بن إليعزر يعتقد أن الجيش الإسرائيلي استنفد مهامه في الأراضي الفلسطينية

وزيرا الدفاع والخارجية يؤيدان عقد اجتماع المجلس التشريعي الفلسطيني وشارون يعارضه

TT

ما زالت الحكومة الاسرائيلية تتصرف في الاتفاقات مع الفلسطينيين من خلال خلافاتها الداخلية. وبسبب الخلافات بين رئيس الوزراء ارييل شارون، ووزيري الدفاع بنيامين بن اليعزر والخارجية شيمعون بيريس، تقرر تأجيل الاجتماع الذي كان مقررا مساء امس بين بن اليعزر وقادة الجيش من جهة وبين وزير الداخلية الفلسطيني، عبد الرزاق اليحيى، وقادة الاجهزة الامنية من جهة اخرى.

وقالت مصادر مطلعة ان الخلاف يكمن في تراجع شارون عن مواصلة تطبيق تفاهم «غزة ـ بيت لحم اولا»، ازاء المعارضة التي يبديها عدد من قادة الجيش والحملة التي قررها مجلس المستوطنات ضده والتي يطالب فيها باعلان حرب شاملة على الفلسطينيين. ويحاول شارون اعاقة تطبيق الاتفاق منذ اكثر من اسبوع، اذ منع تنفيذ الانسحاب من الخليل في نهاية الاسبوع الماضي، وسعى الى تأجيل الاجتماع مع الوفد الفلسطيني امس. والحجة التي تذرع بها هي «استمرار الفلسطينيين في ممارسات العنف في قطاع غزة». وردد بن اليعزر هذه الحجة من بعده، لكنه اكد ان الحكومة ملتزمة بهذا الاتفاق وتواصل تنفيذه ولكن بحذر.

ولمح بيريس الى انه مختلف مع شارون وبن اليعزر في الممارسات الاسرائيلية في المناطق الفلسطينية، حين قال امس ان «الضغط على الفلسطينيين لا يؤدي الى اية نتيجة تخدم مصالح اسرائيل». وكان بيريس قد اخذ مراسلي الصحف الاجنبية في تل ابيب في جولة حول قطاع غزة زاروا خلالها الحاجزين العسكريين «ايرز» و«كارني» (شمال ووسط القطاع) للاطلاع على «التسهيلات» التي يقدمها الاحتلال للمواطنين، فقال: «يوجد هنا 1.2 مليون انسان نصفهم من الفتية الذين تقل اعمارهم عن 17 عاما. لم يجبرنا احد على الوصول اليهم. لكن طالما اننا وصلنا، اصبح لزاما علينا ان نوفر لهم الحد الادنى المطلوب من الحياة الطبيعية. وسياسة الضغط عليهم لا تفيد». واوضح بيريس ان مكافحة الارهاب يجب ان تقتصر على الارهابيين وليس الناس الآمنين.

وفي هذا السياق، نقل عن بن اليعزر قوله في اجتماع داخلي مع المقربين منه، ان الاحتلال الاسرائيلي للمدن الفلسطينية قد استنفد نفسه، ولم يعد مجديا. وانه سيضع نصب عينه من الآن وصاعدا مهمة الانسحاب. وانه سيفعل ذلك بالتنسيق وبالتعاون مع القادة الفلسطينيين الذين يبدون نوايا جدية للتعاون في وقف العمليات. لكنه في الوقت نفسه ليس معنيا الآن بالدخول في مواجهة مع شارون «فهذه تتطلب موضوعاً يمكن ان يفهمه ويتفهمه الجمهور».

وكان هناك موضوع خلاف آخر بين شارون من جهة وبن اليعزر من جهة اخرى، هو موضوع انعقاد دورة جديدة للمجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله. فقد اكد كل من بيريس وبن اليعزر تأييده لعقد الدورة وتسهيل وصول النواب من جميع انحاء الضفة الغربية وقطاع غزة الى رام الله للمشاركة فيه. لكن شارون راح يضع شروطا لذلك، خصوصا عندما علم ان الموضوع المركزي الذي سيبحث هو: الاصلاحات الفلسطينية والانتخابات المقبلة. فقال انه يريد ان يضمن انتخاب حكومة فلسطينية جديدة لا يقودها الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. واكد ان اسرائيل لن تعترف بأية حكومة فلسطينية يقودها عرفات.

ورداً على ذلك قال نبيل ابو ردينة في تصريحات لوكالة رويترز ان السلطة الفلسطينية يجب الا تتعامل مع الحكومة الاسرائيلية الحالية. واضاف ابو ردينة ان تصريحات شارون غير جدية بدليل استمرار الاجتماعات الامنية. وتابع ان شارون بمثل هذه التصريحات يروج لحملته الانتخابية المقبلة.

يذكر ان مساعد وزير الخارجية الاميركي، ديفيد ساترفيلد، وصل الى اسرائيل امس في مهمة «دفع تطبيق المتطلبات الواردة في خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش حول مستقبل الشرق الأوسط وطلب منه وزير الحكم المحلي الفلسطيني، صائب عريقات، ان يعمل شيئا لوقف الخرق الاسرائيلي للاتفاقيات ـ الالتزامات. وقال: «التعامل مع اسرائيل يتم حتى الآن على اساس انها فوق القانون الدولي وفوق الاعراف وفوق الاتفاقيات. وهناك حاجة لوضع حد امام ممارساتها العدوانية الاحتلالية». وطلب ان يوضع جدول زمني واضح للانسحاب الاسرائيلي من جميع المناطق المحتلة ـ «فالاحتلال هو اساس البلاء. ولا يمكننا التقدم الى الامام طالما يمارس اعتداءاته المتواصلة».

واكد عريقات ان السلطة الفلسطينية تبذل جهودا مخلصة لوقف العنف والعمليات. لكن اسرائيل تعرقل هذه الجهود بواسطة تلك الاعتداءات.

يذكر ان الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني يترقبان سبتمبر (ايلول) المقبل وما سيشهده من تطورات. اذ ان مجلس وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي سيعقد دورته في الاسبوع المقبل في كوبنهاغن لبحث خطة دنماركية جديدة تفضي لاقامة دولة فلسطينية حتى سنة 2005. وتثير الخطة اهتماما اسرائيليا كونها تلائم خطة الرئيس بوش، وتتحدث في المرحلة الاولى عن «اتفاق امني يضع حدا للعنف بكل اشكاله ومن الطرفين» وفي المرحلة الثانية عن «انتخاب مؤسسات تشريعية فلسطينية لاقرار دستور ديمقراطي للدولة الفلسطينية». بينما يحاول الفلسطينيون فهم ما تحتويه من بنود لضمان ازالة الاحتلال عن كامل حدود 1967 والموقف من القدس واللاجئين.

ويترقب الطرفان اواسط سبتمبر، حيث سيلقي وزير الخارجية الاميركي، كولن باول، خطابا امام دورة الجمعية العامة للامم المتحدة يقال انه سيتطرق باهتمام بالغ الى الوضع في الشرق الأوسط. كذلك فان اللجنة الرباعية (التي تضم مندوبين عن الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة) ستعقد جلسة لها على هامش اجتماعات الجمعية العامة في تلك الفترة.