صحافي أمضى سنوات في أفغانستان يعرض في لندن شريطا جديدا لابن لادن يكشف سبب تحوله ضد أميركا

TT

عرض صديق سابق لأسامة بن لادن، امس، مقتطفات من شريط فيديو يكشف فيه زعيم «القاعدة» عن اسباب تحوله نحو معاداة الولايات المتحدة.

وقال عصام دراز الصحافي المصري الذي امضى مع بن لادن في أفغانستان بعض الوقت خلال فترة محاربة القوات السوفياتية ان هذا الشريط يكشف عن اسباب التحول الاستراتيجي في فكر بن لادن الى الكراهية الشديدة للولايات المتحدة، والتي انعكست في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وفي مؤتمر صحافي عقده في لندن أمس، تحدث دراز الذي عاش في منزل بن لادن لفترة محدودة قبل ان يتوجه زعيم «القاعدة» الى الخرطوم ورفيقه دراز الى القاهرة، عن لقاءات لمسؤولين كبار من ضباط المخابرات السودانية، ومن الجناح العسكري للجبهة الاسلامية التي يتزعمها الدكتور حسن الترابي مع زعيم «القاعدة» عام 1989 اثناء وجوده في أفغانستان. وتطرق الى الترحيب الكبير بالشيح حسن الترابي من قادة «الأفغان العرب» وزعماء الجهاد الأفغاني اثناء زيارته لبيشاور الحدودية في نفس العام.

وخلال اربع سنوات امضاها دراز مصورا صحافيا كان يغطي اثناءها أنباء المجاهدين ضد الاحتلال السوفياتي، تعرف على بن لادن واقترب منه وكان يتناول معه الطعام ويعيش معه في مخابئه الجبلية.

وتناول دراز في اكثر من كتاب وشريط مصور تفاصيل الفترة التي امضاها بالقرب من زعيم «القاعدة»، منها كتاب «بن لادن يروي قصة مأسدة الانصار»، و«ملحمة المجاهدين العرب في أفغانستان»، و«القصة الدامية للغزو الروسي لأفغانستان»، بالاضافة الى اكثر من فيلم وثائقي منها «مأساة الانسان في أفغانستان والدور السعودي في دعم الشعب الأفغاني»، و«أفغانستان الطريق الى النصر»، و«الانصار العرب في أفغانستان».

وقال دراز (55 سنة) وهو ضابط سابق في الجيش المصري وموجود حاليا في لندن للبحث عن دار لنشر كتابه الجديد عن بن لادن، ان بن لادن كان خلال فترة الجهاد السوفياتي رجلا طيبا و«مقاتلا عظيما، ولذلك التف حوله العرب. لم يتمتع بشخصية جذابة الا انه كانت لديه لمسة انسانية مع الجميع. لم يكن قياديا، بل كان يتعامل مع الآخرين كأخ لهم».

وكشف دراز عن وجود مواد وثائقية لم تعرض بعد عن بن لادن وعن قيادات في «القاعدة» لم يتطرق اليها احد من قبل. واوضح انه بصدد عمل فيلم وثائقي طويل عن الفترة التي قضاها بصحبة زعيم «القاعدة».

وقال دراز ان شريط الفيديو الجديد، ومدته 60 دقيقة، هو عبارة عن خطبة لزعيم «القاعدة» في المسجد الذي يحمل اسم عائلته في جدة، وفيه يتحدث بن لادن عن الانتفاضة الفلسطينية الاولى، واسباب عداء الاسلاميين المستحكم للولايات المتحدة، وذلك قبل 11 عاما من الهجمات على نيويورك وواشنطن. واضاف ان الشريط يكشف بوضوح ان القضية الفلسطينية كانت تحتل حيزا كبيرا من فكر بن لادن قبل 11 عاما من الهجمات الارهابية على أميركا. واوضح ان «الظروف التي تحدث فيها بن لادن عن مأساة الفلسطينيين بعد الانتفاضة الاولى في خطبته الشهيرة بمسجد بن لادن بجدة عام 1990، لا تختلف كثيرا عن الظروف التاريخية التي نعيشها الآن».

وقال دراز انه حاول إثناء زعيم «القاعدة» خلال اكثر من لقاء في منزل بن لادن بجدة عن محاولة الذهاب الى السودان. واعتبر دراز ان ذهاب بن لادن الى الخرطوم هو حجر الزاوية في تاريخ «الأفغان العرب» نحو المواجهة الدامية مع الولايات المتحدة.

ويتذكر الكاتب الصحافي دراز الاوقات والساعات الطويلة التي كان يلتقي فيها بن لادن بعيدا عن مساعديه الكبار مثل أيمن الظواهري وأبو حفص المصري (قتل في الغارات الأميركية على كابل في أكتوبر/تشرين الأول) الماضي. ويقول «لقد حاولت ان اشرح لابن لادن ان ذهابه الى السودان الذي وقف الى جانب الغزو العراقي للكويت يعني وقوفه الى جانب المعتدي في آن واحد».

ويوضح ان التقاء بن لادن بقادة التيارات الجهادية في الخرطوم، كان بمثابة حجر الزاوية في تغير فكره الاستراتيجي نحو المواجهة، التي لا رجعة عنها، مع الولايات المتحدة. ويضيف دراز ان بن لادن دعاه في اكثر من مناسبة الى الذهاب معه الى السودان، ولكنه رفض وآثر العودة الى مصر.

وقال دراز «لقد اكدت له ان الوقت والمكان غير ملائمين وان الامر سينتهي به كعدو لبلاده»، مضيفا انه لم يره بعد ذلك ابدا.

وفجر دراز مفاجأة بكشفه عن الاتصالات التي كان يجريها ضباط المخابرات السودانية ومسؤولون كبار من الجناح العسكري لجبهة الترابي مع بن لادن عام 1989 اثناء وجوده في أفغانستان وفي جدة. وقال «ان عروضهم كانت كبيرة والضمانات الأمنية كبيرة ولا حدود لها».

وتطرق دراز الى الضغوط التي مارستها السلطات السعودية ضد بن لادن بعدم اعطائه تصريحا للسفر بعد عودته من أفغانستان، لكنه لم يتعرض للتسهيلات التي منحت له لالقاء خطبه في جدة حتى مغادرته الى الخرطوم.

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول شريط الفيديو الجديد الذي عرضت لقطات منه امس، قال دراز انه شخصيا فوجئ اثناء تصويره لهذا الشريط في جدة عام 1990، بأنه لم يهاجم الاتحاد السوفياتي الذي انتهى من قتاله وادى الى خروج قواته من أفغانستان، بل ركز الخطبة كلها على الولايات المتحدة بل تحدث باسلوب كل عربي ومسلم عن المهانة التي يشعرها كل مسلم ضد اميركا بسبب مساندتها لاسرائيل.