الأمم المتحدة: الجوع يهدد الفقراء رغم فائض المحاصيل الوفير

TT

لندن ـ وكالات الانباء: فيما يجتمع قادة العالم هذا الشهر سعيا لتحقيق هدف خفض عدد الجوعى في العالم الى النصف في عام 2015، فان شبح المجاعة يحوم من جديد حول افريقيا جنوب الصحراء. وتهدد المجاعة ما لا يقل عن 13 مليونا في الجنوب الافريقي بينما يعاني الملايين من الجوع في افغانستان وكوريا الشمالية والضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي الوقت نفسه ينتج مزارعون يحصلون على دعم في النصف الشمالي من الكرة الارضية جبالا من فائض المحاصيل. وتريد الامم المتحدة خفض عدد من يعيشون على اقل من دولار واحد في اليوم، ويعانون من سوء تغذية مزمن الى نحو 400 مليون من 815 مليونا، الا انها تخلفت عن تحقيق هدفها، اذ يتراجع الرقم بمقدار ستة ملايين سنويا وليس 22 مليونا كما ينبغي.

ومما يزيد من تعقيد المهمة الصعبة الملقاة على عاتق قادة العالم المشاركين في قمة الارض التي ستعقد في جوهانسبرغ تحت رعاية الامم المتحدة، الجدل المرير في العالم المتقدم بشأن المحاصيل المعالجة وراثيا، والتي يقول البعض انها الحل لمشكلة الجوع في العالم، بينما يعتبرها آخرون تهديدا في حين يقول البعض الآخر انها مجرد تمويه.

ويعالج هذا النوع من المحاصيل بجينات من حيوانات ومحاصيل اخرى لزيادة قدرتها على مقاومة الجفاف والآفات والملوحة، وهي المشاكل يمكن ان تدمر المحاصيل والحياة. ويقول البعض ان المحاصيل المعالجة وراثيا يمكن ان تساعد في تكثيف الحرب ضد الجوع مع تراجع الزيادة في الانتاجية التي تحققت خلال سنوات الثورة الخضراء.

وقال د. جونجو ماكفادين الاستاذ بجامعة ساري في بريطانيا: «لن تحل المحاصيل المعالجة وراثيا مشكلة الفقر في العالم، ولكن اذا نجحت في حل 5 في المائة من مشكلة الفقر بالعالم فانه امر طيب اذ انه سيكون من المحزن الا تستغل في اي شيء». الا ان متشككين يقولون ان تعهدات شركات التكنولوجيا الحيوية العالمية بتوفير الغذاء للعالم مبالغ فيها وفي غير موضعها. ويضيفون ان المنتجات غير متاحة للدول النامية. كما ان المسألة لا تتعلق بكمية الغذاء فحسب اذ لا تزال هناك وفرة في الغذاء في العالم.

وتقول مارجريت ميلون مديرة برنامج الغذاء والبيئة في اتحاد «العلماء المهتمون»، وهي جماعة خيرية: «المحاصيل المعالجة وراثيا ليس قضية محورية في النقاش.. لا يبدو انها توفر الكثير لمليار نسمة يعانون من الجوع».

وحتى الان لا يوجد سوى محصولين رئيسيين، الهدف الاساسي لهما خفض تكلفة الانتاج للمزارعين في الدول المتقدمة. وقالت ميلون: «توصيف مشكلة الجوع بانها مشكلة تكنولوجية تتطلب حلولا تكنولوجية لا يساعد كثيرا عند التعامل مع مشكلة لها ابعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية.. انها مشكلة بالغة التعقيد».

وبالنسبة لآخرين فان توفير مزيد من الغذاء سواء كان معالج وراثيا او غيره ليس الحل اذا ان مشكلة الجوع قائمة وسط وفرة شديدة من المواد الغذائية. وقال جاك ضيوف رئيس منظمة الامم المتحدة للغذاء والزراعة ان الخبرة الموجودة باستثناء تكنولوجيا الجينات كافية لانتاج غذاء يلبي احتياجات الدول النامية في الوقت الحالي.

وقال: «هذا لا يعني انه سيكفي في المستقبل.. مع نمو تعداد السكان، سيرتفع الرقم من ستة مليارت في الوقت الحالي، وسيبلغ ثمانية مليارات في عام 2020، ومن ثم تظهر الحاجة للبحث عن نوعيات افضل من المحاصيل».

ويقول برنامج الغذاء التابع للامم المتحدة ان الجنوب الافريقي يحتاج معونات غذائية عاجلة تصل الى 2.1 مليون طن على الاقل و8.2 مليون طن اضافي من الامدادات التجارية على مدى العام المقبل. وفي مخازن الاتحاد الاوروبي وحده خمسة ملايين طن من الحبوب المدعومة. ويساعد الدعم الذي تقدمه الكثير من الدول المتقدمة لمزارعيها على تراكم مخزون الغذاء بينما تمنع التعريفة الجمركية دخول الواردات من الدول النامية.

وينفق الاتحاد الاوروبي نصف ميزانيته الزراعية 95 مليار يورو على الدعم الذي يمثل اكثر من ثلث دخل المزارعين. وتقدم اليابان وسويسرا مستويات دعم اعلى. وتدعم الولايات المتحدة اكثر من خمس مزارعيها. وتقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان مشروع القانون الزراعي الذي تناقشه الولايات المتحدة هذا العام سيزيد الدعم المحلي ويؤدي لانخفاض الاسعار العالمية.

وعلى مستوى العالم فان الدعم والتعريفة الجمركية يلغيان اكبر ميزة تجارية يمكن ان تتمتع بها الدول النامية في ظل اسواق مفتوحة وهي العمالة الزراعية الوفيرة والرخيصة. ولا يوجد الفائض في الحبوب خارج القارة فحسب اذ تقول «اوكسفام انترناشيونال» وهى جماعة خيرية: «ان بعض المعونة اللازمة يمكن الحصول عليها محليا مما يدعم الاسواق المحلية ويوفر للسكان الغذاء الذي اعتادوه». وجاء في تقرير اوكسفام: «يقول اتحاد منتجي الحبوب في جنوب افريقيا ان البلاد لديها نحو 855 الف طن من الذرة للتصدير، ويوجد فائض تصدير في دول اخرى مثل موزمبيق وتنزانيا وكينيا واوغندا وربما يصل الاجمالي الى 220 الف طن».