الهنود الحمر والنوردك يعرضون على قمة الأرض استثمار خبراتهم التقليدية لإنقاذ البيئة

TT

جوهانسبرج ـ لندن ـ وكالات الأنباء: قال ممثلو خمسة آلاف مجموعة من السكان الاصليين في العالم انهم يعتزمون تقديم «خطة عمل للتنمية» الى قمة الارض التي ستعقد في جوهانسبرج الاثنين المقبل. وبدأ 300 مندوب يمثلون هذه المجموعات اجتماعات تستمر ثلاثة ايام في كيمبرلي غرب جوهانسبرج لرسم معالم الخطة التي ستعرض على زعماء العالم المشاركين في القمة.

وقال احد المندوبين امس: «نحن من هذا العالم.. ولدينا الكثير لنقوله، فالتنمية المستدامة امر مشترك في تاريخنا».

ويؤكد السكان الاصليون في عدة بلاد ان عددهم يبلغ 350 مليون شخص في العالم، ويعانون من التهميش، بعد ان جردتهم دولهم من ممتلكاتهم. وقال ممثلوهم انهم سيطالبون القمة بالاعتراف بحقوقهم الجماعية والفردية في الاشراف على اراضيهم التقليدية لادارة واستثمار مواردها، وان ذلك يؤمن «مساهمتهم في التنمية المستدامة».

ويقول السكان الاصليون ان معرفتهم بـ«حيل» البيئة واسرار الطبيعة والنباتات، واتقانهم صناعات يدوية مرتبطة بالطبيعة تسمح لهم بالسيطرة على تدهور الوضع البيئي في العالم. لكنهم يؤكدون ايضا ان الاهم من كل هذه المعرفة هو علاقتهم بالارض التي يعيشون عليها.

وقال ممثل احدى مجموعات الهنود الحمر: «نعرف من اين تأتي الحياة، وندرك معنى احترام الارض، ومعرفتنا تكمن في هذه النقطة.. لدينا الكثير نقدمه الى العالم لكن التحدي الاكبر هو ان ننقل ما لدينا الى الذين فقدوا هويتهم».

وقال ممثل لاحد الشعوب الاسكندنافية الاصلية (النوردك): «ترتكز فلسفتنا على التلاؤم مع البيئة والعيش معها، ونرفض اي تقليد يسمح بتراكم اي شيء من السلع الى رؤوس الاموال ونطرح باستمرار سؤالاً: هل نحتاج الى المزيد من اي شيء؟».

وفي هذا الاطار يذكر أن قادة اكثر من 100 دولة اجتمعوا لبحث مصير الارض في ريو دي جانيرو قبل عشرة اعوام سعت الفنانة البريطانية ادوينا سانديز الى تجسيد روح المشهد العام في عمل نحتي ارتفاعه ستة امتار. اذ اظهرت يدا بشرية تقبض على اشجار في اشارة الى الحاجة الى انقاذ غابات العالم. وصنعت الفنانة عملها من الومنيوم مستخدم من قبل بما يعني الحاجة الى الحفاظ على الموارد المحدودة.

واحتفاء بوعود قمة الارض كما اطلق على الاجتماع اسمت سانديز عملها «الفردوس المستعاد»، وهو ما يبدو الان مثل خيال جامح. وكان من المتوقع ان تكون القمة التي عقدت عام 1992 نقطة تحول في الجهود الدولية من اجل مواجهة الخسائر البيئية ومساعدة الدول الفقيرة على اللحاق بركب الدول الغنية دون الاضرار بالعالم من حولها.

والان بعد نحو عشر سنوات ومع الاستعدادات لقمة ارض جديدة تبدأ اعمالها في جوهانسبرج يوم الاثنين القادم يقول خبراء في البيئة ونشطاء اخرون ان وعود قمة ريو انهارت. فالمشكلات التي تواجه العالم مثل قطع اشجار الغابات على نطاق واسع، وارتفاع درجات الحرارة والتصحر وانقراض بعض الكائنات والفقر الذي يسفر عن تدمير البيئة، قد تفاقمت.

ويقول نشطاء البيئة ان الدول الغنية نكصت عن التزاماتها بمساعدة الدول الفقيرة ولحماية البيئة. وقال الدكتور جيريمي ليجيت احد اعضاء وفد منظمة جرينبيس في قمة ريو والذي يدير الان مشروعا للطاقة الشمسية: «انه لامر شديد الاحباط.. اننا نعيش على كوكب يمر بمشكلة عميقة ونحن نغط في نوم عميق».

وبصعوبة تعارض الامم المتحدة التي رعت قمة ريو وترعى القمة الجديدة بجنوب افريقيا كثيرا في هذا الصدد.. وقالت في تقرير خلال يناير (كانون الثاني) الماضي: «لم تكن محاولات تعزيز التنمية البشرية ومواجهة تردي احوال البيئة فعالة عموما في العقد الماضي». وصدق قادة العالم في قمة ريو على معاهدتين احداهما لكبح ظاهرة الانبعاث الحراري المسببة لارتفاع درجة الحرارة. وتم اقرار مجموعة مبادئ للتعامل مع غابات العالم الى جانب خطة للعمل الحكومي اطلق عليها اجندة 21. لكن بعد عقد كامل ليس ثمة ما يشير الى ان تلك الاتفاقيات اثمرت شيئا.

ولم يحدث اي تحسن فيما يتعلق بالحد من ظاهرة الانبعاث الحراري التي سجلت بعض التفاقم. في الوقت نفسه قالت الامم المتحدة ان اكثر من 800 من الكائنات الحية اختفت بسبب فقدان الموطن، وصار عشرة الاف نوع من الكائنات الحية في عداد الكائنات المعرضة للخطر. كما فقد العالم 2.4 في المائة على الاقل من غابات على الارض خلال عشر سنوات وخسرت افريقيا كثيرا منها. ويقول جاكوب شير مدير البرامج الدولية في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، وهو منظمة بيئية اميركية انه لم ينفذ الا القليل مما تم الاتفاق عليه في قمة ريو لانقاذ ما يمكن انقاذه.

لكن الصورة ليست قاتمة تماما. فقد تراجع انبعاث الغازات المسببة لتآكل طبقة الاوزون وتقلص استخدام وقود البنزين الذي يحتوي على الرصاص، وكل منهما تم التفاوض عليه خارج عملية ريو. ويعتقد البعض مثل شير ان التركيز في قمة جوهانسبرج على برامج الشراكة المحلية بدلا من جهود التخطيط الدولية الضخمة ربما كان اسلوبا اكثر فعالية.

على صعيد اخر، ومع اقتراب القمة القادمة يشعر البعض بالحسرة لعدم وفاء الدول الغنية بوعودها الخاصة بزيادة المساعدات للدول الفقيرة الى ما يساوي 0.7 في المائة من اجمالي الناتج المحلي. وقالت الامم المتحدة انه منذ قمة ريو فان خمس دول فقط هي التي التزمت بتلك التعهدات التي كانت في مقابل التزام الدول الفقيرة بان تنمو بطريقة لا تضر البيئة.