فتور في علاقات حركتي «فتح» و«حماس» في لبنان ومخيم عين الحلوة يشهد تفجيرات دورية

TT

يعيش مخيم عين الحلوة الفلسطيني قرب مدينة صيدا بجنوب لبنان اوضاعاً غير طبيعية منذ تسليم احد الفصائل المتمركزة داخله (عصبة الانصار) قاتل العسكريين اللبنانيين الثلاثة، بديع حمادة، الى الجيش اللبناني. فمنذ ذلك التاريخ يكاد لا يمر يوم دون حصول تفجير او اطلاق نار داخل المخيم الذي يعتبر اكبر التجمعات الفلسطينية في لبنان. وقد استهدفت التفجيرات اشخاصاً عاديين ومسؤولين واعتبرتها مصادر فلسطينية «استهدافات عشوائية الهدف منها توتير الوضع الامني لتصوير المخيم وكأنه جزيرة امنية خلافاً للصورة التي سادته في الفترة السابقة».

وتقول بعض المصادر الفلسطينية في المخيم ان التفجيرات «مرتبطة بموضوع القرار السياسي للمخيم ومن يمسك بزمام القرار، ومن هو المرجع». وتعتقد ان «هذه الانفجارات وتكبيرها وتضخيمها في هذه الفترة تهدف الى التغطية على ما يجري على الساحة الفلسطينية والهاء القوى الفلسطينية بمجريات الامور داخل المخيم وعدم استكمال خطوات ايجابية أخرى تريحه وتتمثل في تسليم ما تبقى من مطلوبين للعدالة اللبنانية وتحديداً المتهمين بالضلوع في أحداث الضنية التي وقعت في شمال لبنان بين الجيش وجماعات مسلحة منذ اعوام».

وربط البعض بين التفجيرات وعرقلة اية محاولة لاتمام التسليم، فيما اعتبرها البعض الآخر «حرب مرجعيات» واستياء من الدور الذي لعبته القوى الاسلامية وتحديداً «عصبة الانصار» وحركة «حماس» في عملية تسليم «ابو عبيدة» والمخرج الذي انتهت اليه القضية. ورأى البعض فيه تحجيماً لدور منظمة التحرير الفلسطينية. وتشير المعلومات الى «علاقة فاترة» تسود الآن بين حركة «فتح» وحركة «حماس» على خلفية هذا الدور. وتخشى «فتح» ان تأخذ «حماس» دوراً اكبر منها وان تشكل منافساً لها نظراً لامتداد الحركة (حماس) ونفوذها داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وبدا واضحاً ان منظمة التحرير الفلسطينية متراخية حتى الآن في ضبط الامن في عين الحلوة، وتحديداً عبر ذراعها العسكرية، اي الكفاح المسلح الفلسطيني، بما يشبه توجيه رسالة الى من يعنيهم الامر داخل المخيم وخارجه مفادها: اننا نحن المرجعية السياسية ونحن القوة الامنية التي تضبط اي خلل امني.

مصدر في الكفاح المسلح كشف بوضوح هذه الخلفية عندما اشار لـ«الشرق الاوسط» انه ليس في مقدور الكفاح المسلح مداهمة اي مكان مشبوه او القاء القبض على مطلوبين ما لم يُعترف بهذه المرجعية السياسية والامنية التي تخوله تنفيذ اي مهام ودون رفع دعاوى قضائية بحق عناصر الكفاح المسلح في ما لو اقدموا على تنفيذ مهام امنية تؤدي الى وقوع خسائر بشرية.

وتداخل هذا الوضع الامني مع حديث جدي عن مبادرة لتسليم المطلوبين اللبنانيين في احداث الضنية، وهم ثلاثة اشخاص: احمد ميقاتي وعلي عبده ومحمد المحمود، وامكانية توسيع الدائرة لتشمل آخرين مثل غاندي السحمراني (ابو رامز) اضافة الى اربعة اكراد.

ووفق مصادر قريبة من اصحاب المبادرات وبينهم الشيخ ماهر حمود الذي نجحت مبادرته السابقة في تسليم «ابو عبيدة»، فان المفاوضات مع «عصبة الانصار» تقوم على تسليم هؤلاء وفق واحد من خيارين: الاول تسليمهم مباشرة الى السلطة اللبنانية مقابل ضمانات بتخفيف الاحكام الصادرة بحقهم وعدم الوصول الى حد الاعدام. والثاني اعطاء مهلة لهؤلاء لكي يغادروا المخيم وان يتحملوا مسؤولية انفسهم. وذكرت مصادر في المخيم ان «عصبة الانصار» ابلغت بعض المطلوبين وخصوصاً مجموعة الضنية انها لم تعد تستطيع حمايتهم داخل المخيم وانهم اخلوا بـ«حق الاجارة» بعد ظهورهم العلني خلال تفاعلات قضية بديع حمادة.

ورجحت مصادر فلسطينية ان يتم اعتماد السيناريو الثاني القاضي بمغادرة هؤلاء طوعاً وتصبح المسؤولية ملقاة على عاتق الدولة اللبنانية واجهزتها بملاحقتهم والقاء القبض عليهم. وبذلك تكون «عصبة الانصار» قد تجنبت الاحراج مع قاعدتها الشعبية فيما لو تم التسليم بشكل مباشر.

ويتوقع بعد «نضوج» المبادرة ان يعلن ماهر حمود عن تفاصيل ما قام به بعدما علم انه قام السبت الماضي بجولة اولى من المفاوضات مع «عصبة الانصار».

واكدت مصادره ان المبادرة «تنضج على نار هادئة. وربما حصل شيء في الايام القليلة المقبلة. ولكن كل ذلك رهن بالمعنيين داخل المخيم وبما يحصل داخله».

فصائل منظمة التحرير بدت وبشكل واضح منزعجة من دور المشايخ. وهو ما دفع بمسؤول فلسطيني في المخيم، تمنى على «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمه، الى القول ان «المشايخ يمكن ان يلعبوا دوراً سياسياً ولكنهم لا يستطيعون لعب دور امني». وتخوفت المصادر من ان يتواصل مسلسل التفجيرات لعرقلة اية مبادرة. ولكن الخوف الاكبر هو ان يمتد هذا الوضع الى الجوار حيث الخطوط الحمر.