاولة لكسب الوقت». وتساءلت «ما هي العناصر الاضافية التي سيفضي اليها ذهاب بليكس الى بغداد ولماذا عليه السفر الى العاصمة العراقية، علما ان المناقشات التقنية مع المسؤولين العراقيين يمكن ان تتم في اية عاصمة اخرى؟».

وأبدت هذه المصادر شكوكها في رغبة بليكس السفر الى بغداد «لانه يعرف سلفا ما ينتظره في العاصمة العراقية»، رغم ان رسالة وزير الخارجية العراقي ناجي صبري تتحدث فقط عن «المحادثات الفنية»، وفي رأي هذه المصادر فان بغداد ستعمد الى اثارة مسائل ليس في مقدور بليكس ان يجيب عليها مثل الضمانات التي يمكن للامم المتحدة ان تقدمها في حال قبلت بغداد عودة المفتشين والنيات الاميركية والبريطانية وما الى ذلك من المسائل التي افشلت لقاء فيينا في الشهر الماضي، بين صبري وامين عام الامم المتحدة كوفي انان.

وترى باريس ان «المناقشات بخصوص عودة المفتشين يجب الا تحل محل عودة المفتشين نفسها» في اشارة الى مخاوف فرنسا من ان تطول المناقشات وتتفرع بحيث يصبح استمرارها هدفا بعينه تسعى اليه بغداد لغرض «كسب الوقت».

وذكرت اوساط فرنسية موثوق بها لـ«الشرق الأوسط» ان السلطات الفرنسية تمتلك المعطيات والمعلومات التي تؤكد ان قرار واشنطن ضرب العراق «نهائي». واضافت هذه الاوساط ان باريس تعتبر ان «حبة الرمل الوحيدة التي من شأنها خربطة عمل الآلية العسكرية الاميركية ضد بغداد هي تحديدا قبول العراق السريع والواضح عودة المفتشين الدوليين الى اراضيه، وفق شروط الامم المتحدة». وذهبت هذه الاوساط لأبعد من ذلك بقولها ان مصلحة العراق تكمن «في ان يقبل اليوم وقبل غد» عودة المفتشين. ولكنها تساءلت عما اذا كان هذا القبول «ما زال كافيا اليوم» لوقف الآلة العسكرية الاميركية.

وابدت هذه الاوساط نوعا من الخيبة ازاء الولايات المتحدة الاميركية «التي لا تعير كثيرا من الاهتمام للمحاذير والمخاطر المترتبة على ضربة عسكرية اميركية ضد بغداد». واضافت هذه الاوساط ان واشنطن «لم تجب بعد على التساؤلات والاسئلة التي طرحناها عليها ومنها مثلا عن مرحلة ما بعد صدام وعن مخاوف دول الخليج التي لا تريد ان ترى جمهورية شيعية في البصرة وعن زعزعة الاستقرار في المنطقة واثارة ايران».

وترى هذه الاوساط الفرنسية الواسعة الاطلاع ان رهانات العراق على امكانية الوقوف ضد ضربة اميركية، رغم الجدل الواسع الذي يعتمل واشنطن بين الصقور والحمائم، «قد تكون خاطئة مرة اخرى».

وتفيد هذه الاوساط، ان بغداد تراهن على اربعة عوامل هي، وفق الاهمية، كالتالي: رفض روسيا لعمل عسكري ضد العراق، والرهان على الرأي العام العربي وعدائه لأميركا، والضغوط الاقتصادية على دول مجاورة للعراق ورفض العرب لعمل عسكري في الخليج، في ما الازمة الفلسطينية مستمرة في التصاعد.

وتؤكد هذه الاوساط ان الرهان على موسكو هو الخطأ الاول، اذ ان واشنطن كسبت التأييد الضمني لروسيا من خلال تطمينها حول مصالحها النفطية، التجارية والاقتصادية في العراق، لمرحلة ما بعد نظام الرئيس صدام حسين. ومن جهة اخرى، تؤكد هذه الاوساط ان واشنطن تعتبر انها قادرة على السير في عمل عسكري ضد بغداد، رغم ممانعة الاطراف العربية وحجتها ان اسقاط صدام ليس فقط مطلبا اميركيا.