بلير يعود من لقائه مع بوش باتفاق على السعي لتشكيل «أوسع» تحالف دولي ضد العراق

TT

اعلن رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، مساء اول من امس في قاعدة اندروز الجوية قرب واشنطن ان واشنطن ولندن ستسعيان للحصول على اوسع دعم دولي ممكن لمواجهة الخطر الذي تشكله على حد قولهما اسلحة الدمار الشامل العراقية. وقال بلير الذي كان قد عقد لتوه قمة مع الرئيس جورج بوش في مقر اقامته الريفي في كامب ديفيد انهما يتقاسمان «العزم نفسه» لمواجهة «الخطر الحقيقي» الذي يمثله، على حد قولهما، الرئيس العراقي صدام حسين.

وقال بلير في مؤتمر صحافي في قاعدة اندروز الجوية في ولاية مريلاند قبل عودته الى لندن «لدينا التحليل نفسه والعزم نفسه لمواجهة مشكلة اسلحة الدمار الشامل والرغبة نفسها في الحصول على اوسع دعم دولي ممكن». اما الرئيس بوش الذي اجرى محادثات مع اوفى حليف له استغرقت اكثر من ثلاث ساعات، فلم يدل بأي تصريح اثر هذا اللقاء، لكنه قال قبل الاجتماع «علينا ان نجد حلا لهذه المشكلة للحفاظ على الاجيال المقبلة (...). إن على مجمل المجتمع الدولي ان يجد حلا لهذه المسألة». ورفض بوش وبلير القول ما اذا كانا ينويان طلب اعتماد قرار جديد لمجلس الامن لاجبار الرئيس العراقي على قبول عودة مفتشي نزع السلاح، او للسماح باستخدام القوة ضده. وكرر بوش القول ان هدف الولايات المتدة هو تغيير النظام في العراق، بينما لم يشر بلير الى ذلك. وقال بوش وبلير ان مخاوفهما في ما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل يمكن التأكد منها عبر الاقمار الصناعية التي كشفت وجود عمليات بناء جديدة في العديد من المواقع النووية التي سبق ان فتشتها الامم المتحدة في العراق حسبما قال جاك بوت الذي قام بعمليات تفيتش عدة باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأكد بوش وبلير ان الوضع الحالي في العراق لا يمكن ان يستمر. وقال بلير «ان سياسة عدم التحرك ليست السياسة التي يجب ان نتبعها اذا اردنا ان نكون مسؤولين». واضاف انه بالنسبة للولايات المتحدة وبريطانيا «لا يوجد أي شك في ان النظام العراقي جمع ترسانة من اسلحة الدمار الشامل منذ فترة طويلة». وتابع «ان الرئيس العراقي سعى للحصول على السلاح النووي». واضاف «ان الخطر حقيقي وليس فقط للمنطقة، ولكن لمجمل المجتمع الدولي»، مؤكدا «ان لندن ستقدم الادلة على ذلك علنا بعد بضعة اسابيع، وهذا سيظهر للناس ان الخطر ايا كانت الطريقة لمواجهته، خطر حقيقي». وقال «يجب ان يكون الناس على يقين من اننا سنعالج هذا الوضع بتعقل واتزان». واعتبر ان الرئيس صدام حسين «يخطئ اذا ما اعتقد ان المجتمع الدولي لا يعتزم فرض الالتزام بالقرارات الدولية المتخذة». من جهته، وصف البيت الابيض لقاء بوش وبلير بأنه كان «ممتازا». وقال المتحدث باسم البيت الابيض شون ماكورماك ان بوش وبلير تباحثا في «التهديد الذي يشكله صدام حسين على السلام العالمي وفي اهمية اقناع المجتمع الدولي بهذا التهديد».

واضاف ماكورماك «لقد اتفقا على ان صدام حسين ونظامه يمثلان مشكلة ليس فقط للولايات المتحدة وبريطانيا، بل انه يتحدى ايضا المجتمع الدولي منذ اكثر من عشر سنوات». الى ذلك، أعلن وزير الخارجية الاميركي كولن باول في حديث لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي. بي. سي) امس ان العراق لا يزال ينوي الحصول على السلاح النووي ولكن قد يكون بحاجة الى تسع سنوات قبل ان يتمكن من انتاجه. وقال باول «في ما يتعلق بالسلاح النووي، نعرف ان العراق كان اثناء حرب الخليج (1991) ابعد مما كنا نتصور. وهكذا يمكن ان نتناقش لمعرفة ما اذا كان بحاجة الى سنة او خمس سنوات او تسع سنوات قبل ان يكون قادرا على انتاج اسلحة نووية».

