غالبية الأميركيين تؤيد غزو العراق بشرط موافقة الكونغرس وتأييد الحلفاء

استطلاع للرأي كشف عن أن التأييد لخيار الحرب سيتراجع في حال وقوع خسائر في الأرواح بين الجنود

TT

كشف استطلاع للرأي نظمته صحيفة «الواشنطن بوست» ومحطة «ايه بي سي نيوز» عن أن أغلبية الأميركيين يفضلون إرسال قوات أميركية لغزو العراق لكنهم في الوقت نفسه يريدون أن يحصل الرئيس جورج بوش أولا على موافقة الكونغرس قبل البدء بالحرب.

وأظهر الاستطلاع كذلك أن التأييد الشعبي لخيار الحرب ضد العراق قابل للتراجع الى حد كبير إذا نجمت عن غزو العراق خسائر كبيرة في الارواح بين الجنود الأميركيين، وهذه علامة على عدم تهيؤ الجمهور الأميركي بعد لتقبل نتائج حرب دموية طويلة كهذه.

ومع تصاعد النقاشات حول العراق داخل الكونغرس والإدارة الأميركية، وجد استطلاع الرأي أن هناك أغلبية كبيرة من الأميركيين يتفقون مع الرئيس بوش في اعتبار الرئيس العراقي صدام حسين عنصرا خطرا على الولايات المتحدة، كذلك هناك أكثرية من الذين شاركوا في الاستطلاع يفضلون استخدام العمل العسكري لإزاحته عن السلطة.

مع ذلك يوضح هذا الاستفتاء إن الأميركيين يريدون من بوش أن يقدم شروحات أكثر تفصيلية عما هو عازم على تنفيذه في العراق، يريدون أن يكسب الرئيس بوش دعم الكونغرس الأميركي ودعم الحلفاء لأي إجراء يقرر القيام به، وقد يكون عسيرا الحصول على دعم من هذا النوع.

وأيد 57 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع غزو العراق بقوات برية، بينما هناك 36 في المائة يعارضون خيارا من هذا النوع. وحينما سئلوا إن كانوا يفضلون خيار الحرب في حالة وقوع خسائر كبيرة في الأرواح بين الجنود الأميركيين انخفضت نسبة التأييد بينهم إلى 40 في المائة، وبالمقابل ارتفعت نسبة معارضة الحرب إلى 51 في المائة.

من جانب آخر، كشف استطلاع الرأي هذا عن وجود فجوة بين الجنسين من حيث الموقف تجاه إرسال قوات برية إلى العراق. فالذكور يفضلون هذا الخيار بنسبة الثلثين بينما تقف 49 في المائة من الاناث إلى جانبه مقابل 40 في المائة ضده. مع ذلك فان الذكور والاناث يؤيدون غزو العراق الآن أكثر مما كشفه استطلاع آخر للرأي كان قد جرى سنة 1998 عندما قال 38 في المائة من الأميركيين إنهم يفضلون الحرب البرية ضد العراق.

لكن الأميركيين منقسمون حول ما إذا كانت لبوش «سياسة واضحة» تجاه العراق، إذ اتضح أن هناك 45 في المائة منهم يعتقدون بأنه يمتلك سياسة كهذه بينما لا يرى 42 في المائة منهم ذلك. وعلى العكس من حالة الانقسام الحالية في الرأي تجاه هذه المسألة، قال 58 في المائة من المشاركين في استطلاع الرأي الذي جرى سنة 1998 إن الرئيس السابق بيل كلينتون كانت لديه سياسة واضحة تجاه العراق.

وليس مستغربا أن يكون رد الفعل بهذا الشكل على ضوء مواقف المشاركين في الاستطلاع من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. إذ كان هناك 36 في المائة فقط من الديمقراطيين الذين قالوا إن بوش يمتلك سياسة واضحة تجاه العراق، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى 66 في المائة بين أوساط الجمهوريين.

وشارك في الاستطلاع 1023 شخصا راشدا، وتم استجوابهم بين السابع والحادي عشر من هذا الشهر، وبوجود هامش للخطأ يتراوح بين ناقص أو زائد ثلاثة.

وكشف الاستفتاء عن أن معظم الأميركيين يرون في صدام حسين خطرا واضحا على الولايات المتحدة، لكنهم يظلون حذرين وغير واثقين من أي فعل مناسب يجب اتخاذه ضده. وحسب الاستطلاع اتضح أن ثلاثة من كل أربعة أميركيين يعتبرون العراق عنصر تهديد للولايات المتحدة. وهناك 7 من كل عشرة (69%) يؤيدون اتخاذ إجراء عسكري ما لإسقاط صدام حسين من الحكم، وهذا المستوى من التأييد لم يتغير منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. بالمقابل هناك واحد من كل أربعة (22%) يعارضون إجراء من هذا النوع.

لكن الاميركيين من جانب آخر، لا يريدون أن تخوض الولايات المتحدة الحرب لوحدها ضد العراق. فحينما سئل المشاركون في الاستطلاع عما اذا كانوا يؤيدون الهجوم على العراق إذا عارض الحلفاء ذلك، هبط التأييد إلى 54 في المائة بينما ارتفعت نسبة معارضة الحرب إلى 33 في المائة. وهذه النتيجة لم تتغير منذ آخر استطلاع للرأي أجرته «الواشنطن بوست» ومحطة «ايه بي سي نيوز» في مارس (اذار) الماضي.

في الوقت نفسه كشف الاستطلاع الجديد عن عدم استعداد الاميركيين لمنح بوش صلاحية مطلقة في شن الحرب ضد العراق. اذ اكد 3 من كل 4 مشاركين في الاستفتاء أن على بوش أن يحصل أولا على موافقة الكونغرس قبل البدء بأي هجوم عسكري. وهذه هي نفس النسبة تقريبا من الأميركيين الذين تم استجوابهم قبل وقوع حرب الخليج الثانية سنة .1991 والشيء الأكثر أهمية في هذا الاستطلاع أن شرط الحصول على موافقة الكونغرس قد تجاوز مسألة الانحياز الحزبي، إذ أن هذا الشرط حظي بتأييد 66 في المائة من الجمهوريين بينما كان 82 في المائة من الديمقراطيين إلى جانبه. وكل هؤلاء أكدوا ضرورة أن يسعى بوش للحصول على موافقة الكونغرس قبل مهاجمة العراق.

كذلك كشف هذا الاستطلاع أن هناك 6 من كل 10 مستجوَبين (69%) يريدون أن تكون للكونغرس الكلمة الأخيرة بشأن الحرب ضد العراق في حالة اختلاف بوش مع المشرعين في هذا الشأن. لكن الاختلاف يظهر تجاه هذا السؤال بين الأميركيين، إذ قال 68 في المائة من الديمقراطيين وعدد مماثل من المستقلين إن القرار الأخير يجب أن يترك للكونغرس، بينما هناك أكثر قليلا من نصف الجمهوريين الذين يرون أن الكلمة الأخيرة يجب أن تُترك للرئيس بوش، بينما كان 4 من كل 10 جمهوريين مع بقاء القرار النهائي بشأن غزو العراق بيد الكونغرس.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»