«البنتاغون» يسعى إلى التخلص من «القيادات الوسطى» في تنظيم «القاعدة» قتلا أو بإلقاء القبض عليهم

TT

ذكر مسؤولون اميركيون انه اذا قتل اسامة بن لادن او اسر، فإن شبكة «القاعدة» التي اسسها، ستستمر بالتأكيد للتخطيط لمزيد من العمليات الارهابية. والان بعد عام من هجمات القاعدة على الولايات المتحدة فإن مسؤولي البنتاغون يطورون خططا لاستهداف هؤلاء الذين يمكن ان يتولوا المسؤولية بعد بن لادن.

وطبقا لتقديرات جديدة لاجهزة المخابرات الاميركية حول البنية التنظيمية للقاعدة، فإن البنتاغون يعتقد بوجود ما بين 6 الى 7 اشخاص مسؤولين عن عمليات الشبكة الكبرى وان هذه المجموعة هي الاكثر ترجيحا بتولى الاعداد لعمليات مستقبلية ضد الولايات المتحدة. وذكر مسؤول في البنتاغون: «عندما تتطلع على قائمة العمليات الاساسية حول العالم، تتردد دائما اسماء هؤلاء الرجال».

وطبقة المديرين المتوسطين كما يطلق عليهم البنتاغون، هم اكبر تهديد متبق في منظمة تعرضت لضربات كثيرة منذ الحرب على طالبان والقاعدة. وذكر ريتشارد مايرز رئيس هيئة الاركان المشتركة «انهم لا يملكون فقط القدرات للوصول الى مناصب قيادية في القاعدة، بل مشاركتهم في مثل هذه العمليات تدل على انهم شخصيات اساسية في العمليات الكبيرة».

وتشمل قائمة «اللاعبين الاساسيين» ابو محمد المصري، وهو مصري، يعتقد انه المخطط الرئيسي لهجمات 1998 على السفارتين الاميركيتين في شرق افريقيا، وسيف العدل وهو مصري ايضا، يعتقد المسؤولون في البنتاغون انه ساهم في التخطيط لعملية الهجوم على المدمرة الاميركية «كول» في ميناء عدن، وتوفيق عطاس خالد وهو سعودي من اصول يمنية يشك الاميركيون في انه خطط لعملية كول، وابو مصعب زرقاوي وهو اردني قيل ان لديه روابط بحزب الله وانه ساهم في التخطيط لعمليات في اسرائيل.

ويعترف المسؤولون الاميركيون بأن «المعلومات الاستخبارية العملية» عن قيادات القاعدة تظل نادرة. غير ان الحرب ضد الارهاب قد ادت الى التوصل الى الكثير من المعلومات الجديدة حول كيفية عمل الشبكة حول العالم.

وذكر مسؤول استخباري: ان العملية تشبه تصميم موزاييك، والعمل لا يزال مستمرا. ولكن هناك صورة جيدة. ومن بين التفاصيل التي اصبحت واضحة في هذه الصورة دور «الطبقة الثانية» من النشطاء داخل القاعدة. وتكوين «دائرة متكاملة» منذ بدأت وكالة المخابرات والقوات المسلحة الاميركية في العمل داخل افغانستان، اذ استخدمت المعلومات التي تم الحصول عليها خلال التحقيقات التي اجريت مع المحتجزين والوثائق التي تم العثور عليها للضغط على السجناء في معسكر غوانتانامو بكوبا. وتمكن المسؤولون، نتيجة لما حصلوا عليه هناك، من ضرب عدد من خلايا القاعدة حول العالم. فعلى سبيل المثال، ادت المعلومات التي تم الحصول عليها من سجين في كوبا الى القبض على ابو الزبير الهلالي وهو من كبار المسؤولين عن تجنيد الاعضاء في القاعدة الذي اعلن القبض عليه في المغرب في شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وتجدر الاشارة الى ان استراتيجية استهداف الطبقة الوسطى من قيادات القاعدة جاءت متأخرة، طبقا لآراء العديد من خبراء الارهاب. وهم يرون ان «القضاء على القيادات المستقبلية للقاعدة ربما يؤدى الى تجنب مزيد من الهجمات اكثر من القبض على بن لادن نفسه». وذكر بورس هومان خبير مكافحة الارهاب في هيئة «راند» للابحاث: «ربما يفتقدون الى الكريزما والمواهب التنظيمية للزعيم، ولكن الوسيلة التي يمكن ان يثبتوا بها مواهبهم القيادية هي ان يصيروا اكثر عنفا». واضاف: «يجب ان نركز على هذه القيادات الوسطى». وهناك فائدة اخرى: اذ ان المسؤولين الاميركيين يأملون بملاحقة القيادات التنفيذية، فيمكن قطع العلاقة بين قيادات القاعدة ـ الذين يقدمون الاموال والدعم اللوجستي للارهابيين ـ والجنود الذين ينفذون الهجمات.

