«اللقاء التشاوري» المسيحي يبدأ نشاطاته بزيارات رئاسية والجميل يدعو «لتوضيح» قضية الوجود السوري في لبنان

TT

لقي البيان التأسيسي لـ «اللقاء التشاوري» الذي اعلن في البرلمان اللبناني اول من امس وضم 42 نائباً مسيحياً، ترحيباً واسعاً في الاوساط السياسية، خاصة لجهة تأكيده على التمسك بالدستور ووحدة لبنان والتحالف الاستراتيجي مع سورية واتفاق الطائف. الا ان الرئيس اللبناني الاسبق امين الجميل، الذي اعرب عن سروره لولادة هذا اللقاء واعتبره «فاتحة خير»، سجل جملة ملاحظات على مضامين البيان التأسيسي معتبراً القول بقوى تقسيمية «مرحلة تجاوزها لبنان» وداعياً الى «توضيح قضية الوجود السوري المؤقت». واشار الى وجود «تفسير مغاير لجهة تطبيق اتفاق الطائف» بين «اللقاء التشاوري» و«لقاء قرنة شهوان» المسيحي المعارض الذي يعتبر الجميل احد اركانه.

واعلن عضو «اللقاء التشاوري» النائب مخايل ضاهر ان «اللقاء» سيزور رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري قريباً وان رئيس اللقاء النائب قبلان عيسى الخوري سيطلب خلال الايام المقبلة المواعيد لذلك.

وتعليقاً على ردود الفعل المتحفظة على ما تضمنه بيان اللقاء حول الوجود السوري في لبنان قال ضاهر: «ان وثيقة الوفاق الوطني نصت على اعادة انتشار الجيش السوري في لبنان بعد سنتين من تنفيذ الاصلاحات الدستورية. اما الانسحاب من لبنان فيتم بالاتفاق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، في ضوء الحالة الراهنة. والحكومات المتعاقبة في لبنان تقول ان الوجود السوري في لبنان مؤقت ولكننا لا نزال في حاجة اليه. وقد نالت هذه الحكومات ثقة المجلس النيابي على هذا الاساس. وهذه الحكومات لم تجد ضرورة لأن ينسحب الجيش السوري راهناً».

وعن عدم تضمن البيان اشارة الى ضرورة تصحيح العلاقات اللبنانية ـ السورية، قال: «لقد ركزنا في البيان على مرجعية وثيقة الوفاق الوطني. وكل من وافق على هذه الوثيقة يقبل ببنودها. وكل من لم يقبل بها سيظل رافضاً كل المسائل».

من جهته، اعرب الرئيس الاسبق للجمهورية، امين الجميل، عن سروره لما تضمنه بيان «اللقاء التشاوري» من «تأكيد على كل المسلمات التي نؤمن بها ومنها دور لبنان الحضاري والانساني على الصعيدين العربي والدولي، وضرورة تحقيق السيادة والاستقلال والامن والغاء الجزر الامنية وضرورة تحرير القضاء من الضغوطات واعادة بناء الادارة. وتوقفنا عند امور ايجابية بما فيها العلاقات اللبنانية ـ السورية». وقال: «يمكن ان تكون هناك ملاحظات حول القوى التقسيمية التي تحدث عنها البيان، فانها مرحلة تجاوزها لبنان وانا لا اعتقد أن هناك اصواتاً تنادي بذلك. وتبقى العبرة في التنفيذ والتفاصيل. وعلينا التفاهم حول موضوع السيادة عبر لقاءات وحوار لتحديد مفهوم السيادة الذي هو واحد. وكذلك علينا توضيح قضية الوجود السوري المؤقت. وهذا الامر علينا بحثه من خلال اتفاق الطائف. وهناك ايضاً تفسير مغاير لجهة تطبيق اتفاق الطائف. وانا اعتبر هذا اللقاء فاتحة خير ولو كنت نائباً لطلبت الانضمام اليه، فهو ينطلق من مبادئ كلنا ننادي بها. واعتقد ان ذلك مدخل مهم من اجل حوار بناء بين هذا اللقاء وقرنة شهوان ما دام ليس هناك اختلاف على المبادئ التي ارتكزت عليها الوثيقة التأسيسية لهذا اللقاء التشاوري».

وفي الاطار نفسه، قال نائب رئيس مجلس الوزراء عصام فارس ان عدم مشاركته في «اللقاء التشاوري» نابع من موقف ثابت اتخذه مذ قرر الانخراط في الحياة السياسية اللبنانية وهو «البقاء خارج التكتلات واللقاءات التي تتسم بطابع طائفي» معرباً عن احترامه وتقديره للمشاركين فيها وعلاقات الود والصداقة التي تربطه بهم جميعاً. وأيد فارس «كل حوار وتشاور يؤديان في نهاية المطاف الى رص الصف الوطني وترسيخ الوحدة اللبنانية»، متمنياً «ان يتطور هذا التحرك المسيحي الذي نشهده في هذه الايام الى لقاء تشاوري وطني حقيقي يرعاه رئيس الجمهورية ويكوكب الجميع حول الثوابت والمسلمات اللبنانية».

واعتبر وزير الاشغال العامة والنقل نجيب ميقاتي ان الاعلان عن اللقاء النيابي التشاوري «يشكل مساحة جديدة للحوار المنشود بين جميع الاطراف والفئات، على قاعدة الثوابت التي اجمع عليها اللبنانيون، وصولاً الى ايجاد الحلول المناسبة لكل المشاكل المطروحة». وقال: «لا يسعنا في هذا الصدد الا ان نتبنى المواقف التي اعلنها اللقاء وفي مقدمها تأكيد المبادىء الاساسية التي قام عليها لبنان والاحتكام الى الدستور والمؤسسات ورفض التجزئة والتقسيم والتوطين والتشديد على الوحدة الوطنية والتحالف الاستراتيجي مع الشقيقة سورية على قاعدة سيادة البلدين واستقلالهما». واقترح النائب ناظم الخوري (عضو اللقاء التشاوري) تحويل «اللقاء» مكاناً للحوار ولمناقشة اداء السلطة وتقديم اقتراحات قوانين وفي مقدمها قانون جديد للانتخابات. وأخذ على الاداء السياسي تسببه بأزمة سياسية ووطنية «جراء تحريف الدور السوري في لبنان وتقليصه الى درجة استحضاره في الخلافات الداخلية».

وقال النائب محمد قباني: «ان البيان الذي صدر عن اللقاء التشاوري يحمل كلاماً وطنياً من الضروري الترحيب به، بل انه كلام يمكن لأي وطني لبناني ان يوقع عليه نظراً لما استند اليه من ثوابت وطنية وروح ديمقراطية».

وقال النائب جان اوغاسبيان اثر زيارته البطريرك الماروني نصر الله صفير امس، انه اكد ان «اللقاء ليس ضد اي فريق او انه قام ليحل محل اي فريق ولا محل الدولة ولا المجلس النيابي. وما يجمع هذا اللقاء هو النهج والخطاب السياسي لنواب ووزراء ينتمون لمختلف الكتل والاحزاب السياسية».

وشدد حزب «الوعد» الذي اسسه النائب والوزير الراحل الياس حبيقة والذي ترأسه حالياً زوجته جينا حبيقة على «اهمية الحوار باعتباره وسيلة انفتاح وتواصل واسلوبا اساسياً لترسيخ المصالحة».