الأوروبيون والأميركيون أكثر توافقا في الآراء من حكوماتهم بشأن القضايا الدولية الرئيسية

استطلاع يعكس تصورات مشتركة حول الإرهاب والتطرف وأزمة العراق

TT

كشف استطلاع واسع للآراء اجري في الولايات المتحدة وأوروبا، ان الرأي العام على جانبي المحيط الاطلسي اكثر اتفاقا ووحدة مما يوحي به الجدل المحتدم بين ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش والقادة الاوروبيين حول جملة من قضايا السياسة الخارجية والامن. وقالت اغلبية كبيرة في الاستطلاع الذي اجري في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) الماضيين، انها تعتقد ان من حق اميركا ان تغزو العراق اذا حصلت على موافقة الامم المتحدة وحلفائها المختلفين. وكشف الاستطلاع كذلك ان أغلبيات ضخمة في كل من اميركا واوروبا تحمل نفس الآراء والتصورات حول الارهاب العالمي والتطرف الديني واستخدام القوة العسكرية في التعامل مع هذه الاخطار والظواهر، سواء كانت فعلية او محتملة.

ويتفق الاوروبيون والاميركيون كذلك على انه من المرغوب فيه ان تلعب الولايات المتحدة وأوروبا كلتاهما دورا قياديا في القضايا العالمية. وتوافق أغلبيات كبيرة (77% من الاميركيين، و76% من الاوروبيين) على العبارة التي تقول: «يجب تقوية الامم المتحدة».

وقال كريغ كيندي، رئيس مشروع مارشال الألماني ـ الاميركي الذي أجرى الاستطلاع بالتعاون مع مجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية: «رغم الضجة المثارة حول الخلافات، الا ان هناك توافقا كبيرا في رؤية الاميركيين والاوروبيين للعالم. هناك توافق كبير فيما يتعلق بالاخطار وكيفية مواجهتها وحول اهمية ان تعمل الولايات المتحدة وأوروبا في تعاون لصيق مع بعضهما البعض».

شارك في الاستطلاع 3262 أميركيا، و1000 شخص من كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا وهولندا وبولندا. ونفذت الاستطلاع الاميركي شركة «هاريس انترآكتيف»، كما اجرت الاستطلاعات الاوروبية شركة «ماركتينغ آند اوبينيون ريسيرش انترناشونال». ويشير الاستطلاع الى ان هامش الخطأ يتراوح بين 2% و4% سلبا او ايجابا.

ويكشف الاستطلاع عن ان تغيرات عميقة حدثت بالنسبة للاميركيين فيما يتعلق بمفاهيمهم وتصوراتهم حول العالم وان قضية الارهاب قفزت الى قمة الاهتمامات الاميركية، وصار اهتمام الاميركيين بالاخبار العالمية اكبر مما كشفته استطلاعات الرأي طوال الثلاثين عاما الماضية.

91% من الاميركيين صنفوا الارهاب كخطر «داهم»، وقال 61% ان على واشنطن ان ترفع من درجة تعاونها مع الدول الاخرى لمكافحته. وصنف 58% من الاوروبيين، و86% من الاميركيين احتمال حصول العراق على اسلحة الدمار الشامل باعتباره «خطرا جسيما». وقال 25% من الاوروبيين ان الولايات المتحدة يجب الا تغزو العراق مطلقا، بينما قال 10% من الاميركيين ان على الولايات المتحدة ان تغزو العراق حتى ولو فعلت ذلك منفردة. ومع ان الجمهور على جانبي الاطلسي يوافقون على استخدام القوة العسكرية، الا ان خلافات عميقة ظهرت حول كيفية دفع التكلفة المترتبة على استخدام القوة. ودعا 22% من الاوروبيين الى رفع موازنات الدفاع ولكن 33% دعوا الى تخفيضها. وعلى العكس من ذلك دعا 44% من الاميركيين الى زيادة موازنات الدفاع بينما دعا 15% الى تخفيضها.

وكان الاميركيون اكثر تعاطفا مع ادارة الرئيس بوش، وقال 53% ان تعاملها مع قضايا السياسة الخارجية كان اما ممتازا او جيدا، لكن 56% من الاوروبيين صنفوا هذا التعامل بين «مقبول وضعيف». وكانت الفجوة الكبرى حول الحرب الافغانية، إذ صنف 60% من الاوروبيين اداء الادارة بين «مقبول وضعيف»، و55% من الاميركيين بين «ممتاز وجيد».

ولكن الطرفين يميلان الى الاتفاق فيما يتعلق ببعض القضايا المحددة، ومن ذلك ازمة الشرق الاوسط، اذ قال 74% من الاوروبيين و61% من الاميركيين ان اداء الادارة كان بين مقبول وضعيف حول النزاع العربي ـ الاسرائيلي، كما اعطى 71% من الاوروبيين و62% من الاميركيين تقديرا متدنيا للبيت الابيض في طريقة تعامله مع العراق.

ويعتقد 55% من الاوروبيين ان سياسة الولايات المتحدة الخارجية ساهمت في حدوث ضربات 11 سبتمبر. ولكن الاميركيين لم يوجه لهم هذا السؤال. وقال كيندي: «لا أعتقد ان هذا يمكن ان يعتبر نقدا للولايات المتحدة، ولكنه يعبر عن رأي الاوروبيين بأن أميركا هي القوة العظمى الوحيدة وان ما تفعله يؤثر على الجميع».

ويظهر الاوروبيون والاميركيون توافقا كبيرا في ترتيبهم لاهمية بعض القضايا العالمية مثل: الاضطراب السياسي في روسيا، المنافسة الاقتصادية، الاحتباس الحراري والارهاب العالمي. ولكن واحدة من قضايا الخلاف هي صيرورة الصين قوة عظمى. ويعتقد 56% من الاميركيين ان هذه قضية بالغة الاهمية والخطر، ولكن 19% فقط من الاوروبيين يوافقونهم الرأي.

وقال هناك تأييد واسع لاستخدام القوة العسكرية في مواقف محددة. فعلى سبيل المثال يرى 92% من الاميركيين و76% من الاوروبيين انهم يوافقون على استخدام القوة لتدمير معسكر ارهابي، ويوافق 77% و78% على التوالي على استخدام القوة لإنقاذ الرهائن، كما يرى 76% و80% انه يجب استخدام القوة العسكرية لفرض وتنفيذ القرارات والقوانين الدولية.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»