اجتماعات المعارضة في أسمرة تبدأ بدون قرنق ومستشاره السياسي ينفي وجود خلافات

TT

في غياب زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان العقيد جون قرنق، افتتحت أمس في العاصمة الاريترية اسمرة اجتماعات هيئة قيادة المعارضة السودانية، وقد سادت اجواء من الغموض على الاجتماعات التي كان من المفترض ان تفتتح يوم الاحد الماضي لكن تعذر وصول او غياب قرنق ادى الى تأجيلها. ويفترض ان تناقش هذه الاجتماعات الاتفاق الذي وقعته الحكومة وحركة قرنق الشهر الماضي، والخطوات المقبلة بشأن المفاوضات الجديدة في كينيا. ونفى الدكتور منصور خالد المستشار السياسي لزعيم الحركة الشعبية في اتصال مع «الشرق الأوسط» ان يكون وراء غياب قرنق اي موقف سياسي، خاصة بعد انتقادات حادة وجهها مسؤولون بارزون في تحالف المعارضة لاتفاق «ماشاكوس» بكينيا. وقال خالد ان ظروفا فنية طارئة تتعلق بحركة الطيران من مناطق جنوب السودان واسمرة منعت قرنق من الحضور. وأكد ان زعيم الحركة الشعبية سيحضر الاجتماعات لاحقا، لكنه امتنع عن تحديد اي موعد زمني لذلك.

وقررت هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي (تحالف المعارضة) امس استمرار الاجتماعات في الايام التالية حتى في حالة غياب قرنق. وجاء هذا التأكيد بعد اتصالات فردية اجراها الدكتور قرنق مع رئيس التجمع محمد عثمان الميرغني معتذرا عن عدم تمكنه من الحضور. وشككت مصادر سودانية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» من حضور قرنق لاجتماعات اسمرة لثلاثة اسباب جوهرية; اولها قرب اجتماعات الجولة الثانية لمفاوضات الحكومة والحركة الشعبية الحاسمة في كينيا التي ستنطلق الاثنين المقبل، والتي تحتاج الى تحضير واسع. وثانيها شعور الحركة الشعبية بالاستياء من تصريحات اطلقها مسؤولون في التجمع تنتقد اتفاق ماشاكوس، والسبب الثالث وهو الحشود العسكرية التي بدأت تظهر في الجنوب منذرة بعودة الحرب بعد حرب البيانات بين الحكومة والحركة والاتهامات المتبادلة بالاستعداد لشن هجوم عسكري في مناطق انتاج البترول.

وأكد منصور خالد عدم وجود خلافات جوهرية بين الحركة والتجمع، مشيرا الى بعض الخلافات في بعض القضايا، قال انها لن تؤثر في مستوى العلاقات بين الجانبين. وحول الورقة القانونية التي اعدها فاروق ابوعيسى مساعد رئيس التجمع، والتي انتقد فيها اتفاق ماشاكوس، اكد خالد انه لا علم له بهذه الورقة «ولم تعرض على اجندة الاجتماعات»، وحول رؤية الحركة لمشاركة قيادة التجمع في المفاوضات المقبلة في كينيا قال ان هذا الموضوع سيكون محل نقاش في اسمرة.

واعلن مسؤول في الحركة الشعبية أمس ان محادثات الجولة الثانية بين الحكومة والحركة الشعبية والتي ستتناول خصوصا وقفا لاطلاق النار ستستأنف في كينيا الاثنين المقبل. وقال المتحدث باسم قرنق في نيروبي ان «مشاورات تجري حاليا، وان الحركة قبلت بموعد 12 اغسطس (اب) المحدد لاستئناف محادثات السلام، بدون ان يوضح مكان اللقاء. وكان المسؤول عائدا من جنوب السودان حيث قامت الحركة الشعبية بتنوير انصارها حول بروتوكول اتفاق السلام الموقع بين الحكومة والحركة في ماشاكوس (كينيا) الشهر الماضي. وينص الاتفاق على منح الجنوب حكما ذاتيا لمدة ست سنوات يليها استفتاء لتقرير المصير. وكان الجانبان قد قررا ان يلتقيا في منتصف الشهر الجاري في كينيا لمواصلة المحادثات حول ملفات اخرى مثل تقاسم الشرطة والثروات وحقوق الانسان ووقف اطلاق النار. وتجري المفاوضات برعاية الهيئة الحكومية للتنمية (ايقاد) التي تضم سبع دول في شرق افريقيا، بالاضافة الى عدد من الدول الاوروبية والولايات المتحدة كمراقبين.

من جانبه حذر علي عثمان محمد طه النائب الاول لرئيس الجمهورية من مؤامرة تحاك لعرقل جهود السلام بالبلاد من بعض الجهات لم يحددها. وقال اثناء مخاطبته احتفالات نظمها اتحاد نقابات عمال السودان، ان السلام ما زال وليداً ويحتاج لرعاية كاملة ويقظة بمشاركة الجميع. واضاف «السلام لا يعني الاستسلام ورمي السلاح، ونبه لاهمية الجولات القادمة في مسار التفاوض بين الحكومة والحركة الشعبية، ودعا لتصويب الجهود المشتركة نحو تحقيق السلام وبلوغ الغايات في معركة قال انها لم تنته بعد.

وعقدت هيئة قيادة المعارضة جلستها الافتتاحية اعقبتها جلسة اجرائية، وعلمت «الشرق الأوسط» ان الهيئة ربما لن تتمكن من مناقشة جدول أعمالها الرسمي بسبب غياب قرنق، وقررت البدء في مناقشة جدول الأعمال العادي، وترك مناقشة اتفاق «ماشاكوس» الى حين حضور الدكتور جون قرنق.

