اجتماع استشاري للبنتاغون يعتبر السعودية عدوا للولايات المتحدة

الأمير بندر بن سلطان: تكرار الأكاذيب لن يحولها إلى حقائق * البنتاغون: نعتبر الرياض صديقاً منذ أمد طويل * مطالبة الرياض بالتوقف عن تمويل الجهات الإسلامية حول العالم والتصريحات المعادية للولايات المتحدة وإسرائيل

TT

وصف تقرير قدم الشهر الماضي الى مجلس استشاري تابع لوزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون»، السعودية بأنها عدو للولايات المتحدة واوصى بأن يوجه المسؤولون الاميركيون انذارا للسعودية «للتوقف عن دعم الارهاب.

ويزعم التقرير الجدلي الذي قدم يوم 10 يوليو (تموز) الماضي الى مجلس السياسة الدفاعية «ان السعوديين نشطاء على كل مستويات الارهاب، من المخططين الى الممولين، من الكوادر الى المنفذين، من الايديولوجيين الى المؤيدين». ويضم هذا المجلس الاستشاري مجموعة من المثقفين المرموقين وكبار المسؤولين السابقين الذين يقدمون استشارات الى البنتاغون بخصوص السياسة الدفاعية.

وعلق الامير بندر بن سلطان السفير السعودي في واشنطن على التقرير بقوله انه لم يأخذ هذا التقرير بجدية وأضاف «اعتقد انه جهد مضلل، وسطحي وغير أمين بخصوص الحقائق. ان تكرار الاكاذيب لن يحولها لختباق».

ويقول التقرير الذي اعده لورين موراويك المحلل في مؤسسة راند «السعودية تؤيد اعداءنا وتهاجم حلفاءنا»، بل ان اشارة مثيرة للجدل رافقت عرض اخر الشرائح المصورة وعددها 24 شريحة والمستخدمة خلال العرض، مضت الى ابعد من ذلك ووصفت السعودية بـ «نواة الشر، والمحرك الاساسي، واخطر خصم في الشرق الاوسط».

ولا يمثل هذا التقرير وجهات نظر المجلس ولا السياسة الحكومية الرسمية، وهو في الواقع يتعارض مع الموقف الرسمي الحالي للحكومة الاميركية التي تعتبر ان السعودية هي حليف رئيسي للولايات المتحدة في المنطقة. الا ان هذا التقرير يمثل وجهة نظر تزداد اهمية داخل ادارة بوش ـ ولاسيما في مكتب نائب الرئيس ديك تشيني وبين القيادات المدنية في وزارة الدفاع ـ وبين الكتاب الذين ينتمون الى جماعات المحافظين الجدد والمفكرين المتحالفين مع صانعي القرار في الادارة.

وقال مسؤول في ادارة بوش ان الاراء بخصوص السعودية تتغير يوميا داخل الحكومة الاميركية. واضاف المسؤول «اعتاد الناس على تبرير السلوك السعودي، ولم تعد تسمع ذلك الان. مما لاشك فيه ان الناس يدركون الحقيقة».

ويبدو ان القرار بعرض التحليل المعادي للسعودية على مجلس السياسة الدفاعية الاستشاري مرتبط بالجدل المتزايد حول ما اذا كان يجب شن هجوم عسكري اميركي لازاحة صدام حسين عن السلطة. ويرأس المجلس مسؤول سابق في وزارة الدفاع هو ريتشارد بيرل، وهو واحد من اكثر الشخصيات المرموقة المؤيدة في واشنطن لمثل هذا الغزو. واوضح التقرير المشار اليه ان ازاحة صدام حسين ستؤدي الى تغييرات في السعودية، التي زعم «انها المشكلة الاكبر بسبب دورها في تمويل ودعم الحركات الراديكالية الاسلامية».

ولم يتصل بيرل بـ«واشنطن بوست» ردا على اتصالها به للتعليق. وذكر متحدث بإسم مؤسسة راند ان موراويك وهو مستشار سابق في وزارة الدفاع الفرنسية يعمل في مجال تحليل الشوؤن الامنية الدولية في مؤسسة راند، غير متوفر للتعليق.

