مجلس المطارنة الموارنة يكرر المطالبة بـ«تصحيح العلاقة بين لبنان وسورية»

TT

كرر مجلس المطارنة الموارنة مطالبته بـ«تصحيح العلاقة بين لبنان وسورية بتطبيق اتفاق الطائف والقوانين الدولية» محذراً من ان «استمرار التردي سيصيب سورية ايضاً» ومؤكداً «اننا اخترنا باقتناع توثيق امتن علاقة مع سورية... بعيداً عن اي استقواء بقريب او بعيد». لكنه اشار الى ان محاولات الحوار مع سورية «لم تأت بفائدة بعدما ادرك القائمون بها اليأس من النجاح جراء المماطلات والايهام والهروب»، في اشارة الى تحرك وزير الخارجية الاسبق فؤاد بطرس. واستغرب المطارنة الموارنة كيف ان «الوهن بلغ بعض المسيحيين فانتقلوا الى الجهة المقابلة بسرعة» ملاحظين ان «كل فئة او حزب او جماعة، لا سيما من المسيحيين، انقسمت على ذاتها فأصبحت اثنتين».

وقال مجلس المطارنة في ندائه الثالث الذي اطلقه في ختام اجتماعه برئاسة البطريرك الماروني نصر الله صفير امس: «منذ فترة، راحت وسائل الاعلام تحمل انباء مقلقة عن منطقة الشرق الاوسط، مؤداها ان الولايات المتحدة تستعد لشن هجوم صاعق على العراق لتبديل السلطة الحاكمة فيه. وهو هجوم ستكون له عواقب وخيمة على الشعب العراقي ... وما قد يستتبعها من ادخال تغيير على خريطة المنطقة السياسية، قد يتمثل بتقليص مساحة دول لمصلحة قيام دويلات. وليس من يجهل ان هناك من يقول منذ زمن بإسقاط كل ترتيبات ومفاعيل اتفاقية سايكس- بيكو التي قسمت المشرق العربي الى كيانات سياسية تفصل بينها حدود مصطنعة. ولبنان هو المعني بهذا القول بالدرجة الاولى، وفاتهم ان الكيان اللبناني هو اقدم واعرق كيان في المنطقة، وقد احتفظ بما يتميز به من خصائص، على الرغم مما توالى عليه من جيوش وطرأ على حدوده من مد وجزر».

واضاف: «اذا كانت هذه حال دول المنطقة فكيف بلبنان الذي لا يزال يعاني، في ما يعاني، من الوجود الفلسطيني فيه منذ اكثر من نصف قرن؟ وهو لم يتمكن حتى اليوم، لالف سبب وسبب، من السيطرة على ما فيه من مخيمات فلسطينية، اسوة بالبلدان العربية. ولقد اصبحت مرتعا للخارجين على القانون، يلجأون اليها لعلمهم انهم سيكونون فيها في مأمن من كل ملاحقة. وهذا ما يلحق بسيادة لبنان والقضاء فيه ضرراً كبيرا».

واستغرب المجلس كيف ان «كل فئة او حزب او جماعة، ولا سيما من المسيحيين، انقسمت على ذاتها، فأصبحت اثنتين. والامثلة كثيرة، ومن بينها من كانت الى هذه الجهة، واشدها تمسكا بمبادئها، وتشبثا بعقائدها، وتصلبا بمطالبها، فاذا بها تنتقل الى الجهة المقابلة، وتبدي هنا ما كانت تبديه هناك من تمسك وتشبث وتصلب. وكثيرون هم الذين يتساءلون، لا بل يطرحون عليها السؤال: أإلى هذا الحد بلغ من بعض المسيحيين الوهن والضعف لينتقلوا من جهة الى الجهة المقابلة بمثل هذه السرعة؟ لا نريد ان نضيع في انتحال الاعذار. لكن هناك امرا راهنا، وهو ان الولاء للوطن ضعيف، والمصلحة الخاصة تتقدم على الخير العام ... فلا بد للضعفاء من ان يضعفوا امام الاغراءات. فكيف اذا داولوا لهم بين اللين والشدة، وكالوا لهم الوعود، ولاحقوهم بالوعيد؟ وقديما قيل: فرق تسد». وقال البيان «لا يزال هذا المبدأ ساري المفعول. وهو لا يزال يفعل فعله في المسيحيين وغير المسيحيين، وكذلك اسلوب الوعود والوعيد. ولا بد من التنبيه الى ان حالة الانقسام هذه قد تؤدي الى المزيد من شرذمة الصفوف والتلهي بالمشكلات الداخلية الفئوية، وتناسي القضايا الوطنية المصيرية».

وانتقد المجلس «الفساد المستشري في كل قطاعات الدولة، ابتداء من الادارة، مروراً بالمال العام، انتهاء بالقضاء». واثنى المجلس على«كل مبادرة توفيقية من شأنها ان تؤول الى مصالحة وطنية شاملة». وقال بـ «صراحة»: «اننا اخترنا مقتنعين ان نوثق امتن علاقات الاخوة والمودة مع الشقيقة سورية بالاعتماد على ارادة اللبنانيين الموحدة، وذلك بعيداً عن اي استقواء بقريب او بعيد. ومعلوم ان المودة كالدين، لا اكراه فيها. وفي ذلك مصلحة مشتركة. ولكن من حقنا ان نرتب شؤون بيتنا بنفوسنا. وهذا من شأن الاخوة الصحيحة. ولذلك قامت محاولات صادقة تولاها، غير مرة، رجال لبنانيون محنكون مخلصون، طوال اشهر، ولم تأت بفائدة، بعد ان ادركهم اليأس من النجاح من جراء المماطلات والابهام والهروب. وليس من يجهل ان هناك اناساً من البلدين يتضررون من تصحيح الوضع. ولكن من واجب الحكام العقلاء القادرين، ان يضعوا حداً لهذه الحال المزرية. ولبنان يغرق يوماً بعد يوم في بحر الديون الباهظة، والقوى الحية فيه تهاجر، ربما الى غير رجعة، والمستقبل لا يبدو مشرقاً. لذلك، طالبنا، ونطالب بتصحيح العلاقة بين لبنان وسورية بتطبيق اتفاق الطائف والقرارات الدولية. اذ لو حصل ما نرجو الا يحصل، فلن تقع المصيبة على لبنان وحده، بل ستصيب جارته الاعز عليه، سورية».