لبنان: عناصر«مجموعة الضنية» يتوارون عن الأنظار بعد تسيير دوريات للكفاح المسلح في عين الحلوة

TT

بدأت الحياة في مخيم عين الحلوة الفلسطيني في جنوب لبنان تعود الى طبيعتها امس، بعد يوم من التوتر الشديد والاستنفار المسلح الذي اعقب اشتباكات وقعت اول من امس بين «مجموعة الضنية» الاصولية اللبنانية وحركة «فتح» و«الكفاح المسلح» الفلسطيني واوقعت قتيلين وتسعة جرحى. وفيما لوحظ تواري عناصر «مجموعة الضنية» عن الانظار، اعلن امين سر اللجان الشعبية وعضو اللجنة الامنية المكلفة ضبط الوضع في المخيم عبد مقدح: «ان الرغبة متجهة الى تجنيب المخيم اي اقتتال لا يخدم وحدة الصف». وترافق انحسار التوتر مع اجماع الفصائل واللجان الشعبية على «ضرورة معالجة الوضع بعيداً عن القوة والاحتكام الى المنطق».

وكان المخيم قد بدأ يشهد توتراً متصاعداً منذ اقدام الاصولي اللبناني بديع حمادة (ابو عبيدة) على قتل ثلاثة عسكريين لبنانيين ولجوئه الى المخيم حيث امنت له الحماية مجموعات اصولية فلسطينية كانت امنت الحماية في السابق لعناصر «مجموعة الضنية» التي لجأت الى عين الحلوة عقب اشتباكات مع الجيش اللبناني في جرود الضنية بشمال لبنان مطلع العام 2000. وتفاقم الوضع في الاسابيع القليلة الماضية بعدما شهد المخيم سلسلة انفجارات حمَّلت الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها «فتح» المسؤولية عنها لعناصر «مجموعة الضنية». ودعت الى تسليمهم للسلطة اللبنانية. لكن «جماعة النور» الاصولية الفلسطينية تعهدت بحمايتهم. وهددت بتحويل المخيم وحتى لبنان «بركة من الدماء» اذا جرى تسليمهم.

وشهدت احياء وساحات عين الحلوة امس انتشاراً كثيفاً لدوريات امنية من الكفاح المسلح الفلسطيني وحركة «فتح». وتوارى عناصر «مجموعة الضنية» عن الانظار، اذ انسحبوا من مخيم الطوارىء (احد احياء عين الحلوة) الذي انتشروا فيه اول من امس. وذكر سكان محليون ان عناصر «مجموعة الضنية» انسحبوا الليل ما قبل الماضي وانهم ربما انتقلوا الى منازل غير المنازل التي اعتادوا الاقامة فيها. وشوهد عناصر من «عصبة الانصار الاسلامية» في حي الطوارىء مدججين بالسلاح. وتعمد بعضهم كيل الاتهامات والشتائم لحركة «فتح». فيما غاب قادة «العصبة» التي يرأسها احمد عبد الكريم السعدي (ابو محجن) عن السمع وامتنعوا عن مقابلة الاعلاميين.

ولاحظت مصادر فلسطينية ان «عصبة الانصار الاسلامية» تجاوزت حركة «فتح» بامتناعها عن المشاركة في الاجتماعات التي بحث فيه موضوع تسليم عناصر الضنية، مما اعاق الجهود لذلك واطاح فكرة القيام بأي عمل عسكري. ولذلك تغيرت لهجة المسؤولين الفلسطينيين خلال الساعات الماضية. وما بدأ همساً اضحى علناً في رفض عدد كبير من مسؤولي الفصائل خيار الحسم العسكري لأن ذلك يؤدي الى نتائج وخيمة تضر بمصلحة المخيم وسكانه وتؤدي الى عواقب لا تحمد عقباها، حسب ما قاله اكثر من مسؤول في هذه المنظمات. وذهب البعض في المخيم الى القول بأن نصائح وصلت الى القيادات داخل المخيم من جهات عدة تتمنى عدم تصعيد الموقف وعدم الانجرار الى اقتتال داخلي.

وذكرت مصادر فلسطينية ان «عصبة الانصار» لم تلعب دوراً بارزاً في معالجة ذيول الحادث الاخير انطلاقاً من قناعاتها بأن الحادث بتفاصيله مختلف عن حادث قتل العسكريين اللبنانيين الثلاثة الشهر الماضي على يد «ابو عبيدة» الذي نجحت العصبة في اعتقاله وتسليمه للاجهزة اللبنانية والغاء اي دور جدي للمنظمات الفلسطينية الاخرى وفي طليعتها حركة «فتح» في عملية التسليم.

وكان اللافت امس انعقاد المجلس العسكري لحركة «فتح» في احد المقار داخل المخيم. وهو بمثابة هيئة عسكرية لا تنعقد الا في حالات نادرة وعندما تكون هناك قرارات لتنفيذ عمليات وخطط عسكرية وامنية معينة.

وقد حضر الاجتماع، الذي منع الاعلاميون من الاقتراب من مكان انعقاده، قادة الوحدات القتالية وقادة الكتائب التابعة لـ «فتح» ليس تلك الموجودة في مخيم عين الحلوة فحسب، بل تلك المعنية بمناطق وجود الحركة في مخيمات لبنان. وعلم ان الاجتماع خصص لدراسة مواجهة الاحتمالات وكيفية رد الاعتبار للحركة التي تلقت صفعة لا يمكن السكوت عنها حسب مسؤول عسكري فتحاوي قال لـ «الشرق الاوسط» بعدما تمنى عدم كشف اسمه: «اننا نعرف كيف نرد وبالطريقة التي تريح المخيم وسكانه من هذه الزمرة والعصابات التي تعبث بالامن».

وبالنسبة الى الحركة اليومية في المخيم، عاودت المحال والمؤسسات التجارية فتح ابوابها. وشهد المخيم حركة شبه عادية في ظل انتشار كثيف لمجموعات مسلحة تابعة لـ «فتح» واخرى من «عصبة الانصار» في مخيم الطوارئ.

وقد عقدت سلسلة اجتماعات لتطويق ذيول الحادث ومنع حصول مضاعفات وتطويق ردات الفعل والتأكيد على ضرورة معالجة المسألة الامنية بالحكمة والروية. وصرح امين سر اللجان الشعبية وعضو اللجنة الامنية عبد مقدح انه «نتيجة التطورات والاتصالات التي تمت حتى الساعة تبين ان ليست هناك نية لدى مجموعة الضنية بتسليم المطلوبين في حادث امس (اول من امس)». واضاف: «ان النية والرغبة تتوجهان الى تجنيب المخيم اي كوارث واي اقتتال داخلي لا يخدم وحدة الصف».

من جهته، ادلى المسؤول الاعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ابو علي طلاب بتصريح قال فيه: «لا بوادر حتى الساعة لعقد اجتماع موسع للقوى والفاعليات الفلسطينية. ولا تزال الاتصالات الجانبية جارية مع عدد من فاعليات وعلماء مدينة صيدا وبعض القوى النافذة في الوسط الاسلامي بهدف حل الموضوع سلمياً».