وفي الوقت ذاته ذكرت المتحدثة باسم البنتاغون فيكتوريا كلارك في بيان مكتوب صدر مساء اول من امس «لا العرض ولا تعليقات اعضاء مجلس السياسة الدفاعية تعكس الاراء الرسمية لوزارة الدفاع. ان السعودية صديق منذ أمد طويل للولايات المتحدة. ويتعاون السعوديون معنا تماما في مجال الحرب الكونية ضد الارهاب ويحظون بتقدير الوزارة والادارة العميق».

وقال موراويك في تحليله انه يجب على الولايات المتحدة مطالبة الرياض بالتوقف عن تمويل الجهات الاصولية الاسلامية حول العالم، والتوقف عن تصريحات معادية للولايات المتحدة واسرائيل داخل البلاد و «محاكمة وعزل هؤلاء الذين يشاركون في سلسلة الارهاب».

واذا رفض السعوديون الالتزام بذلك، فإن موراويك يدعو الى معاقبة السعودية.

ويُختتم التقرير بالربط بين تغيير النظام في العراق وتغيير السلوك السعودي.

وهذه الاراء التي تتمتع بشعبية بين عدد من المفكرين المحافظين الجدد، مفادها ان نظاما صديقا سيصبح مصدرا اساسيا للنفط للغرب. وهذا التدفق الجديد للنفط سيقلل من مدى اعتماد الولايات المتحدة على صادرات الطاقة السعودية.

ويعتقد المسؤول في الادارة وهو من جناح الصقور فيما يتعلق بالعراق ان «الطريق الى الشرق الاوسط بأكمله يمر عبر بغداد. وبعدما يؤسس نظام ديمقراطي في العراق، مثل النظم التي ساهمنا في تأسيسها في المانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، فهناك العديد من الامكانيات».

وطبقا لمصادر حضرت اللقاء فمن بين ما يزيد عن عشرين شخصا حضروا اللقاء فإن وزيرا سابقا تحدث معترضا على وجهة النظر التي خلص اليها التقرير والمعادية للسعودية. واتفق بعض اعضاء المجلس مع كيسنغر وزير الخارجية الأسبق لرفضه للتقرير، بينما لم يعترض البعض.

ولخص مصدر تعليقات كيسنغر بقوله «السعوديون مؤيدون لاميركا، وعليهم العمل في منطقة صعبة».

ورفض كيسنغر التعليق على الاجتماع. وأكد ان شركته الاستشارية لاتقدم استشارات للحكومة السعودية، وليس لديها عملاء لديهم كمية كبيرة من الاعمال في السعودية.

واوضح كيسنغر «لا اعتبر السعودية عدوا استراتيجيا للولايات المتحدة. هم يفعلون اشياء لا اقرها، ولكن لا اعتبرهم عدوا استراتيجيا».

ومن بين اعضاء المجلس النائب السابق للرئيس دان كويل ووزيران سابقان للدفاع جيمس شليسنغر وهارولد براون ورئيسان سابقان لمجلس النواب نوت غينغريش وتوماس فولي وعدد من كبار الضباط المتقاعدين من بينهم نائبان سابقان لهيئة الاركان المشتركة وهما الادميرال المتقاعد جيريمايا والادميرال وليام اوينز. وأوضح عادل الجبير وهو مستشار في مجال الشؤون الخارجية لولي العهد السعودي الامير عبد الله بن عبد العزيز ان «الدولتين صديقتان وحليفتان لأكثر من 60 سنة. وشهدت العلاقة العديد من العواصف، وبالرغم من ذلك فانها تتجه الى ان تصبح اكثر قوة».

ويذكر انه في الثمانينات لعبت الولايات المتحدة والسعودية دورا اساسيا في دعم المقاومة الافغانية للغزو السوفياتي لافغانستان. وفي نهاية تلك الحقبة ازدادت العلاقة قوة في مواجهة الغزو العراقي للكويت.

وتتمتع الاراء المعادية للسعودية في التقرير بشعبية بين المفكرين في مجال السياسة الخارجية وسط جماعات المحافظين الجدد، وهي جماعة صغيرة نسبيا ولكنها تتمتع بنفوذ داخل ادارة بوش.

ويقول كينث ادلمان وهو مساعد سابق لرامسفيلد وعضو في مجلس السياسة الدفاعية غير انه لم يحضر الاجتماع «اعتقد انه من الخطأ اعتبار السعودية دولة صديقة». واوضح ادلمان ان الرأي القائل بأن السعودية عدو للولايات المتحدة «اصبحت وجهة نظر اكثر انتشارا مما كانت عليه قبل عام».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»