إسرائيل تدفع أهالي 47 قرية بدوية في النقب إلى الرحيل عن ديارهم بحرمانهم من الماء

TT

صحراء النقب ـ أ.ف.ب:. تحاول غفرة (65 عاما)التي رسمت على وجهها وشما خاصا بنساء البدو ان تصفي المياه المتبقية في الخزان لتقديم كوب من الماء لحفيدها في منزل مبني من الصفيح عوضا عن الخيمة التقليدية في صحراء النقب مرددة بصوت عال «نحن مواطنون في دولة اسرائيل ولكننا عطشى».

ووسط صحراء ممتدة برمالها واتربتها برزت بيوت قرية صويصين البدوية المبنية من الصفيح محاطة باراض متشققة وسدود فارغة، وانتشرت خيول وبعض الجمال والحمير واكوام من الحطب على مقربة من هذه البيوت.

وقالت غفرة «لا يوجد عندنا ماء، نحصل عليها بالقطارة، فالسلطات الاسرائيلية لا تمدنا بالمياه وآبار تجميع الماء عندنا فارغة والمطر كان شحيحا هذه السنة».

ولا تعترف اسرائيل بـ47 قرية بدوية يسكنها نحو 70 الف عربي استبدلوا بخيامهم بيوتا من الصفيح، وحولوا تجمعاتهم الى قرى تعتبرها اسرائيل غير شرعية وتتعرض للهدم باستمرار. ولا تؤمن اسرائيل الخدمات الاساسية لهذه القرى لانها بنيت حسب قول المسؤولين فيها بشكل غير قانوني.

وجلست غفرة في مدخل منزلها امام كانون ارضي لغلي القهوة العربية المرة والشاي، وكانت ترتدي ثوبا اسود مطرزا بتطريز بلدة بئر السبع. وقالت «نحن نحرم اطفالنا من الحمام لان لا ماء لدينا».

واضافت غفرة «نحن مهددون بهدم بيوتنا في اي لحظة»، متسائلة «ولكن الى اين سنرحل؟ انهم يلاحقوننا لاننا غيّرنا خيمتنا، وبيتنا لا يقي حر الصيف ولا برد الشتاء والثقوب فيه لا تمنع دلف الشتاء بل تحوله الى بركة من الماء».

وتابعت غفرة «لا توجد عندنا خدمات واول عيادة طبية تبعد عنا ثمانية كيلومترات، وبئر السبع تبعد عنا 18 كيلومترا وديمونة 25 كلم».

وقال عطية الاعصم منسق «لجنة الاربعين قرية غير المعترف بها» ان «نحو 70 الف بدوي عربي يعيشون من دون مياه، والحكومة تتعمد حرماننا من الماء بهدف الضغط علينا لترحيلنا واجبارنا على التحرك باتجاه القرى المعترف بها والاستيلاء على ما تبقى من ارضنا».

وقامت قافلة مكونة من نحو ثلاثين سيارة وحافلتين بالقدوم من تل ابيب يوم السبت الماضي للتضامن مع القرى البدوية ونقلوا معهم ثلاثة خزانات من الماء تحملها شاحنات كتب عليها بالعربية والعبرية والانجليزية «عرب النقب عطاشى». وتحت اشعة شمس أغسطس (آب) الحارقة تجمع البدو حول خزانات المياه لتفريغها ونقلها. وشارك نحو 300 ناشط من المنظمات الاسرائيلية كمنظمة حقوق الانسان وتعايش ولجنة الاربعين في تنظيم هذه المسيرة الاحتجاجية واعلنوا تضامنهم مع البدو المواطنين في دولة اسرائيل الذين لا يتلقون نفس خدمات المواطنين الاسرائيليين.

وقال عطية الاعصم «كان عندنا 13 مليون دونم ولم يبق حاليا سوى مليون ونصف المليون من هذه الاراضي التي تحاول الحكومة ان تستولي على 80%، مما تبقى منها وتقدم لنا اغراءات شتى» لتحقيق هدفها.

وقال «لا توجد طرق سالكة الى هذه القرى، بل طرق ترابية، فنحن نستخدم الجرارات الزراعية لنقل خزانات المياه بعد شرائها من شركة المياه الاسرائيلية مكوروت التي اجبرتها المحكمة الاسرائيلية العليا على تمديد شبكة مياه الى قرانا. لكن الشركة لم تمد سوى خط واحد يبلغ قطره بوصة واحدة».

واضاف الاعصم «يقف السكان في رتل طويل من ساعات الليل وحتى ساعات الصباح لتعبئة خزانات المياه من خط المياه ونقلها مسافة 10 كلم او اكثر لقرانا غير المعترف بها».

وقال الاعصم «كل هذه البيوت معرضة للهدم في اي لحظة، فقد قامت السلطات بهدم 40 بيتا في الشهرين الماضيين»، مضيفا «لا يوجد عندنا كهرباء وتشترك الناس معا في شراء مولد للكهرباء».

واوضح «يوجد في كل هذه القرى 16 مدرسة ابتدائية لا تكفي، فيتوجه عدد من ابنائنا الى مدارس القرى المعترف بها البعيدة والتي تعطي الاولوية لابنائها، لذلك يرتفع عدد الطلاب الذين يعزفون عن اكمال دراستهم الثانوية».

وقال الاعصم «ان البدو يعيشون تحت خط الفقر ومعظم الرجال يعملون في المدن الاسرائيلية»، مضيفا «ان المستوطنات المجاورة لا ينقصها لا مياه ولا كهرباء ولا شيء، هم في عالم ونحن في عالم آخر».

ولا تبعد المستوطنات عن التجمعات السكنية البدوية سوى عدة كيلومترات، حيث بدت بقع مثل الواحات الخضراء التي يملكها اليهود الاسرائيليون من مزارع عباد الشمس والنخيل والنباتات المتسلقة.