وقال الفريق عبد الرحمن سعيد نائب رئيس التجمع لـ«الشرق الأوسط» ان الاجتماع سيناقش التقرير المالي، وتقرير الأمين العام الذي سيناقش انجازات التجمع منذ المؤتمر الماضي.

وفي الجلسة الافتتاحية تحدث محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع داعياً لارجاء جولة المفاوضات القادمة بين الحكومة والحركة الشعبية لتمكين التجمع والقوى السياسية الأخرى من المشاركة فيها منذ البداية، وناشد الحكومة والولايات المتحدة وبريطانيا ودول شركاء هيئة الايقاد بارجاء الجولة المقررة الاثنين المقبل حتى تضمن مشاركة التجمع ودول الجوار العربية التي لها مبادرات حول السودا. وقال الميرغني «ان ارادة الشعوب لا تقهر، وان أي اتفاق لا يعززه اجماع وطني مآله التصدع». وقال «نأمل ان يستفيد السودان من اتفاق ماشاكوس بانهاء الحرب واحلال السلام، وتعزيز الوحدة واستعادة الديمقراطية». وأضاف «فلا سلام بغير الديمقراطية وكفالة الحريات العامة». وأكد الميرغني ان اتفاق ماشاكوس امّن على الوحدة الطوعية لأهل السودان ارضاً وشعباً، واشتمل على رؤى كان للتجمع الوطني الديمقراطي السبق في التوصل اليها، باعتبارها المدخل الأساس لحل المشكلة السودانية. وأكد ترحيب التجمع بكل جهد يفضي الى جمع الصف السوداني ويبشر برسالة السلام. وقال ان الاتفاق الاطاري يمثل خطوة هامة في طريق الحل السياسي الشامل.

من جانبه أكد الأمين العام للجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة الاريترية «الحزب الحاكم» الذي حضر الجلسة الافتتاحية بأن اجتماع التجمع السوداني الحالي يعقد في ظرف تاريخي هام تمر به عملية تحقيق السلام في السودان.

وقال «ان التطورات في السودان تسير في الظرف الراهن بوتيرة متسارعة ما يتطلب من التجمع الوطني الديمقراطي، وضع شروط وضوابط لها كي تؤدي الى انجاح مساعي الوحدة والوفاق بين الأطراف المعنية وذلك للخروج بنتائج تمكن من تحقيق السلام العادل المبني على الحل السياسي الشامل وايجاد الاستقرار المطلوب في السودان».

ووصف اتفاق ماشاكوس الأخير بأنه خطوة هامة في الاتجاه الصحيح بيد انه أشار الى ان المتبقي كثير. وطالب الأمين محمد سعيد اجتماع المعارضة الحالي في أسمرة وبصورة ملحة برسم السياسات وبرامج العمل الفاعلة التي تتماشى مع التطورات الراهنة وبما يخدم انجاح المرحلة الانتقالية القادمة والاشتراك فيها بشكل فاعل من اجل التأكيد والعمل على اهمية وحدة واستقرار السودان المبني على المساواة والكافل لحقوق كل ابنائه دون استثناء والرافض لكل عوامل التجزئة والتفرقة وعلى رأسها التفرقة على أساس الدين والانتماء العرقي.

وأعرب مجدداً عن تأييد بلاده لما خرج به اجتماع ماشاكوس وقال «نأمل ان يخرج الاجتماع المرتقب في كينيا بخطوات عملية تساعد على تحقيق السلام الشامل في ربوع السودان». وأكد المسؤول الاريتري على مواصلة بلاده جهودها الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في السودان في حل خلافاتها بنفسها ودعمها لما يجمع عليه اهل السودان.

الى ذلك أكد الأمين محمد سعيد لـ«الشرق الأوسط» ان هناك قضايا أساسية متبقية في جولة مفاوضات الايقاد المقبلة وفي مقدمتها موضوع المرحلة الانتقالية وكيفية تشكيلها واشتراك جميع الأطراف فيها حتى لا تكون محصورة بين موقعي الاتفاق الحركة الشعبية والخرطوم.

وحول حق تقرير المصير الذي يتضمنه اتفاق ماشاكوس قال المسؤول الاريتيري «ان خيار الانفصال ليس بالشيء الهين وان خيار الوحدة هو الأفضل والأبرز وان الانفصال يعتبر الخيار الأخير بعد ان تستنفد كل الخيارات وان كل الأطراف مطالبة بأن تعي هذه الحقيقة في المرحلة الانتقالية وتعمل باتجاه السودان الموحد المبني على المساواة والرافض للتجزئة» مشيراً أن ايجاد الحل الحقيقي في قضية الجنوب المستعصية يؤدي الى ايجاد الحلول لكل قضايا السودان.

من جهة أخرى هاجمت الحركة الشعبية لتحرير السودان أمس رئيس حزب الأمة الصادق المهدي بقوة، واتهمته بعدم الجدية واتباع أسلوب المناورات. ورداً على مطالب المهدي باجراء حوار مع الحركة الشعبية قال المتحدث باسم حركة قرنق في اسمرة ياسر عرمان «نعتقد ان رئيس حزب الأمة غير جاد في تحركاته كما في السابق ويرسل اشارات للتجمع الوطني الديمقراطي بغرض تقوية موقفه في صراعات حزبية وليس من اجل التحول الديمقراطي».

وأضاف عرمان لـ«الشرق الأوسط» «نحن على استعداد لدعم أجندة التحول الديمقراطي ولن ندعم صراعات ومناورات حزبية». وكان حزب الأمة قد أوفد الدكتور ابراهيم الأمين الى اسمرة لاجراء حوار مع حركة قرنق وبقية فصائل التجمع.