وتأتي هذه المعلومات وسط التفكير فيما اذا كانت الاستراتيجية العسكرية للقضاء على القاعدة تعمل ام لا. فالقوات الاميركية تنتشر على نطاق واسع، طبقا لرأي بعض الخبراء في البنتاغون، اذ ارسلت قوات خاصة الى الفلبين وجورجيا، وهذا تحويل الطاقات بعيدا عن الجهود للقبض او قتل اهم نشطاء القاعدة في اماكن مثل باكستان. ولذا فقد طلب البنتاغون من الجنرال تشارلز هولاند قائد قيادة العمليات الخاصة اعداد خطة عسكرية وقواعد الاشتباك لوحدات عمليات خاصة مثل قوات «دلتا» لتنفيذ عمليات «اختطاف قيادات القاعدة حول العالم».

وحظيت «الاستراتيجية السرية» بدعم القيادات العليا لان المنطلقات التقليدية لم تؤد للقبض على النشطاء الرئيسيين. ويستشير المسؤولون العسكريون في الوقت الراهن مجموعات من المحامين لاعداد «قواعد الاشتباك» لملاحقة الاعداء خارج مسرح العمليات في افغانستان. وتجدر الاشارة الى ان القانون الاميركي غير واضح في هذه النقطة، اذ ان الادارات السابقة تجنبت نشر قوات داخل دول ذات سيادة، الا اذا تحددت المهمة كدفاع ذاتي، وتحدد الهدف «مقاتل عدو». ومعلوم ان الوحدات الخاصة مثل قوة «دلتا» مدربة على مهام مكافحة الارهاب، غير ان ملاحقة الارهابيين كانت متروكة لوكالة المخابرات المركزية التي يمكنها العمل سرا حول العالم. وذكر ضابط عمليات خاصة «هذه مهمة جديدة بالنسبة لنا في منطقة لم يتفق عليها قانونا».

غير ان المسؤولين في البنتاغون، والعديد من الخبراء يتفقون، على ان الوسائل القديمة قد تغيرات منذ 11 سبتمبر (ايلول) الماضي وان ادارة الرئيس جورج بوش اصبحت مطلقة اليد قانونيا في التعامل مع التهديدات الارهابية، حتى باستخدام قوات عسكرية سرية. واوضح ريتشارد شولتس من معهد فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تفتس ببوسطن « اذا فسرت عمليات سرية في اطار الرد على هجوم على الولايات المتحدة، فيمكنك القول ان وزارة الدفاع تملك السلطة للقيام بذلك». وذكر المسؤولون ان التخطيط لا يزال في المراحل الاولى، وانه لم يتم الاتصال ببلد ما حتى الان للسماح بتنفيذ غارات داخل اراضيه.

وتحمل الاستراتيجية السرية معها مخاطر سياسية. فالعمل من جهة واحدة في اماكن مثل اليمن يمكن ان يؤدي الى القبض على مشتبه فيهم، ولكن يمكن ان يؤدي الى ردود فعل في منطقة تعادي المصالح الاميركية. ففي عام 1998 رفضت ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون استخدام قوات خاصة ضد «القاعدة» في اعقاب عملية تفجير السفارتين الاميركيتين في كل من دار السلام ونيروبي. وادى ذلك الى ابعاد البيت الابيض ودوائر معينة داخل البنتاغون عن مجتمع العمليات الخاصة.. وذكر الجنرال المتقاعد تيري سكوت القائد السابق لقوات العمليات الخاصة في الجيش «على المستويات العليا، كان هناك تفاهم بخصوص ما هو الممكن سياسيا. وعلى المستويات الدنيا يؤدي ذلك الى الاحباط بسبب الفرص التي ربما ضاعت».

وبالرغم من المناخ السائد عقب احداث 11 سبتمبر، لا يتحدث الجميع في المؤسسة العسكرية عن فكرة العمليات الخاصة بهذه الطريقة. واوضح شولتس «هناك بعض المقاومة من بعض القيادات العسكرية لان هذا النوع من العمليات يتعارض ومفاهيمهم وتقاليدهم. وسيشعرون بالسعادة بتحويل ذلك الى وكالة المخابرات المركزية الاميركية»، ولا سيما ان الظروف الجديدة يمكن ان تجبر القوات الاميركية على العمل في مناطق غير معتادة على العمل فيها. وسأل ضابط عمليات خاصة «هل نريد حقا التحول الى موساد؟» في اشارة الى جهاز المخابرات الاسرئيلي الذي يحمل رخصة باغتيال اعداء الدولة.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الاوسط»