رامسفيلد: القرار الصحيح بشأن العراق أهم من توفر الإجماع وواشنطن مستعدة للتحرك على انفراد لإطاحة صدام حسين

اليابان تعرض مساعدة اللاجئين وألمانيا تكرر رفضها الضربة الوقائية والهند والصين تعارضان

TT

قال وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ان الولايات المتحدة ستجد دعما دوليا اذا قررت القيام بعمل عسكري ضد العراق. لكنه اضاف ان مصلحة الولايات المتحدة ستكون الاساس الذي سيستند اليه الرئيس جورج بوش في اتخاذ قراره بشأن الهجوم المحتمل، واوضح ان «الاجماع» الدولي ليس شرطا لعمل اميركي.

واوضح رامسفيلد اثناء لقاء مع افراد من مشاة البحرية الاميركية وأسرهم في قاعدة كامب بندلتون قرب سان دييغو اول من امس ان «توافر الاجماع شيء اقل اهمية من اتخاذ القرارات الصحيحة والقيام بالعمل الصحيح حتى وان بدا في البداية انه عمل منعزل».

واضاف رامسفيلد قائلا «لا اعرف عدد الدول التي ستشارك اذا قرر الرئيس ان مخاطر عدم التحرك اكبر من مخاطر القيام بعمل». ومضى قائلا ان من المهم اتخاذ القرارات الصحيحة التي تحقق مصلحة الولايات المتحدة وانه «عندما يتخذ بلدنا بالفعل القرارات الصحيحة عندئذ فان الدول الاخرى ستتعاون وتشارك». وقال رامسفيلد «القيادة في المسار الصحيح تجد اتباعا ومؤيدين بالضبط مثلما وجدت القيادة في الحرب العالمية على الارهاب نحو 90 دولة تساعدها وتعاونها». واضاف ان هذا يظهر تعاونا «مدهشا» ولكنه قال مع ذلك «يجب ان نكون على يقين بأن الرئيس لم يطلب من حلفائنا في اوروبا او من تحالفنا دعمه في قرار حول العراق لانه لم يتخذ اي قرار يتعلق بالعراق». واوضح «لاحظت خلال السنوات انه عندما تكون لبلادنا الاحكام الجيدة تتخذ القرارات الجيدة وتشارك معها دول اخرى».

غير ان احد كبار مستشاري وزير الخارجية الاميركي كولن باول دحض اول من امس طرح الادارة، كما ورد على لسان نائب الرئيس ديك تشيني الاثنين الماضي، من «ان اطاحة صدام حسين ستحسن فرص السلام في الشرق الاوسط». وحذر الجنرال المتقاعد انتوني زيني من ان ضرب العراق سيغضب حلفاء اميركا في المنطقة، مضيفا «علينا الكف عن صنع اعداء لانفسنا». واضاف ان على اميركا ان «تصنع السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين وتلاحق شبكة القاعدة اولا» قبل ملاحقة صدام حسين. الى ذلك، قال ريتشارد ارميتاج نائب وزير الخارجية الاميركي امس انه يعتقد ان الولايات المتحدة بوسعها تقديم مبررات قوية للاطاحة بالرئيس العراقي وانها في نهاية الامر ستتمكن من «التحرك للامام». ومضى ارميتاج يقول في مؤتمر صحافي في طوكيو «نعتقد اننا سنتمكن في نهاية الامر من تقديم مبررات قوية ومع مضي الوقت سنمضي قدما في طريقنا... نعتقد ان ترك العراق دون رقابة يمثل تهديدا لجيرانه وتهديدا لنا». ومن المتوقع ان يبحث ارميتاج مع طوكيو الدور المحتمل الذي قد تقوم به في اي هجوم تشنه الولايات المتحدة على العراق خلال زيارته لليابان التي تستمر يومين الا انه صرح في المؤتمر الصحافي بأنه لم يتقدم بأي طلبات محددة عن العراق او اي قضية اخرى. وهذه قضية حساسة لليابان الممزقة بين تحالفها القوي التقليدي مع الولايات المتحدة ودستورها السلمي الذي يجعل أي تمديد لدور اليابان العسكري مثيرا للجدل. وكانت اليابان مثار ازدراء دولي منذ عقد عندما اكتفت بتقديم مساندة مالية لحرب الخليج الا انها ما زالت تفتقر للقوانين اللازمة لكي تقدم مساندة عسكرية سريعة. واعتبرت صحيفة «يوميوري» اليابانية انه سيكون «من الصعب جدا» ارسال جنود في ظل الوضع الحالي للقانون الذي يحصر «مشاركة اليابان في الامور المرتبطة باعتداءات 11 سبتمبر (ايلول)». ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي قوله ان «المساعدة على ضرب العراق ستجعل البلدان العربية المنتجة للنفط في موقع العداء لنا وستطرح امام اليابان مشكلة التزود بالنفط». وصرح مسؤول كبير في وزارة الخارجية، بحسب الصحيفة نفسها، «ما تستطيع اليابان عرضه هو مساعدة للاجئين ومساعدات اخرى لتأمين استقرار البلدان المجاورة والمساهمة في اعادة الاعمار بعد انتهاء العمليات». وطوكيو هي المحطة الخامسة والاخيرة في جولة ارميتاج الآسيوية التي شملت ايضا سري لانكا والهند وباكستان والصين.

وتجد واشنطن صعوبة هذه المرة في الحصول على تأييد دولي لمهاجمة العراق. واصبحت الصين والهند احدث حكومتين تعربان عن معارضتهما لضرب العراق، ونقلت صحيفة «تشاينا ديلي» عن وزير الخارجية الصيني تانج جيا شيوان قوله ان استخدام القوة او التهديد بها لا يساعد على حل المسألة العراقية. وقال ياشوانت سينها وزير الشؤون الخارجية الهندي قبل ايام للصحافيين «نحن واضحون جدا بشأن عدم اللجوء الى العمل العسكري ضد اي دولة خاصة بغرض تغيير النظام». واكد مسؤول بوزارة الخارجية الهندية امس ان موقف الهند لم يتغير وقال «سياستنا متسقة ولن تتغير خلال الايام او الاسابيع القليلة المقبلة».

الى ذلك، حذر وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر مجددا امس من مخاطر شن حرب «وقائية» اميركية على العراق تؤدي على حد قوله الى «نظام جديد» في الشرق الاوسط. وقال فيشر في حديث للاذاعة الالمانية ان تدخلا عسكريا اميركيا في العراق سيترتب عليه «نظام جديد في الشرق الاوسط». وشكك وزير الخارجية الالماني في ان تكون واشنطن وصلت في تمعنها في الامر «الى النهاية» وقال «لدي علامات استفهام كبرى» في هذا الصدد. واضاف انه اذا وضعت الولايات المتحدة تهديداتها موضع التنفيذ «فسوف تتحمل كامل المسؤولية عن السلام والاستقرار في الشرق الاوسط» الذي قال انه منطقة «شديدة المخاطر». وذكر بأن برلين اوضحت موقفها لواشنطن لان اوروبا، جارة الشرق الاوسط، ستتأثر مباشرة بالتدخل الاميركي. وقال «لذلك قلنا بوضوح اننا نرفض تحركات خاطئة ولن نشارك» في مثل هذه المبادرة. وتتفق هذه التصريحات مع تلك التي ادلى بها يوم امس الاول المستشار الالماني جيرهارد شرودر الذي اعتبر ان الولايات المتحدة ترتكب «خطأ» بالتلويح بتهديد التدخل قبل عودة مفتشي الامم المتحدة الى هذا البلد.