واضاف باول «النقطة المهمة هي انهم (العراقيون) لا يزالون يسعون للحصول على التكنولوجيا. وان سعوا للحصول على التكنولوجيا فهذا يعني بالطبع انهم يريدون الحصول على السلاح النووي». وأكد باول ان «الرئيس (الاميركي جورج بوش) لم يقرر بعد القيام بعمل عسكري» ضد العراق، وأكد ان بوش سيتشاور قبل ان يتخذ مثل هذا القرار، مع الدول الصديقة والادارة الاميركية والمجتمع الدولي. واعتبر باول الذي أعلن مجددا «اهمية عودة» مفتشي الاسلحة الدوليين الى العراق «لمعرفة ما فعل العراقيون منذ (مغادرتهم) عام 1998»، واضاف «ان العراق اضعف بكثير حاليا، عسكريا، مما كان عليه اثناء حرب الخليج». وقال «حسب تقديري فان قدرة الجيش العراقي تساوي ثلث أو ما يزيد بقليل على ما كانت عليه منذ 12 عاما». وقال «يجب ألا نسمح لهذا النظام بأن يستخف باستمرار بالمجتمع الدولي والعالم المتحضر».

الى ذلك، أعلن وزير الدفاع الايطالي انطونيو مارتينو امس ان رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني سيلتقي الرئيس الاميركي جورج بوش يوم الجمعة المقبل في واشنطن للتباحث بشأن العراق. ولمح الوزير على هامش ندوة في تشرنوبيو على ضفاف بحيرة كومو شمال ايطاليا، الى ان روما لم تحسم حتى الآن موقفها بشأن موضوع العراق، وقال «حتى الآن يوجد هذا اللقاء لبرلسكوني يوم الجمعة في واشنطن. وسنرى لأن الوضع ليس واضحا».

وأعلن مسؤول حكومي بريطاني كبير امس ان «افضل طريقة ممكنة» لمعالجة المسألة العراقية هي ان تعالج في الامم المتحدة، شرط ان لا يعني الامر ارجاء صدور قرار الى اجل غير مسمى. وقال المسؤول متحدثا الى الصحافيين في الطائرة التي اعادت بلير امس من واشنطن «كما سيقول رئيس الوزراء امام مؤتمر اتحاد النقابات، فان الامم المتحدة بصفتها مؤسسة تمثل الاسرة الدولية، تعتبر المكان المناسب لمعالجة مسائل كهذه» (المسألة العراقية). واضاف «لكنها مسألة يتعين معالجتها. فلا يمكن البقاء في وضع يستمر فيه صدام حسين على مدى سنوات طويلة في الاستهتار بالارادة الدولية». غير ان المسؤول رفض التكهن بما اذا كان بوش سيطرح مسألة صدور قرار جديد عن الامم المتحدة في الكلمة التي سيلقيها الخميس أمام الجمعية العامة للمنظمة الدولية. ولمح الى ان المحادثات بين بلير وبوش تناولت أيضا الخيار العسكري، وقال ردا على سؤال حول تدخل عسكري محتمل ضد نظام بغداد «لقد بحثا كما كان متوقعا كل ما يتعلق بالوضع في العراق». كذلك اشار الى ان الاميركيين عرضوا على محاوريهم البريطانيين عناصر جديدة حول ترسانة اسلحة الدمار الشامل التي تملكها بغداد على حد قولهم.

وفي موسكو حذر وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف امس في تصريح نقلته وكالة ريا ـ نوفوستي من ان تدخلا اميركيا في العراق قد يلحق «ضررا لا يمكن اصلاحه بالائتلاف الدولي ضد الارهاب». وقال ايفانوف متحدثا عن التهديدات الاميركية بضرب العراق ان اي محاولة للتدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما «لن تعقد الوضع في المنطقة المعنية فحسب، بل قد تلحق ضررا لا يمكن اصلاحه بالتعاون في اطار الائتلاف الدولي ضد الارهاب».