القاضي يرفض مبررات الحكومة الأميركية في استمرارها احتجاز الأميركي ـ السعودي حمدي

TT

فند القاضي الفيدرالي امس مبررات الحكومة الاميركية في استمرارها احتجاز الاميركي ـ السعودي ياسر عصام حمدي في قاعدة نورفولك البحرية من دون تقديمه للمحاكمة، مشيرا الى انه لا يعتقد ان المدعين قدموا له ادلة كافية بخصوص ما اذا كان يحق لحمدي الالتقاء بمحام.

وذكر قاضي المحكمة الجزئية روبرت دومار انه سيصدر قريبا حكمه في طلب والد حمدي بالسماح لمحام فيدرالي بزيارة ابنه الذي اسر في افغانستان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثم نقل الى قاعدة غوانتانامو بكوبا، ومنها الى قاعدة نورفولك بعدما تبين انه ولد في الولايات المتحدة. وكانت الحكومة قد اعتبرت حمدي «مقاتلا معادياً»، ولا يحق له الحصول على حماية دستورية ولا وضع الاسرى الدوليين.

وقد تجادل القاضي دومار طويلا مع محامي الحكومة حول اسباب اعتبار حمدي «مقاتلا معادياً»، وحول المعنى الدقيق لهذا التوصيف، قائلا انه يبدو ان الحكومة تحاول وضع قيود لم يسبق لها مثيل على حقوق السجناء. وقال دومار «لقد حاولت العثور على قضية من اي نوع وفي اي دائرة قضائية لا يمكن فيها للمحامي الالتقاء بموكله»، مضيفاً أن «هذه القضية تعتبر سابقة مثيرة، لم يسبق لها وجود في التشريع الانغلوساكسوني منذ ايام لجنة ستار»، في اشارة الى المحاكم السرية التي اسسها ملوك انجلترا في الفترة منذ عام 1400 الى .1600 وكان دومار قد اصدر حكمين بالسماح بزيارة حمدي (21 سنة)، إلا ان الحكومة استأنفت لدى محكمة الاستئناف في ريتشموند بولاية فيرجينيا ومنعت الزيارة. وفي الشهر الماضي طلبت محكمة الاستئناف من دومار إعادة النظر في القضية مع الوضع في الاعتبار الامن القومي وحرب الارهاب التي تشنها الولايات المتحدة.

ثم اصدر المستشار الخاص بوزارة الدفاع (البنتاغون) مايكل موبس، بياناً سمي بـ«اعلان الحقائق»، يشرح كيفية اعتبار حمدي «مقاتلاً معادياً». وعندما طلب دومار من الحكومة معلومات اضافية، رفض المدعون الاستجابة. وخلال الاسبوع الماضي، ابلغت محكمة الاستئناف دومار النظر اولاً فيما اذا كان تقرير موبس يشتمل على الادلة الكافية التي يمكن بموجبها اعتبار حمدي «مقاتلاً معادياً».

وقد بدأ دومار الجلسة امس بالقول انه سيركز على اعلان موبس، ولكنه اضاف «اذا اعتمدت على ذلك، فيجب دراسته جيدا. ولو قدمت لي المعلومات، لكان من الممكن تجنب كل ذلك».

ولمدة ساعة اخذ القاضي دومار يمطر مساعد المحامي العام غريغوري غير بأسئلة بسيطة وعميقة، مثل: من هو موبس؟ وما الذي اهله لكي يصبح مستشارا خاصا؟ فاجاب غير ان موبس كان وكيلا في البنتاغون، ويشارك مشاركة كبيرة في قضايا الاعتقالات. ورد عليه القاضي قائلاً «سكرتيرتي على معرفة بقضية حمدي، فهل يعطيها ذلك الحق في اتخاذ قرار، هل يجب ان تصبح مستشارة خاصة؟».

ولاحظ دومار ان بيان موبس لا يشير الى سبب احتجاز حمدي ولا لمدة ذلك. وسأل قائلاً «كم من الوقت يستغرق استجواب شخص معين. سنة، سنتين، عشر سنوات، مدى الحياة؟»، فرد غير انه لا يستطيع الاجابة عن هذا السؤال الآن، مشيراً إلى أن مثل هذه الاجابة لم تكن متوفرة حتى بعد 11 شهراً من هجمات بيرل هاربور.

ونجح غير بذلك في تجنب الوقوع في فخ القاضي. وكان يوجه دومار الى احكام محكمة الاستئناف والى وجهة نظر الحكومة. وقال له القاضي «من الصعب الحصول على اجابة منك».

ومن امثلة الجدل الذي دار بين القاضي والمحامي، سأل دومار «هل يمكن للقوات المسلحة القيام بأي شي مع (حمدي) دون محاكمته؟»، فرد غير «ان الاعتقال الحالي قانوني».

وسأله دومار مرة اخرى عن القيود المفروضة على السجين، فقال غير ان حمدي طلب الحديث مع دبلوماسيين سعوديين. ورد عليه القاضي «ارجوك الاجابة عن اسئلتي. اذا وضعته القوات المسلحة في مياه مغلية، هل يعتبر ذلك قانونياً؟»، فرد غير «لا اعتقد ان احدا اقترح ذلك».

وقال دومار انه من السهل وصف اي شخص بأنه «مقاتل غير شرعي» واستخدام هذا التوصيف حجة لاحتجاز اي شخص الى الابد. واضاف «اذا كان الرجل الذي يسكن في المنزل المجاور مقاتلاً غير شرعي، فربما يكون موبس نفسه مقاتلاً معادياً».

واشار محامي الدفاع فرانك دونهام الى ان اعلان موبس لا يستخدم عبارة «المقاتل المعادي غير القانوني». وقال غير ان موبس لا يقوم الا بتقديم قواعد بناء على الحقائق، بينما المؤسسة العسكرية هي التي تتخذ القرار.

ومن خلال إجابات غير، يبدو ان القاضي دومار تأكد ان الحكومة لن تقدم مزيداً من المعلومات اكثر مما جاء في اعلان موبس، الذي وصفه بانه «تجاهل بعض النقاط التي تبدو هامة»، مثل تفاصيل ما كان حمدي يقوم به من نشاطات وسبب احضاره الى نورفولك. وقال القاضي «اذا كان ذلك وحده كافيا لوضعه في زنزانة بدون نوافذ لمدة 6 او 10 او 4 اشهر او لاي فترة، فليكن، ولكن لدي بعض الشكوك بخصوص ذلك».

وفي حال قرر القاضي دومار اعتبار ان اعلان موبس لا يشتمل على البنود الكافية لاتخاد القرار، فانه قد يطالب الحكومة مرة اخرى بتسليم ملاحظات المحققين بخصوص حمدي ونشاطاته. وقال دومار «ليست لدي اي رغبة في نزع صفة «المقاتل المعادي» عن اي حالة، ولكنني اعتقد ان الامر يتطلب اكثر من مجرد تأكيدات اساسية من شخص اسمه موبس. انهم اطلعوا على بعض الاوراق وقرروا الاحتفاظ (بحمدي) الى الابد». واختتم قائلاً: «فكروا في تأثير ذلك، هل هذا ما نقاتل من اجله».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»