مشاركة تيار الفاضل في السلطة بالخرطوم استند إلى استراتيجية حزب «الأمة» التاريخية

TT

بانتقال تيار الاصلاح والتجديد لحزب الامة بقيادة مبارك الفاضل المهدي والذي اصبح بعد ادائه القسم الدستوري امام الرئيس عمر البشير مساعدا لرئيس الجمهورية كما اصبح عضو مجلس رأس الدولة السابق علي تاج الدين مستشارا لرئيس الجمهورية الى جانب اربع حقائب وزارية، الى مربع المشاركة الفعلية في الانقاذ، انتقل مبارك الفاضل المهدي على حد قول محلل سياسي «من مسألة تفكيك النظام الى المشاركة في السلطة»، وهي المشاركة التي اعتبرها مبارك الفاضل «بداية لنهاية الاصلاح السياسي بالبلاد وكسر الحلقة الشريرة»، وانها تطور مهم. وبالنسبة للمراقب للمسيرة السياسة السودانية وبوجه خاص حزب الامة فان هذه المشاركة من مجموعة الاصلاح والتجديد لحزب الامة، هي في الواقع تستند الى استراتيجية حزب الامة منذ نشأته عام 1945 في المشاركة في الحكم بشكل او بآخر، فقد شارك حزب الامة في الجمعية التشريعية عام 1948 بوجود الادارة البريطانية رغم ان غالبية الاحزاب قد قاطعتها، وعينت الادارة البريطانية من قيادته وزراء للصحة والمعارف وغيرها واصبح سكرتير اغلبية الاعضاء من حزب الأمة، الى جانب عضوية القيادات التنفيذية في الادارة البريطانية.

وبعد توقيع اتفاقية الحكم الذاتي للسودان في 12 فبراير (شباط) 1953 واجراء اول انتخابات عامة في السودان لاول برلمان منتخب في السودان نال الحزب الوطني الاتحادي الاغلبية وشكل اول حكومة وطنية برئاسة اسماعيل الازهري وتحول حزب الامة الى صفوف المعارضة، ولكن حزب الامة استطاع بعد ثلاث سنوات خرق التقاليد البرلمانية بدفع مرتبات (رشاوى) لبعض نواب الوطني الاتحادي (كانت فضيحة سياسية تناقلتها الصحف وقدمت للقضاء واعترف امين عام الحزب عبد الله خليل بصحتها) واسقط حزب الامة حكومة الوطني الاتحادي وكون حكومته مع حزب الشعب الديمقراطي من منتصف عام 1956 الى عام 1958.

وعندما وقع انقلاب الفريق ابراهيم عبود في نوفمبر (تشرين الثاني) 1958، شكل الرئيس عبود حكومته من العسكريين باستثناء اربعة مدنيين كان من بينهم القيادي في حزب الامة زيادة ارباب كوزير للمعارف والعدل.

وبعد ثورة اكتوبر (تشرين الاول) 1964 واجراء الانتخابات في مارس (اذار) 1965 شكل حزب الامة حكومة مع الوطني الاتحادي برئاسة محمد احمد محجوب، وبسبب صراع الحكم انشق حزب الامة وصار جناحين (جناح الامام الهادي المهدي، وجناح الصادق المهدي). وكان ذلك عام 1966، ورأس الصادق المهدي الحكومة لاول مرة ثم استردها منه محمد احمد محجوب عام 1967.

وعندما وقع انقلاب مايو (ايار) 1969 وتمت المصالحة الوطنية مع نظام نميري العسكري عام 1977 عاد الصادق المهدي الى الداخل بعد قيادته المعارضة ضد النظام المايوي، وقد ادى القسم كعضو في المكتب السياسي للاتحادي الاشتراكي ثم استقال منه وعاد الى المعارضة.

ولكن بعض رموز حزب الامة استمروا كوزراء في حكومة مايو (ايار) حتى ابريل (نيسان) 1985 عندما قامت الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بنظام النميري.

وبعد انتخابات ابريل عام 1986 نال حزب الامة اغلبية المقاعد وشكل حكومة ائتلافية مع الاتحادي الديمقراطي برئاسة الصادق المهدي حتى 30 يونيو (حزيران) 1989 تاريخ انقلاب الفريق عمر البشير الرئيس الحالي.

وبعد اعلان جيبوتي الذي وقعه مبارك الفاضل عن حزب الامة والدكتور مصطفى عثمان وزير الخارجية عن «الانقاذ» وبحضور الرئيس عمر البشير والصادق المهدي ورئيس جمهورية جيبوتي، وعودة قيادات حزب الامة الى الداخل جاء الاعتقاد لدى الدوائر السياسية بمشاركة حزب الامة في الحكومة الجديدة بعد انتخابات المجلس الوطني ورئاسة الجمهورية في فبراير (شباط) 2001. لكن رئيس حزب الامة الصادق المهدي اجل المشاركة لحين تشكيل حكومة قومية ذات برنامج محدد.

وفي منتصف عام 2002 انشق حزب الامة، حزب الامة برئاسة الصادق المهدي (القيادة الشرعية) وتيار الاصلاح والتجديد برئاسة مبارك الفاضل، وفي اغسطس (اب) الذي صادف الذكرى الرابعة للغارة الاميركية على مصنع الشفاء بالخرطوم (20 اغسطس 1998) ادى مبارك الفاضل القسم كمساعد لرئيس الجمهورية واصبح شريكا في السلطة باسم حزب الامة (الاصلاح والتجديد). واعتبر المراقبون ان الفاضل ثابر على المحافظة على الارث التاريخي لحزبه وعلى استراتيجته الخاصة بالحكم.

واسترجع المراقبون بالنسبة لتوقيت القسم الدستوري للفاضل بالقصر انه صادف قصف مصنع الشفاء في ذات التاريخ قبل اربع سنوات، حيث وردت احاديث بان الفاضل المهدي كان وراء الغارة الاميركية، وانه اعطى معلومات في هذا الخصوص. وردا على سؤال للفاضل عما اذا كان سيتولى مقاضاة الادارة الاميركية لقصفها مصنع الشفاء بوصفه مساعدا لرئيس الجمهورية، قال في مؤتمر صحافي «لا اعتقد. الاوضاع قد تغيرت واميركا الآن وسيط في السلام وهنالك تحول في المواقف السودانية والاميركية، والطرفان سيتجاوزان مرحلة الصراع والمواجهة».