أميركا تواصل حربها الكلامية ضد العراق وبغداد تدعو واشنطن مجددا إلى الحوار

TT

واصلت الولايات المتحدة حرب الكلمات ضد العراق متهمة الرئيس صدام حسين بانه يمنع دخول مفتشي الامم المتحدة للاسلحة منذ ديسمبر (كانون الاول) 1998 لان لديه شيئا ما يريد ان يخفيه. وقال فيليب ريكر نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية للصحافيين «يجب ان نتأكد من ان العراق ليس لديه اي اسلحة للدمار الشامل او صواريخ ذاتية الدفع بعيدة المدى. ذلك هو ما تطالب به قرارات مجلس الامن التابع للامم المتحدة وذلك هو ما نتوقع ان نراه منفذا».

وكان ريكر يرد على تعليقات ادلى بها وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف في وقت سابق قال فيها ان مفتشي الامم المتحدة للاسلحة كانوا قد انتهوا من عملهم عندما غادروا العراق في ديسمبر (كانون الاول) 1998 قبل ساعات من حملة قصف اميركية وبريطانية. لكن لم يتضح ما اذا كان هذا ردا عراقيا نهائيا. وقال وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الحديثي ان العراق يعكف على اعداد رد على رسالة للامم المتحدة تسأل بغداد هل ستدعو مفتشي الامم المتحدة للعودة. وعودة المفتشين شرط لتعليق عقوبات الامم المتحدة المفروضة على العراق منذ غزوه الكويت في اغسطس (اب) .1990 وقال الرئيس الاميركي جورج بوش الاسبوع الماضي ان صدام «عدو الى ان يثبت غير ذلك». لكن مسؤولا بالبيت الابيض قال الجمعة الماضي ان بوش قد لا يتخذ قرارا هذا العام بشأن هل يبدأ حملة عسكرية للاطاحة بالرئيس العراقي. وتتهم الولايات المتحدة الرئيس العراقي بالسعي جاهدا الى صنع اسلحة كيماوية وبيولوجية ونووية. وقال تقرير سري لوكالة المخابرات المركزية الاميركية يغطي النصف الاول من العام الماضي ان من المرجح ان بغداد بدأت في اعادة بناء برامجها للاسلحة الكيماوية في غضون اسابيع الى اشهر قليلة من رحيل مفتشي الاسلحة وان بغداد واصلت برنامجها للاسلحة البيولوجية. وقتل الاف الاكراد في هجمات بالاسلحة الكيماوية شنتها قوات الحكومة العراقية في عام .1988 وقال تقرير المخابرات المركزية ان من المرجح ان العراق واصل «على الاقل ابحاثا نظرية وعمليات تطوير على مستوى منخفض مرتبطة ببرنامجه النووي».

من ناحية ثانية، قال وزير الخارجية الكندي بيل غراهام ان العراق عندما يرفض عودة مفتشي الاسلحة الدوليين انما «يعزز الفكرة بانه يخفي شيئا». وكان غراهام يعلق على ما قاله اول من امس وزير الاعلام العراقي. وقال الوزير الكندي «اذا رفضوا عودة المفتشين فاعتقد ان على مجلس الامن ان يبين بدقة ما يجب عمله». وكان غراهام اكد في مقابلة تلفزيونية مساء امس الاثنين ان «كندا تريد ان تبقى في اطار الامم المتحدة ومجلس الامن لتسوية قضية صدام حسين هذه». واضاف «كما تعلمون فان حلفاءنا في تركيا والاردن والسعودية يرون الان ان التدخل خصوصا الاميركي اذا كان من جانب واحد يمكن ان يزعزع استقرار المنطقة وانه يجب مواصلة العمل عبر مجلس الامن». وقال اخيرا ان الاعتماد على الامم المتحدة من شأنه «ضمان تأييد كل اللاعبين في المنطقة قبل اللجوء الى عمل كهذا».

وفي اسرائيل، نقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية امس عن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون قوله ان العراق يعتبر اكبر مصدر للخطر على اسرائيل. واوضح شارون الذي ادلى بهذه التصريحات اول من امس امام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست ان اسرائيل ليست معنية بالمساعي الرامية الى اقناع الاميركيين بالهجوم على العراق ولكنه شدد على ان حكومته يجب ألا تعبر عن اي تحفظ ازاء هجوم من هذا القبيل، كما افادت صحيفة «جيروزاليم بوست». وافادت «هآرتس» ان شارون اضاف «لسنا نعلم علم اليقين اذا كانت الولايات المتحدة ستهاجم العراق ولكن من البديهي ان هذا البلد يشكل اكبر خطر وقد يكون الخطر الاساسي بالنسبة لنا». واضافت الصحيفة ان شارون اكد «ان التنسيق الاستراتيجي بين اسرائيل والولايات المتحدة بلغ درجة لم يسبق لها مثيل»، فيما قالت «جيروزاليم بوست» ان شارون اعتبر ان هجوما اميركيا على العراق «لن يساهم في خفض عنف الفلسطينيين».

من جهتها، دعت الصحف العراقية امس الولايات المتحدة الى اعادة النظر في سياستها الخارجية تجاه العراق وان تتخلى عن نهجها المعادي للعراق وان تسمح للمنظمة الدولية بممارسة دورها في مواصلة الحوار مع العراق لانها «اقصر الطرق واكثرها امنا» في حل المشاكل العالقة. وقالت صحيفة «بابل» التي يملكها عدي صدام حسين النجل الاكبر للرئيس العراقي ان «الادارة الاميركية ان هي ارادت الوصول الى نتائج جدية مدعومة كما تطلب وتؤكد التصريحات والمواقف الرسمية لقادة وحكومات دول العالم، عليها ان تلجأ الى فتح قنوات الحوار».

من جانبها، اكدت صحيفة «الثورة» الناطقة باسم حزب البعث الحاكم ان على واشنطن «اعادة النظر في سياستها المعادية للعراق (...) والتعامل معه على اساس وزنه الاقليمي والعربي والدولي المعروف والابتعاد عن ممارسة الضغط على المنظمة الدولية لمنعها من الاجابة على تساؤلات العراق المشروعة واعادة تطبيع العلاقات معه وفق ميثاق الامم المتحدة وقواعد القانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة لانها الطريق الوحيد لاشاعة الامن والاستقرار في المنطقة».

اما صحيفة «الجمهورية» فقد رأت ان «المفاوضات تعد من انجع الوسائل السياسية والدبلوماسية لتسوية المنازعات الدولية واسرعها لكونها وسيلة مباشرة تضع المتنازعين وجها لوجه وتهيئ الفرص لتطلع الاطراف المتنازعة على حقائق الامور والتأكد بصورة جلية على الوقائع المادية المتنازع عليها بين الاطراف دون تدخل طرف ثالث قد تتأثر مصالحه في حالة تسوية النزاع فيعمل على اذكاء النزاع بدلا من حله».